للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا شَغَلَ هَوَاءَهَا (فَيَصِحُّ تَأْجِيلُهُ وَإِبْرَاؤُهُ) أَيْ يَصِحُّ تَأْجِيلُ كُلٍّ مِنْ مَالِكِ الدَّارِ وَإِبْرَاؤُهُ حَتَّى لَوْ سَقَطَ بَعْدَ مُدَّةِ الْأَجَلِ وَبَعْدَ الْإِبْرَاءِ وَتَلِفَ بِهِ شَيْءٌ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ فَيَصِحُّ تَأْجِيلُهُ وَإِسْقَاطُهُ.

(وَلَا يَصِحُّ التَّأْجِيلُ فِيمَا مَالَ إلَى الطَّرِيقِ) لِأَنَّ الْحَقَّ لِجَمَاعَةِ النَّاسِ (وَلَوْ) كَانَ أَيْ التَّأْجِيلُ (مِنْ الْقَاضِي أَوْ الْمُشْهَدِ) لِأَنَّهُ حَقُّ الْمَارَّةِ وَلَيْسَ لِلْقَاضِي وَلَا لِلْمُشْهَدِ عَلَى صِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ إبْطَالُ حَقِّهِمْ.

(وَلَوْ كَانَ الْحَائِطُ بَيْنَ خَمْسَةٍ فَأُشْهِدَ) عَلَى صِيغَةِ الْمَفْعُولِ (عَلَى أَحَدِهِمْ) أَيْ أَحَدِ الْخَمْسَةِ (ضَمِنَ خُمْسَ مَا تَلِفَ بِهِ) عِنْدَ الْإِمَامِ وَيَكُونُ ذَلِكَ عَلَى عَاقِلَتِهِ (وَعِنْدَهُمَا نِصْفُهُ) أَيْ نِصْفُ مَا تَلِفَ بِهِ لِأَنَّ التَّلَفَ بِنَصِيبِ مَنْ أُشْهِدَ عَلَيْهِ مُعْتَبَرٌ وَبِنَصِيبِ مَنْ لَمْ يُشْهَدْ عَلَيْهِ هَدَرٌ فَكَانَا قِسْمَيْنِ فَانْقَسَمَ نِصْفَيْنِ كَمَا مَرَّ فِي عَقْرِ الْأَسَدِ وَنَهْشِ الْحَيَّةِ وَجُرْحِ الرَّجُلِ حَيْثُ يَلْزَمُ الْجَارِحَ نِصْفُ الدِّيَةِ وَلِلْإِمَامِ أَنَّ الْمَوْتَ حَصَلَ بِعِلَّةٍ وَاحِدَةٍ وَهُوَ الثِّقَلُ الْمُقَدَّرُ وَالْعُمْقُ الْمُقَدَّرُ لِأَنَّ أَصْلَ ذَلِكَ لَيْسَ بِعِلَّةٍ وَهُوَ الْقَلِيلُ حَتَّى يُعْتَبَرُ كُلُّ جُزْءٍ عِلَّةً فَتَجْتَمِعُ الْعِلَلُ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ يُضَافُ إلَى الْعِلَّةِ الْوَاحِدَةِ ثُمَّ يُقَسَّمُ عَلَى أَرْبَابِهَا بِقَدْرِ الْمِلْكِ بِخِلَافِ الْجِرَاحَاتِ فَإِنَّ كُلَّ جِرَاحَةٍ عِلَّةُ التَّلَفِ بِنَفْسِهَا صَغُرَتْ أَوْ كَبِرَتْ عَلَى مَا عُرِفَتْ إلَّا أَنَّ عِنْدَ الْمُزَاحَمَةِ أُضِيفَ إلَى الْكُلِّ لِعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.

(وَإِنْ حَفَرَ أَحَدُ ثَلَاثَةٍ فِي دَارٍ) هِيَ (لَهُمْ بِئْرًا بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكَيْهِ أَوْ بَنَى حَائِطًا ضَمِنَ ثُلُثَيْ مَا تَلِفَ بِهِ) عِنْدَ الْإِمَامِ (وَعِنْدَهُمَا) ضَمِنَ (نِصْفَهُ) أَيْ نِصْفَ مَا تَلِفَ بِهِ وَالدَّلِيلُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ هُوَ مَا ذُكِرَ فِي مَسْأَلَةِ الشُّرَكَاءِ السَّالِفَةِ قَبْلَ هَذَا.

[بَاب فِي جِنَايَة الْبَهِيمَة وَالْجِنَايَة عَلَيْهَا]

جِنَايَةِ الْبَهِيمَةِ وَالْجِنَايَةِ (عَلَيْهَا) (يَضْمَنُ الرَّاكِبُ) أَيْ فِي طَرِيقِ الْعَامَّةِ وَإِنَّمَا قُيِّدَ بِهِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مِلْكَهُ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ فِي طَرِيقِ الْعَامَّةِ فَيَضْمَنُ لِلتَّعَدِّي (مَا وَطِئَتْ دَابَّتُهُ أَوْ أَصَابَتْ بِيَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا أَوْ رَأْسِهَا أَوْ كَدَمَتْ أَوْ خَبَطَتْ بِرِجْلِهَا أَوْ صَدَمَتْ) وَالْأَصْلُ فِي هَذَا أَنَّ الْمُرُورَ فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ مُبَاحٌ مُقَيَّدٌ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ بِمَنْزِلَةِ الْمَشْيِ لِأَنَّ الْحَقَّ فِي الطَّرِيقِ مُشْتَرِكٌ بَيْنَ النَّاسِ فَهُوَ يَتَصَرَّفُ فِي حَقِّهِ مِنْ وَجْهٍ وَفِي حَقِّ غَيْرِهِ مِنْ وَجْهٍ فَالْجِنَايَةُ مُقَيَّدَةٌ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ وَإِنَّمَا تُقَيَّدُ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ فِيمَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ دُونَ مَا لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ لِأَنَّا لَوْ شَرَطْنَا عَلَيْهِ السَّلَامَةَ عَمَّا لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ اسْتِيفَاءُ حَقِّهِ لِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَنْ الْمَشْيِ وَالسَّيْرِ مَخَافَةَ أَنْ يُبْتَلَى بِمَا لَا يُمْكِنُ أَنْ يَتَحَرَّزَ عَنْهُ وَالتَّحَرُّزُ عَنْ الْوَطْءِ وَالْإِصَابَةِ بِالْيَدِ أَوْ الرِّجْلِ وَالْكَدْمِ وَهُوَ الْعَضُّ بِمُقَدَّمِ الْأَسْنَانِ أَوْ الْخَبْطِ وَهُوَ الضَّرْبُ بِالْيَدِ أَوْ الصَّدْمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>