للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاَللَّهُمَّ زَوِّجْنِي فُلَانَةَ وَاَللَّهُمَّ اقْضِ دَيْنِي الْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ كُلَّ مَا يَسْتَحِيلُ السُّؤَالُ مِنْ النَّاسِ فَلَيْسَ بِكَلَامِهِمْ وَمَا لَا يَسْتَحِيلُ مِنْهُمْ فَهُوَ كَلَامُهُمْ فَيُفْسِدُ الصَّلَاةَ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَجُوزُ أَنْ يَدْعُوَ فِي الصَّلَاةِ بِكُلِّ مَا جَازَ خَارِجَهَا، وَلَوْ قَالَ لَا بِمَا يُشْبِهُ كَلَامَ النَّاسِ لَكَانَ مُنَاسِبًا لِمَا قَبْلَهُ تَدَبَّرْ.

(ثُمَّ يُسَلِّمُ) الْمُصَلِّي (عَنْ يَمِينِهِ مَعَ الْإِمَامِ) كَمَا فِي التَّحْرِيمَةِ وَعِنْدَهُمَا بَعْدَهُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ (فَيَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ) إلَى جَانِبَيْهِ وَالسُّنَّةُ أَنْ تَكُونَ الثَّانِيَةُ أَخْفَضَ مِنْ الْأُولَى وَلَا يَقُولُ: وَبَرَكَاتُهُ.

(وَ) يُسَلِّمُ (عَنْ يَسَارِهِ كَذَلِكَ) خِلَافًا لِمَالِكٍ فَإِنَّهُ يُسَلِّمُ مَرَّةً تِلْقَاءَ وَجْهِهِ لِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يُسَلِّمُ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ» وَلَنَا مَا رُوِيَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - سَلَّمَ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ خَدَّيْهِ» وَلَوْ سَلَّمَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ يُصْرَفُ ذَلِكَ عِنْدَنَا إلَى الْيَمِينِ فَيُعِيدُهُ عَنْ يَسَارِهِ.

(وَيَنْوِي الْإِمَامُ بِهِ) أَيْ بِالتَّسْلِيمِ (مَنْ عَنْ يَمِينِهِ وَيَسَارِهِ مِنْ الْحَفَظَةِ) وَاخْتُلِفَ فِي هَذِهِ النِّيَّةِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَنْوِي الْكِرَامَ الْكَاتِبِينَ، وَهُمَا اثْنَانِ وَاحِدٌ عَنْ يَمِينِهِ وَوَاحِدٌ عَنْ شِمَالِهِ، وَالصَّحِيحُ أَنْ يَنْوِيَ الْحَفَظَةَ وَلَا يَنْوِيَ عَدَدًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعْرَفُ بِطَرِيقِ الْإِحَاطَةِ؛ لِأَنَّ الْآثَارَ قَدْ اخْتَلَفَتْ فَقِيلَ: مَعَ كُلٍّ مَلَكَانِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقِيلَ خَمْسَةٌ وَقِيلَ سِتُّونَ وَقِيلَ مِائَةٌ وَسِتُّونَ (وَالنَّاسَ الَّذِينَ) كَانُوا (مَعَهُ فِي الصَّلَاةِ) فَلَا يَنْوِي مَنْ لَا شَرِكَةَ لَهُ فِي صَلَاتِهِ، وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْمَشَايِخِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقِيلَ يَنْوِي جَمِيعَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَقِيلَ: لَا يَنْوِي النِّسَاءَ فِي زَمَانِنَا لِعَدَمِ حُضُورِهِنَّ الْجَمَاعَةَ وَلَوْ قَدَّمَ الْبَشَرَ عَلَى الْمَلَكِ لَكَانَ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّ خَوَاصَّ الْبَشَرِ وَأَوْسَاطَهُ أَفْضَلُ مِنْ خَوَاصِّ الْمَلَكِ وَأَوْسَاطِهِ عِنْدَ أَكْثَرِ الْمَشَايِخِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْوَاوُ لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ فَلَا دَلَالَةَ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ الْمُقَدَّمِ.

(وَالْمُقْتَدِي كَذَلِكَ) أَيْ يَنْوِي فِي جِهَتَيْهِ الْحَفَظَةَ وَالنَّاسَ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ فِي الصَّلَاةِ (وَيَنْوِي) الْمُقْتَدِي أَيْضًا (إمَامَهُ فِي الْجَانِبِ الَّذِي هُوَ) أَيْ الْإِمَامُ (فِيهِ) أَيْ ذَلِكَ الْجَانِبِ يَعْنِي إنْ كَانَ الْإِمَامُ عَنْ يَمِينِهِ نَوَاهُ فِي التَّسْلِيمِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ فِي شِمَالِهِ نَوَاهُ فِي الثَّانِي، وَإِنَّمَا خَصَّ الْإِمَامَ بِالنِّيَّةِ مَعَ دُخُولِهِ فِي الْحَاضِرِينَ؛ لِأَنَّهُ أَحْسَنَ إلَيْهِ بِالْتِزَامِ صَلَاتِهِ صِحَّةً وَفَسَادًا.

(وَفِيهِمَا إنْ حَاذَاهُ) أَيْ إنْ كَانَ الْمَأْمُومُ مُحَاذِيًا لِلْإِمَامِ نَوَاهُ فِي التَّسْلِيمَتَيْنِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ لِلْإِمَامِ حَظًّا مِنْ الْجَانِبَيْنِ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: نَوَاهُ فِي الْأُولَى فَقَطْ (وَ) يَنْوِي (الْمُنْفَرِدُ الْحَفَظَةَ) فِي الْجَانِبَيْنِ (فَقَطْ) إذْ لَيْسَ مَعَهُ سِوَاهُمْ لَا يَصِحُّ خِطَابُ الْغَائِبِ.

وَفِي الْجَامِعِ الْأَصْغَرِ: يَنْوِي رِجَالَ الْعَالَمِ وَنِسَاءَهُ، وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ: يَنْبَغِي لِلْمُصَلِّي أَنْ يَنْوِيَ لِلتَّسْلِيمَتَيْنِ جَمِيعَ أَهْلِ التَّوْحِيدِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ فِي أَحْكَام الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاة]

فَصْلٌ

لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ صِفَةِ الصَّلَاةِ وَكَيْفِيَّتِهَا وَأَرْكَانِهَا وَفَرَائِضِهَا وَوَاجِبَاتِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>