جَوَازُهُمَا غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ بِعَدَمِ الْجَوَازِ فِيمَا إذَا كَانَ تَوَجَّهَ الْمُصَلِّي إلَى الْبَابِ وَهُوَ مَفْتُوحٌ وَلَيْسَتْ الْعَتَبَةُ مُرْتَفِعَةً قَدْرَ مُؤَخِّرَةِ الرَّجُلِ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ.
(وَمَنْ جَعَلَ فِيهَا ظَهْرَهُ إلَى ظَهْرِ إمَامِهِ جَازَ) لِأَنَّهُ مُتَوَجِّهٌ إلَى الْقِبْلَةِ وَلَيْسَ بِمُتَقَدِّمٍ عَلَى إمَامِهِ وَلَا يَعْتَقِدُ إمَامَهُ عَلَى الْخَطَأِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ التَّحَرِّي وَكَذَا لَوْ جَعَلَ وَجْهَهُ إلَى يَمِينِ الْإِمَامِ أَوْ إلَى يَسَارِهِ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِمُتَقَدِّمٍ.
(وَلَوْ) جَعَلَ ظَهْرَهُ (إلَى وَجْهِهِ) أَيْ الْإِمَامِ (لَا يَجُوزُ) لِتَقَدُّمِهِ.
(وَكُرِهَ أَنْ يَجْعَلَ وَجْهَهُ إلَى وَجْهِهِ) لِمَا فِيهِ مِنْ اسْتِقْبَالِ الصُّورَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِمَامِ سُتْرَةً بِأَنْ يُعَلِّقَ نُطَفًا أَوْ ثَوْبًا وَإِنَّمَا جَازَ مَعَ الْكَرَاهَةِ لِوُجُودِ شَرَائِطِهَا وَانْتِفَاءِ الْمَانِعِ وَهُوَ التَّقَدُّمُ عَلَى الْإِمَامِ.
(وَلَوْ تَحَلَّقُوا حَوْلَهَا) أَيْ الْكَعْبَةِ مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ (وَهُوَ) أَيْ الْإِمَامُ (فِيهَا) أَيْ فِي دَاخِلِ الْكَعْبَةِ (جَازَ) إنْ كَانَ الْبَابُ مَفْتُوحًا لِأَنَّهُ كَقِيَامِهِ فِي الْمِحْرَابِ فِي سَائِرِ الْمَسَاجِدِ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ لَكِنْ فِيهِ كَلَامٌ عَلَى مَا بَيَّنَ فِي مَكْرُوهَاتِ الصَّلَاةِ تَدَبَّرْ.
(وَإِنْ كَانَ) الْإِمَامُ (خَارِجَهَا) أَيْ الْكَعْبَةِ مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ (جَازَتْ صَلَاةُ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ إلَيْهَا) أَيْ الْكَعْبَةِ (مِنْهُ) أَيْ الْإِمَامِ (إنْ لَمْ يَكُنْ) الْأَقْرَبُ (فِي جَانِبِهِ) أَيْ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ خَلْفَ الْإِمَامِ حُكْمًا فَلَا يَضُرُّ الْقُرْبُ إلَيْهَا وَلِأَنَّ التَّقَدُّمَ وَالتَّأَخُّرَ مِنْ الْأَسْمَاءِ الْإِضَافِيَّةِ فَيَكُونُ مِنْ شَرْطِ اتِّحَادِ الْجِهَةِ فَإِذَا لَمْ تَتَّحِدْ لَمْ يَقَعْ التَّقَدُّمُ وَالتَّأَخُّرُ وَتَجُوزُ الصَّلَاةُ لِوُجُودِ الْمُجَوِّزِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُسْتَصْفَى كَمَا إذَا كَانَ الْإِمَامُ فِي الْجَانِبِ الشَّمَالِيِّ وَالْمُقْتَدِي الْأَقْرَبُ إلَى الْكَعْبَةِ فِي الْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ.
(وَتَجُوزُ الصَّلَاةُ فَوْقَهَا) لِأَنَّ الْقِبْلَةَ هِيَ الْكَعْبَةُ وَهِيَ الْعَرْصَةُ وَالْهَوَاءُ إلَى عَنَانِ السَّمَاءِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا تَجُوزُ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَ يَدَيْهِ سُتْرَةٌ بِنَاءً عَلَى الْمُعْتَبَرِ فِي جَوَازِ التَّوَجُّهِ إلَيْهَا لِلصَّلَاةِ الْبِنَاءُ عِنْدَهُ لَكِنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْبِنَاءَ قَدْ رُفِعَ فِي عَهْدِ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَالْحَجَّاجِ وَكَانَ تَجُوزُ الصَّلَاةُ لِلنَّاسِ.
(وَتُكْرَهُ) لِمَا فِيهِ وَمَنْ تَرَكَ التَّعْظِيمَ وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ الصَّلَاةِ فِي سَبْعِ مَوَاطِنَ الْمَجْزَرَةِ وَالْمَزْبَلَةِ وَالْمَقْبَرَةِ وَالْحَمَّامِ وَقَوَارِعِ الطَّرِيقِ وَمَعَاطِنِ الْإِبِلِ وَفَوْقَ ظَهْرِ بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
[كِتَابُ الزَّكَاةِ]
قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ الزَّكَاةُ ثُلُثُ الْإِيمَانِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ} [التوبة: ٥] فَبِهَذَا عُلِمَ وَجْهُ التَّقْدِيمِ عَلَى الصَّوْمِ وَالتَّأْخِيرِ عَنْ الصَّلَاةِ وَهِيَ فِي اللُّغَةِ الطَّهَارَةُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} [الأعلى: ١٤] وَالنَّمَاءُ يُقَالُ زَكَى الزَّرْعُ إذَا نَمَا كَمَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ لَكِنْ فِي الِاسْتِشْهَادِ كَلَامٌ لِأَنَّهُ ثَبَتَ الزَّكَاءُ بِالْهَمْزَةِ بِمَعْنَى النَّمَاءِ يُقَالُ زَكَى زَكَاءً أَيْ نَمَا فَيَجُوزُ كَوْنُ الْفِعْلِ الْمَذْكُورِ مِنْهُ لَا مِنْ الزَّكَاةِ بَلْ كَوْنُهُ مِنْهَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ثُبُوتِ عَيْنِ لَفْظِ الزَّكَاةِ فِي مَعْنَى النَّمَاءِ كَمَا فِي الْفَتْحِ