بِقَبْضِهِ مِلْكَ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَزِمَهُ فِي الْحَالِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا دَفَعَ الْعَبْدُ الْأَوَّلُ إلَى الثَّانِي، فَإِنَّهُ لَوْ أَمَرَ الْأَوَّلُ الثَّانِيَ بِقَبْضِهِ فَقَبَضَهُ وَدِيعَةً وَضَاعَ لَيْسَ لِلْمَالِكِ أَنْ يُضَمِّنَ الْأَوَّلَ قَبْلَ الْعِتْقِ اتِّفَاقًا.
وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ الثَّانِيَ يُضَمَّنُ بَعْدَ الْعِتْقِ.
(وَمَنْ مَعَهُ أَلْفُ) دِرْهَمٍ (فَادَّعَى كُلُّ) وَاحِدٍ (مِنْ اثْنَيْنِ إيدَاعَهَا) أَيْ الْأَلْفِ (عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ مَنْ ادَّعَى (فَنَكَلَ) عَنْ الْحَلِفِ (لَهُمَا) أَيْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الِانْفِرَادِ بَعْدَ أَنْ اسْتَحْلَفَاهُ (فَهِيَ) أَيْ الْأَلْفُ (لَهُمَا) لِلِاثْنَيْنِ (وَضَمِنَ لَهُمَا) أَيْ لِلِاثْنَيْنِ (مِثْلَهَا) أَيْ مِثْلَ الْأَلْفِ؛ لِأَنَّ دَعْوَاهُمَا صَحِيحَةٌ فَتَجِبُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ لَهُمَا، فَإِنْ حَلَفَ لَهُمَا فَلَا شَيْءَ لَهُمَا عَلَيْهِ لِعَدَمِ الْحُجَّةِ، وَإِنْ حَلَفَ لِأَحَدِهِمَا وَنَكَلَ الْآخَرُ قَضَى بِهِ لِمَنْ نَكَلَ لَهُ دُونَ الْآخَرِ لِوُجُودِ الْحُجَّةِ فِي حَقِّهِ دُونَ الْآخَرِ، وَإِنْ نَكَلَ لَهُمَا قَضَى بَيْنَهُمَا لِعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ، ثُمَّ يَجِبُ عَلَيْهِ أَلْفٌ أُخْرَى لِإِقْرَارِهِ لَهُمَا وَلِلْقَاضِي أَنْ يَبْدَأَ أَيُّهُمَا شَاءَ بِالتَّحْلِيفِ، وَالْأَوْلَى الْقُرْعَةُ وَفِي التَّحْلِيفِ لِلثَّانِي يَقُولُ: بِاَللَّهِ مَا هَذِهِ الْعَيْنُ لَهُ وَلَا قِيمَتُهَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَقَرَّ بِهَا لِلْأَوْلَى ثَبَتَ الْحَقُّ فِيهَا لَهُ فَلَا يُفِيدُ إقْرَارُهُ بِهَا لِلثَّانِي فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْأَوَّلِ لَكَانَ صَادِقًا.
وَفِي الْبَحْرِ لَوْ قَالَ: أَوْدَعَنِيهَا أَحَدُكُمَا، وَلَا أَدْرِي أَيُّكُمَا، فَإِنْ اصْطَلَحَا عَلَى أَخْذِهَا بَيْنَهُمَا فَلَهُمَا ذَلِكَ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُ الِامْتِنَاعُ مِنْ التَّسْلِيمِ بَعْدَ الصُّلْحِ وَإِلَّا فَإِنْ ادَّعَاهَا كُلُّ وَاحِدٍ أَخْذَهَا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ مَجْهُولٌ وَلِكُلٍّ أَنْ يَسْتَحْلِفَهُ، فَإِنْ حَلَفَ قَطَعَ دَعْوَاهُمَا، وَإِنْ نَكَلَ فَكَمَسْأَلَةِ الْكِتَابِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: عَلَيَّ الْأَلْفُ لِهَذَا وَلِهَذَا.
وَفِي التَّنْوِيرِ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفًا، وَقَالَ: ادْفَعْهَا الْيَوْمَ إلَى فُلَانٍ فَلَمْ يَدْفَعْهَا حَتَّى ضَاعَتْ لَمْ يَضْمَنْ كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ: احْمِلْ إلَيَّ الْوَدِيعَةَ فَقَالَ: افْعَلْ وَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى مَضَى الْيَوْمُ قَالَ لِلْمُودَعِ: ادْفَعْ الْوَدِيعَةَ إلَى فُلَانٍ فَقَالَ: دَفَعْت، وَكَذَّبَهُ فُلَانٌ وَضَاعَتْ الْوَدِيعَةُ صُدِّقَ الْمُودَعُ مَعَ يَمِينِهِ قَالَ: لَا أَدْرِي كَيْفَ ذَهَبَتْ لَا يَضْمَنُ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا لَوْ قَالَ: ذَهَبَتْ وَلَا أَدْرِي كَيْفَ ذَهَبَتْ.
وَفِي الْمِنَحِ قَالَ: لَا أَدْرِي دُفِنَتْ فِي دَارِي أَوْ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ يَضْمَنُ، وَلَمْ يُبَيِّنْ مَكَانَ الدَّفْنِ لَكِنَّهُ سُرِقَتْ الْوَدِيعَةُ مِنْ الْمَكَانِ الْمَدْفُونِ فِيهِ لَا يَضْمَنُ.
وَفِي الْعُدَّةِ إذَا دَفَنَ الْوَدِيعَةَ فِي الْأَرْضِ إنْ جَعَلَ هُنَاكَ عَلَامَةً لَا يَضْمَنُ وَإِلَّا ضَمِنَ وَفِي الْمَفَازَةِ يَضْمَنُ مُطْلَقًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[كِتَاب الْعَارِيَّةِ]
ِ أَخَّرَهَا عَنْ الْوَدِيعَةِ؛ لِأَنَّ فِيهَا تَمْلِيكًا، وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي الْأَمَانَةِ هِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْعَرِيَّةِ وَهِيَ الْعَطِيَّةُ الْمَخْصُوصَةُ بِالْأَعْيَانِ وَمُسْتَعْمَلَةٌ فِي تِلْكَ الْمَنَافِعِ وَرَدَّهُ الْمُطَرِّزِيُّ وَغَيْرُهُ بِالْمُشْتَقَّاتِ اسْتَعَارَهُ مِنْهُ فَأَعَارَهُ وَاسْتَعَارَهُ الشَّيْءَ عَلَى حَذْفِ مِنْ وَقِيلَ هِيَ مَنْسُوبَةٌ إلَى الْعَارِ؛ لِأَنَّ طَلَبَهَا عَيْبٌ وَعَارٌ عَلَى مَا قَالَهُ الْجَوْهَرُ وَابْنُ الْأَثِيرِ وَرَدَّ الرَّاغِبُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute