للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنْ بُرٍّ أَوْ دَقِيقِهِ أَوْ سَوِيقِهِ) وَالْمُرَادُ مِنْهُمَا مَا يُتَّخَذُ مِنْ الْبُرِّ أَمَّا دَقِيقُ الشَّعِيرِ أَوْ سَوِيقُهُ فَكَالشَّعِيرِ وَالْأَوْلَى أَنْ يُرَاعَى فِيهِمَا الْقَدْرُ وَالْقِيمَةُ (أَوْ صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ وَشَعِيرٍ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَدُّوا عَنْ كُلِّ حُرٍّ وَعَبْدٍ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ» وَهَذَا حُجَّةٌ عَلَى الشَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْكُلِّ صَاعٌ (وَالزَّبِيبُ كَالْبُرِّ) وَهُوَ رِوَايَةُ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ إذْ كُلُّهُ يُؤْكَلُ كَبُرٍّ (وَعِنْدَهُمَا كَالشَّعِيرِ وَهُوَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ الْإِمَامِ) ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ التَّمْرَ مِنْ حَيْثُ الْمَقْصُودُ وَهُوَ التَّفَكُّهُ قِيلَ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا لَكِنَّ الْأَوْلَى أَنْ يُرَاعَى فِيهِ الْقَدْرُ وَالْقِيمَةُ (وَالصَّاعُ) عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ (مَا يَسَعُ ثَمَانِيَةَ أَرْطَالٍ بِالْعِرَاقِيِّ) كُلُّ رِطْلٍ عِشْرُونَ إسْتَارًا وَهُوَ سِتَّةُ دَرَاهِمَ وَنِصْفٌ فَيَكُونَ أَلْفًا وَأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا، وَكَانَ ذَلِكَ الصَّاعُ قَدْ فُقِدَ فَأَخْرَجَهُ الْحَجَّاجُ وَالْعِرَاقِيُّ عَلَمُ صَاعٍ كَمَا فِي النِّهَايَةِ (مِنْ نَحْوِ عَدَسٍ أَوْ مَجٍّ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ الْجِيمِ الْمَاشِّ وَإِنَّمَا قَدَّرُوهُ بِهِمَا لِعَدَمِ التَّفَاوُتِ بَيْنَ حَبَّاتِهِمَا تَخَلْخُلًا وَاكْتِنَازًا وَأَمَّا التَّفَاوُتُ صِغَرًا وَعِظَمًا فَلَا دَخْلَ لَهُ فِي التَّقْدِيرِ وَزْنًا كَمَا فِي الْإِصْلَاحِ.

(وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثُ رِطْلٍ) بِرِطْلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَهُوَ ثَلَاثُونَ إسْتَارًا وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ.

(وَلَوْ دَفَعَ مَنَوَيْ بُرٍّ صَحَّ) يَعْنِي يَجُوزُ إعْطَاءُ نِصْفِ صَاعٍ وَزْنًا؛ لِأَنَّ الصَّاعَ مُقَدَّرٌ بِالْوَزْنِ وَهَذِهِ رِوَايَةُ أَبِي يُوسُفَ عَنْ الْإِمَامِ (خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ) فِي رِوَايَةٍ رَوَاهَا ابْنُ رُسْتُمَ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْآثَارَ جَاءَتْ بِالصَّاعِ هُوَ اسْمُ الْمَكِيلِ كَمَا فِي الْإِصْلَاحِ.

(وَدَفَعَ الْبُرَّ فِي مَكَان تُشْتَرَى بِهِ) أَيْ بِالْبُرِّ (الْأَشْيَاءُ فِيهِ أَفْضَلُ) ؛ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنْ الْخِلَافِ إذْ فِي الدَّقِيقِ وَالْقِيمَةِ خِلَافُ الشَّافِعِيِّ.

(وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ الدَّرَاهِمُ أَفْضَلُ) مِنْ الدَّقِيقِ؛ لِأَنَّهُ أَدْفَعُ لِحَاجَةِ الْفَقِيرِ وَأَعْجَلُ بِهَا وَالدَّقِيقُ أَفْضَلُ مِنْ الْبُرِّ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ إنْ كَانَ فِي زَمَنِ الشِّدَّةِ فَالْأَدَاءُ مِنْ الْحِنْطَةِ أَوْ دَقِيقِهِ أَفْضَلُ وَفِي زَمَنِ السَّعَةِ الدَّرَاهِمُ أَفْضَلُ.

وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى أَنَّ الْقِيمَةَ أَفْضَلُ لَكِنْ لَا خِلَافَ بَيْنَ النَّقْلَيْنِ فِي الْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّهُمَا نَظَرَا لِمَا هُوَ أَكْثَرُ نَفْعًا وَأَدْفَعُ لِلْحَاجَةِ - وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ -.

[كِتَابُ الصَّوْمِ]

قَدَّمَهُ عَلَى كِتَابِ الْحَجِّ؛ لِأَنَّهُ مِنْهُ بِمَنْزِلَةِ الْبَسِيطِ مِنْ الْمُرَكَّبِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ مَحْضَةٌ وَالْحَجُّ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ وَمَالِيَّةٌ وَالْبَسِيطُ قَبْلَ الْمُرَكَّبِ هَذَا ثَالِثُ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ شَرَعَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لِفَوَائِدَ أَعْظَمُهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>