لَوْ قَتَلَ الْبَاغِي مُوَرِّثَهُ الْعَدْلَ (لَا يَرِثُهُ الْبَاغِي) عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ (إلَّا إنْ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ) فِي قَتْلِهِ (عَلَى الْحَقِّ) زَاعِمًا أَنَّ الْبَاغِي إنَّمَا هُوَ فِي جَانِبِ مُوَرِّثِهِ فَيَرِثُهُ (وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يَرِثُهُ) أَيْ الْبَاغِي الْعَادِلَ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ عَلَى الْحَقِّ أَوْ عَلَى الْبَاطِلِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّهُ قَتْلٌ بِغَيْرِ حَقٍّ فَيُحْرَمُ مِنْ الْمِيرَاثِ اعْتِبَارًا بِالْخَطَأِ وَلَهُمَا أَنَّهُ قَتْلٌ بِتَأْوِيلٍ يَسْقُطُ مَعَهُ الضَّمَانُ فَلَا يُوجِبُ حِرْمَانَ الْإِرْثِ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْعُقُوبَةِ.
وَفِي الْهِدَايَةِ الْعَادِلُ إذَا أَتْلَفَ نَفْسَ الْبَاغِي أَوْ مَالَهُ لَا يَضْمَنُ وَلَا يَأْثَمُ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِقِتَالِهِمْ دَفْعًا لِشَرِّهِمْ وَالْبَاغِي إذَا قَتَلَ الْعَادِلَ لَا يَضْمَنُ عِنْدَنَا وَيَأْثَمُ.
وَفِي الْمُحِيطِ الْعَادِلُ إذَا أَتْلَفَ مَالَ الْبَاغِي يُؤْخَذُ بِالضَّمَانِ وَبَيْنَ الْكَلَامَيْنِ مُخَالَفَةٌ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ مَا فِي الْهِدَايَةِ عَلَى مَا إذَا أَتْلَفَهُ حَالَ الْقِتَالِ إذَا لَمْ يَكُنْ إلَّا بِإِتْلَافِ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِمْ كَالْخَيْلِ لَا عَلَى مَا إذَا أَتْلَفَهُ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْحَالَةِ لِأَنَّ مَالَهُمْ مَعْصُومٌ وَاعْتِقَادَ الْحُرْمَةِ مَوْجُودٌ فَلَا مَعْنَى لِمَنْعِ الضَّمَانِ (وَكُرِهَ بَيْعُ) نَفْسِ (السِّلَاحِ) فَلَا يُكْرَهُ بَيْعُ مَا يُتَّخَذُ مِنْهُ كَالْحَدِيدِ (مِمَّنْ عُلِمَ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْفِتْنَةِ) لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى الْمَعْصِيَةِ.
(وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ) أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْفِتْنَةِ (فَلَا) يُكْرَهُ لِأَنَّ الْغَلَبَةَ فِي الْأَمْصَارِ لِأَهْلِ الصَّلَاحِ.
[كِتَابُ اللَّقِيطِ]
ِ) لَمَّا كَانَ فِي الِالْتِقَاطِ دَفْعُ الْهَلَاكِ عَنْ نَفْسِ اللَّقِيطِ ذَكَرَهُ عَقِيبَ السَّيْرِ الَّذِي فِيهِ دَفْعُ الْهَلَاكِ عَنْ نَفْسِ عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَقَدَّمَ اللَّقِيطَ عَلَى اللُّقَطَةِ لِتَعَلُّقِهِ بِالنَّفْسِ. وَهُوَ فِي اللُّغَةِ مَا يُلْقَطُ أَيْ يُرْفَعُ مِنْ الْأَرْضِ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ ثُمَّ غَلَبَ عَلَى الصَّبِيِّ الْمَنْبُوذِ لِأَنَّهُ بِصَدَدِ أَنْ يُلْقَطَ.
وَفِي الِاصْطِلَاحِ اسْمٌ لِمَوْلُودٍ حَيٍّ طَرَحَهُ أَهْلُهُ خَوْفًا مِنْ الْعَيْلَةِ أَوْ التُّهْمَةِ سُمِّيَ بِهِ بِاعْتِبَارِ مَا يَئُولُ إلَيْهِ وَهُوَ مِنْ بَابِ وَصْفِ الشَّيْءِ بِالصِّفَةِ الْمُشَارِفَةِ كَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ» وَشَرَطَ فِي الْمُسْتَصْفَى أَنْ لَا يَعْرِفَ نَسَبَهُ (الْتِقَاطُهُ) أَيْ أَخْذُ اللَّقِيطِ (مَنْدُوبٌ) مِنْ تَرْكِهِ إنْ لَمْ يَخَفْ هَلَاكَهُ بِأَنْ كَانَ فِي مِصْرٍ لِمَا فِيهِ مِنْ أَرْحَمَ.
(وَإِنْ خِيفَ هَلَاكُهُ) بِأَنْ كَانَ فِي مَفَازَةٍ وَنَحْوِهَا مِنْ الْمَهَالِكِ (فَوَاجِبٌ) صِيَانَةً لَهُ وَدَفْعًا لِلْهَلَاكِ كَمَنْ رَأَى أَعْمَى يَقَعُ فِي بِئْرٍ وَنَحْوِهَا يَجِبُ عَلَيْهِ حِفْظُهُ عَنْ الْوُقُوعِ وَعِنْد الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ فَرْضُ عَيْنٍ.
(وَكَذَا اللُّقَطَةُ) يَعْنِي الْتِقَاطُهَا مَعَ الْإِشْهَادِ وَاجِبٌ إنْ خِيفَ هَلَاكُهَا وَمَنْدُوبٌ إنْ لَمْ يَخَفْ وَأَمِنَ نَفْسَهُ عَلَيْهَا وَقَالَ بَعْضُ التَّابِعِينَ يَحِلُّ رَفْعُهَا وَتَرْكُهَا أَفْضَلُ.
(وَهُوَ) أَيْ اللَّقِيطُ (حُرٌّ) فِي جَمْعِ أَحْكَامِهِ حَتَّى أَنَّ قَاذِفَهُ يُحَدُّ وَلَا يُحَدُّ قَاذِفُ أُمِّهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي بَنِي آدَمَ الْحُرِّيَّةُ وَكَذَا الدَّارُ دَارُ الْأَحْرَارِ لِأَنَّ الْحُكْمَ لِلْغَالِبِ (إلَّا إنْ ثَبَتَ رِقُّهُ بِحُجَّةٍ) أَيْ بِحُجَّةٍ عَلَى أَنَّهُ رَقِيقٌ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ