أَسَدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ الْإِمَامِ إذَا صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ سِوَى فَيْءِ الزَّوَالِ خَرَجَ وَقْتُ الظُّهْرِ وَلَا يَدْخُلُ وَقْتُ الْعَصْرِ حَتَّى يَصِيرَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ فَيَكُونُ بَيْنَ وَقْتِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَقْتٌ مُهْمَلٌ قِيلَ الْأَفْضَلُ أَنْ يُصَلِّيَ صَلَاةَ الظُّهْرِ إلَى بُلُوغِ الظِّلِّ إلَى الْمِثْلِ وَلَا يَشْرَعُ فِي الْعَصْرِ إلَّا بَعْدَ بُلُوغِ الظِّلِّ إلَى الْمِثْلَيْنِ وَلَا يُصَلِّي قَبْلَهُ جَمْعًا بَيْنَ الرِّوَايَاتِ.
[وَقْت الْعَصْر]
(وَوَقْتُ الْعَصْرِ مِنْ انْتِهَاءِ وَقْتِ الظُّهْرِ) عَلَى اخْتِلَافِ الْقَوْلَيْنِ (إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ) أَيْ جِرْمِهَا بِالْكُلِّيَّةِ عَلَى الْأُفُقِ الْحِسِّيِّ لَا الْحَقِيقِيِّ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَحْقِيقُهُ إلَّا لِلْأَفْرَادِ.
وَقَالَ الْحَسَنُ: إذَا اصْفَرَّتْ الشَّمْسُ خَرَجَ وَقْتُ الْعَصْرِ وَأَظُنُّ أَنَّ مُرَادَهُ: خَرَجَ الْوَقْتُ الْمُخْتَارُ وَإِلَّا يَلْزَمُ أَنْ يُوجَدَ وَقْتٌ مُهْمَلٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَلَمْ يُوجَدْ فِي الرِّوَايَاتِ.
[وَقْت الْمَغْرِب]
(وَوَقْتُ الْمَغْرِبِ مِنْ غُرُوبِهَا إلَى مَغِيبِ الشَّفَقِ وَهُوَ الْبَيَاضُ الْكَائِنُ فِي الْأُفُقِ بَعْدَ الْحُمْرَةِ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «وَآخِرُ وَقْتِهَا إذَا اسْوَدَّ الْأُفُقُ» .
(وَقَالَا هُوَ الْحُمْرَةُ) وَهُوَ رِوَايَةُ أَسَدٍ عَنْ الْإِمَامِ لَكِنْ خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَنْهُ وَبِهِ أَخَذَ الشَّافِعِيُّ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الشَّفَقُ هُوَ الْحُمْرَةُ» .
وَفِي الْمَبْسُوطِ قَوْلُ الْإِمَامِ أَحْوَطُ وَقَوْلُهُمَا أَوْسَعُ أَيْ أَرْفَقُ لِلنَّاسِ (قِيلَ وَبِهِ يُفْتَى) قَالَ ابْنُ النُّجَيْمِ: إنَّ الصَّحِيحَ الْمُفْتَى بِهِ قَوْلُ صَاحِبِ الْمَذْهَبِ لَا قَوْلُ صَاحِبَيْهِ وَاسْتُفِيدَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُفْتَى وَلَا يُعْمَلُ إلَّا بِقَوْلِ الْإِمَامِ وَلَا يُعْدَلُ عَنْهُ إلَى قَوْلِهِمَا إلَّا لِمُوجِبٍ مِنْ ضَعْفٍ أَوْ ضَرُورَةِ تَعَامُلٍ وَاسْتُفِيدَ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّ بَعْضَ الْمَشَايِخِ، وَإِنْ قَالَ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا وَكَانَ دَلِيلُ الْإِمَامِ وَاضِحًا وَمَذْهَبُهُ ثَابِتًا لَا يُلْتَفَتُ إلَى فَتْوَاهُ فَإِذَا ظَهَرَ لَنَا مَذْهَبُ الْإِمَامِ فِي هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ أَيْ وَقْتِ الْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ وَظَهَرَ أَيْضًا دَلِيلُهُ وَصِحَّتُهُ وَأَنَّهُ أَقْوَى مِنْ دَلِيلِهِمَا وَجَبَ عَلَيْنَا اتِّبَاعُهُ وَالْعَمَلُ بِهِ، وَهَذَا بَحْثٌ طَوِيلٌ فَلْيُطْلَبْ مِنْ رِسَالَتِهِ وَقَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ يَنْبَغِي أَنْ يُؤْخَذَ بِقَوْلِهِمَا فِي الصَّيْفِ، وَبِقَوْلِهِ فِي الشِّتَاءِ.
[وَقْت الْعِشَاء وَالْوِتْر]
(وَوَقْتُ الْعِشَاءِ وَالْوِتْرِ مِنْ انْتِهَاءِ وَقْتِ الْمَغْرِبِ) عَلَى اخْتِلَافُ الْقَوْلَيْنِ (إلَى الْفَجْرِ الثَّانِي) أَيْ الصَّادِقِ وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ فِي قَوْلٍ حَتَّى يَمْضِيَ ثُلُثُ اللَّيْلِ، وَفِي قَوْلٍ حَتَّى يَمْضِيَ النِّصْفُ وَكَوْنُ وَقْتِهِمَا وَاحِدًا مَذْهَبُ الْإِمَامِ وَعِنْدَهُمَا وَقْتُ الْوِتْرِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ، وَهَذَا الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْوِتْرَ فَرْضٌ عِنْدَهُ وَسُنَّةٌ عِنْدَهُمَا.
(وَلَا يُقَدِّمُ الْوِتْرَ عَلَيْهَا لِلتَّرْتِيبِ) أَيْ وَلَا يُقَدِّمُ الْوِتْرَ عَلَى صَلَاةِ الْعِشَاءِ لِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا فَرْضَانِ عِنْدَهُ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا اعْتِقَادًا، وَالْآخَرُ عَمَلًا وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي مَوْضِعَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَوْ صَلَّى الْوِتْرَ قَبْلَ الْعِشَاءِ نَاسِيًا أَوْ صَلَّاهُمَا فَظَهَرَ فَسَادُ الْعِشَاءِ لَا الْوِتْرِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيُعِيدُ الْعِشَاءَ وَحْدَهَا عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ يَسْقُطُ بِمِثْلِ هَذَا الْعُذْرِ وَعِنْدَهُمَا يُعِيدُ الْوِتْرَ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لَهَا فَلَا يَصِحُّ قَبْلَهَا وَالثَّانِي أَنَّ التَّرْتِيبَ وَاجِبٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ مِنْ الْفَرَائِضِ حَتَّى لَا تَجُوزَ صَلَاةُ الْفَجْرِ مَا لَمْ يُصَلِّ الْوِتْرَ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا تَجُوزُ؛ إذْ لَا تَرْتِيبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute