أَوْ رَدُّهُ إنْ لَمْ يُجِزْ، وَالْخِلَافُ رَاجِعٌ إلَى التَّفْسِيرِ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَالْخِلَافُ لَفْظِيٌّ فَقَطْ تَدَبَّرْ.
(وَلَوْ قَالَ الْكَفِيلُ ضَمِنْته إلَى شَهْرٍ وَقَالَ الطَّالِبُ بَلْ) ضَمِنْته (حَالًا فَالْقَوْلُ لِلْكَفِيلِ وَفِي الْإِقْرَارِ) يَعْنِي مَنْ قَالَ لِآخَرَ: لَك عَلَيَّ مِائَةٌ إلَى شَهْرٍ فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ: هِيَ حَالَّةٌ فَالْقَوْلُ (لِلْمُقَرِّ لَهُ) وَالْفَرْقُ أَنَّ الْكَفِيلَ لَمْ يُقِرَّ بِالدَّيْنِ فَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ فِي الصَّحِيحِ بَلْ أَقَرَّ بِمُجَرَّدِ الْمُطَالَبَةِ بَعْدَ الشَّهْرِ، وَالطَّالِبُ يَدَّعِي عَلَيْهِ الْمُطَالَبَةَ فِي الْحَالِ وَهُوَ يُنْكِرُ فَالْقَوْلُ لَهُ، وَالْمُقِرُّ أَقَرَّ بِالدَّيْنِ، ثُمَّ ادَّعَى حَقًّا لِنَفْسِهِ هُوَ تَأْخِيرُ الْمُطَالَبَةِ إلَى شَهْرٍ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِلَا بَيِّنَةٍ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: الْقَوْلُ لِلْمُقِرِّ فِي الْفَصْلَيْنِ، وَكَذَا يُرْوَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ (وَلَا يُؤْخَذُ ضَامِنُ الدَّرَكِ إنْ اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ مَا لَمْ يُقْضَ بِثَمَنِهِ عَلَى بَائِعِهِ) لِأَنَّ الْبَيْعَ لَا يَنْتَقِضُ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِحْقَاقِ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ مَا لَمْ يُقْضَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ فَلَا يَجِبُ رَدُّ الثَّمَنِ عَلَى الْأَصِيلِ فَلَا يَجِبُ عَلَى الْكَفِيلِ.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ وَهُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِمُجَرَّدِ الْقَضَاءِ بِالِاسْتِحْقَاقِ.
وَفِي التَّنْوِيرِ: قَالَ لِآخَرَ: اُسْلُكْ هَذَا الطَّرِيقَ فَإِنَّهُ آمِنٌ، فَسَلَكَهُ وَأُخِذَ مَالُهُ لَمْ يَضْمَنْ، وَلَوْ قَالَ: إنْ كَانَ مَخُوفًا وَأُخِذَ مَالُك فَأَنَا ضَامِنٌ، ضَمِنَ.
[بَابُ كَفَالَةِ الرَّجُلَيْنِ وَالْعَبْدَيْنِ]
ِ لَمَّا فَرَغَ مِنْ ذِكْرِ كَفَالَةِ الْوَاحِدِ ذَكَرَ كَفَالَةَ الِاثْنَيْنِ لِأَنَّ الِاثْنَيْنِ بَعْدَ الْوَاحِدِ طَبْعًا فَأُخِّرَ وَضْعًا.
(دَيْنٌ عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى الِاثْنَيْنِ لِآخَرَ بِأَنْ اشْتَرَيَا مِنْهُ ثَوْبًا، وَ (كَفَلَ كُلُّ) وَاحِدٍ مِنْ الِاثْنَيْنِ (عَنْ صَاحِبِهِ) جَازَ الْعَقْدُ لِعَدَمِ الْمَانِعِ، إذْ يَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي النِّصْفِ أَصِيلًا وَفِي النِّصْفِ الْآخَرِ كَفِيلًا (فَمَا أَدَّاهُ أَحَدُهُمَا) أَيْ فَمَا أَدَّى أَحَدُهُمَا مِنْ الدَّيْنِ نِصْفَهُ (لَا يَرْجِعُ بِهِ) أَيْ بِمَا أَدَّى (عَلَى الْآخَرِ) أَيْ عَلَى شَرِيكِهِ، وَإِنْ عَيَّنَ عَنْ نَصِيبِ صَاحِبِهِ، لِأَنَّ وُقُوعَ الْأَدَاءِ عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ أَصَالَةً أَوْلَى مِنْ وُقُوعِهِ كَفَالَةً؛ إذْ الْأَوَّلُ دَيْنٌ مَعَ الْمُطَالَبَةِ، وَالثَّانِي مُطَالَبَةٌ فَقَطْ وَلِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ فِي النِّصْفِ صَاحِبُهُ كَانَ لِصَاحِبِهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِأَنْ يَجْعَلَ الْمُؤَدَّى عَنْهُ لِأَنَّ الْمُؤَدِّيَ نَائِبُهُ، وَأَدَاءُ نَائِبِهِ كَأَدَائِهِ فَيُؤَدِّي إلَى الدَّوْرِ (إلَّا إذَا زَادَ عَلَى النِّصْفِ) فَيَنْصَرِفُ إلَى مَا عَلَيْهِ كَفَالَةً فَيَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ إنْ كَفَلَ بِأَمْرِهِ.
(وَلَوْ كَفَلَا) أَيْ الِاثْنَانِ (بِمَالٍ عَنْ رَجُلٍ) بِالتَّعَاقُبِ (وَكَفَلَ كُلُّ) وَاحِدٍ (مِنْهُمَا بِهِ) أَيْ بِجَمِيعِ الْمَالِ (عَنْ صَاحِبِهِ) يَعْنِي إذَا كَانَ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ مَثَلًا فَيَكْفُلُ عَنْهُ اثْنَانِ، كُلٌّ مِنْهُمَا بِجَمِيعِهِ عَلَى الِانْفِرَادِ، ثُمَّ كَفَلَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ بِمَا لَزِمَهُ بِالْكَفَالَةِ إذْ الْكَفَالَةُ بِالْكَفِيلِ جَائِزَةٌ (فَمَا أَدَّاهُ) كُلٌّ مِنْهُمَا (رَجَعَ بِنِصْفِهِ عَلَى شَرِيكِهِ) قَلِيلًا كَانَ الْمُؤَدَّى أَوْ كَثِيرًا، إذْ الْكُلُّ كَفَالَةٌ فَلَا رُجْحَانَ لِكُلٍّ مِنْ الْكَفَالَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى بِالْمُطَالَبَةِ، ثُمَّ يَرْجِعَانِ عَلَى الْأَصِيلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute