بِخَرَاجِ الْمُقَاسَمَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ، وَالرَّهْنُ كَالْكَفَالَةِ بِجَامِعِ التَّوَثُّقِ فَيَجُوزُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ تَجُوزُ الْكَفَالَةُ فِيهِ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ، وَهُوَ مَنْقُوضٌ بِالدَّرَكِ فَإِنَّ الْكَفَالَةَ بِهِ جَائِزَةٌ دُونَ الرَّهْنِ، انْتَهَى.
لَكِنَّ التَّخْصِيصَ وَاجِبٌ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ أَوْ رَهَنَ بِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ بِخَرَاجِ الْمُقَاسَمَةِ تَأَمَّلْ.
وَلَوْ اكْتَفَى فِيمَا سَبَقَ بِقَوْلِهِ " وَصَحَّ الرَّهْنُ وَالْكَفَالَةُ بِالْخَرَاجِ " لَكَانَ أَخْصَرَ، تَدَبَّرْ.
(وَ) ضَمَانُ (الْقِسْمَةِ صَحِيحٌ) خَبَرٌ لِكُلٍّ مِنْ ضَمَانِ الدَّرَكِ وَالْخَرَاجِ وَالْقِسْمَةِ، قِيلَ: هِيَ النَّوَائِبُ بِعَيْنِهَا أَوْ حِصَّةٌ مِنْهَا، فَعَلَى هَذَا النَّوَائِبُ الْآتِيَةُ مُسْتَدْرَكَةٌ، تَدَبَّرْ.
وَقِيلَ هِيَ النَّائِبَةُ الْمُوَظَّفَةُ الرَّاتِبَةُ الدِّيوَانِيَّةُ فِي كُلِّ شَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ، وَالْمُرَادُ بِالنَّوَائِبِ غَيْرُ رَاتِبٍ بَلْ يَلْحَقُهُ أَحْيَانًا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَقَعَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَقَعَ، وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْقِسْمَةِ أُجْرَةُ الْقَسَّامِ، وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ مَعْنَاهَا إذَا طَلَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْقِسْمَةَ مِنْ صَاحِبِهِ فَضَمِنَهَا إنْسَانٌ صَحَّ لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ، وَقِيلَ مَعْنَاهَا إذَا اقْتَسَمَا، ثُمَّ مَنَعَ أَحَدُهُمَا قَسْمَ الْآخَرِ كَمَا فِي شَرْحِ التَّسْهِيلِ.
(وَكَذَا ضَمَانُ النَّوَائِبِ) .
وَفِي الصِّحَاحِ: النَّائِبَةُ الْمُصِيبَةُ، وَاحِدَةُ نَوَائِبِ الدَّهْرِ، وَفِي اصْطِلَاحِهِمْ، قِيلَ: أَرَادُوا بِهَا مَا يَكُونُ بِحَقٍّ، وَقِيلَ الْمُرَادُ بِهَا مَا لَيْسَ بِحَقٍّ وَعَنْ هَذَا قَالَ (سَوَاءٌ كَانَتْ بِحَقٍّ كَكَرْيِ النَّهْرِ) الْمُشْتَرَكِ (وَأُجْرَةِ الْحَارِسِ) وَالْمَالِ الْمُوَظَّفِ لِتَجْهِيزِ الْجَيْشِ وَفِدَاءِ الْأَسْرَى فَإِنَّ الْكَفَالَةَ بِهَا جَائِزَةٌ بِالِاتِّفَاقِ لِأَنَّهُ كَفَلَ بِمَا هُوَ مَضْمُونٌ عَلَى الْأَصِيلِ (أَوْ بِغَيْرِ حَقٍّ كَالْجِبَايَاتِ) الَّتِي فِي زَمَانِنَا تَأْخُذُهَا الظَّلَمَةُ بِغَيْرِ حَقٍّ فَفِي جَوَازِهَا اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تَجُوزُ الْكَفَالَةُ، مِنْهُمْ صَدْرُ الْإِسْلَامِ الْبَزْدَوِيُّ لِأَنَّهَا ضَمُّ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ فِي الْمُطَالَبَةِ أَوْ الدَّيْنِ وَهُنَا لَا مُطَالَبَةَ وَلَا دَيْنَ شَرْعِيَّيْنِ فَلَمْ يَتَحَقَّقْ مَعْنَاهَا.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: تَجُوزُ، مِنْهُمْ فَخْرُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ الْبَزْدَوِيُّ لِأَنَّهَا فِي الْمُطَالَبَةِ مِثْلُ سَائِرِ الدُّيُونِ بَلْ فَوْقَهَا، وَالْعِبْرَةُ لِلْمُطَالَبَةِ لِأَنَّهَا شُرِعَتْ لِالْتِزَامِهَا، فَالْمُطَالَبَةُ الْحِسِّيَّةُ كَالْمُطَالَبَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَلِذَا قُلْنَا: مَنْ قَامَ بِتَوْزِيعِ هَذِهِ النَّوَائِبِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِالْعَدْلِ يُؤْجَرُ، وَإِنْ كَانَ الْآخِذُ بِالْأَخْذِ ظَالِمًا وَقُلْنَا مَنْ قَضَى نَائِبَةً عَنْ غَيْرِهِ بِأَمْرِهِ رَجَعَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الرُّجُوعَ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَنْ قَضَى دَيْنَ غَيْرِهِ بِأَمْرِهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ.
وَفِي الْإِصْلَاحِ وَالْفَتْوَى عَلَى الصِّحَّةِ فَإِنَّهَا كَالدُّيُونِ الصَّحِيحَةِ حَتَّى لَوْ أُخِذَتْ مِنْ الْأَكَّارِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى مَالِكِ الْأَرْضِ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْمُصَنِّفِ.
(وَضَمَانُ الْعُهْدَةِ بَاطِلٌ) لِاشْتِبَاهِ الْمُرَادِ بِهَا لِإِطْلَاقِهَا عَلَى الصَّكِّ الْقَدِيمِ، وَعَلَى الْعَقْدِ، وَعَلَى حُقُوقِهِ، وَعَلَى خِيَارِ الشَّرْطِ فَتَعَذَّرَ الْعَمَلُ بِهَا قَبْلَ الْبَيَانِ فَتَبْطُلُ لِلْجَهَالَةِ.
(وَكَذَا ضَمَانُ الْخَلَاصِ) بَاطِلٌ عِنْدَ الْإِمَامِ (خِلَافًا لَهُمَا) أَيْ قَالَا: هِيَ صَحِيحَةٌ بِنَاءً عَلَى تَفْسِيرِهَا بِتَخْلِيصِ الْمَبِيعِ - إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ - وَرَدِّ الثَّمَنِ إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ، وَهُوَ ضَمَانُ الدَّرَكِ فِي الْمَعْنَى وَالْإِمَامُ فَسَّرَهَا بِتَخْلِيصِ الْمَبِيعِ لَا مَحَالَةَ وَلَا قُدْرَةَ عَلَيْهِ، لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ لَا يُمَكِّنُهُ مِنْهُ، وَلَوْ ضَمِنَ تَخْلِيصَ الْمَبِيعِ أَوْ رَدَّ الثَّمَنَ جَازَ لِإِمْكَانِ الْوَفَاءِ بِهِ وَهُوَ تَسْلِيمُهُ - إنْ أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ