للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقِسْمَةُ لَتَضَرَّرَ الْمُسْتَحِقُّ بِتَفَرُّقِ نَصِيبِهِ.

(وَلَوْ ظَهَرَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ دَيْنٌ عَلَى الْمَيِّتِ مُحِيطٌ) بِمَالِهِ (نُقِضَتْ) الْقِسْمَةُ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ وُقُوعَ الْمِلْكِ لِلْوَارِثِ.

(وَكَذَا) تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ (لَوْ) ظَهَرَ دَيْنٌ لَكِنَّهُ (غَيْرُ مُحِيطٍ) بِمَالِهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِالتَّرِكَةِ (إلَّا إذَا بَقِيَ بِلَا قِسْمَةٍ مَا يَفِي بِهِ) أَيْ بِالدَّيْنِ فَحِينَئِذٍ لَا تُفْسَخُ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَى نَقْضِ الْقِسْمَةِ فِي إيفَاءِ حَقِّهِمْ.

(وَلَوْ أَبْرَأَ الْغُرَمَاءُ) بَعْدَ الْقِسْمَةِ ذِمَمَ الْوَرَثَةِ مِنْ دُيُونِهِمْ (أَوْ أَدَّاهُ) أَيْ الدِّينَ (الْوَرَثَةُ مِنْ مَالِهِمْ لَا تُنْقَضُ) الْقِسْمَةُ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ مُحِيطًا أَوْ غَيْرَ مُحِيطٍ لِزَوَالِ الْمَانِعِ.

وَفِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ ادَّعَى أَحَدُ الْمُتَقَاسِمَيْنِ دَيْنًا فِي التَّرِكَةِ صَحَّ دَعْوَاهُ لِأَنَّهُ لَا تَنَاقُضَ إذْ الدَّيْنُ يَتَعَلَّقُ بِالْمَعْنَى وَالْقِسْمَةُ تُصَادِفُ الصُّورَةَ وَلَوْ ادَّعَى عَيْنًا بِأَيِّ سَبَبٍ كَانَ لَمْ يُسْمَعْ لِلتَّنَاقُضِ إذْ الْإِقْدَامُ عَلَى الْقِسْمَةِ اعْتِرَافٌ مِنْهُ بِكَوْنِ الْمَقْسُومِ مُشْتَرَكًا.

[فَصْلٌ فِي الْمُهَايَأَةِ]

ِ (وَتَجُوزُ الْمُهَايَأَةُ) عِنْدَ تَعَذُّرِ الِاجْتِمَاعِ عَلَى الِانْتِفَاعِ وَهِيَ لُغَةً مُفَاعَلَةٌ مِنْ التَّهْيِئَةِ وَهِيَ الْحَالَةُ الظَّاهِرَةُ لِلْمُتَهَيِّئِ لِلشَّيْءِ وَالتَّهَايُؤُ تَفَاعُلٌ مِنْهَا وَهُوَ أَنْ يَتَوَاضَعُوا عَلَى أَمْرٍ فَيَتَرَاضَوْا بِهِ وَحَقِيقَتُهُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ رَضِيَ بِهَيْئَةٍ وَاحِدَةٍ وَيَخْتَارُهَا وَقِيلَ مُفَاعَلَةٌ مِنْ التَّهَايُؤِ فَكَأَنَّهُ يَتَهَايَأُ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ عِنْدَ فَرَاغِ صَاحِبِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْقِسْمَةِ وَالتَّهَايُؤِ أَنَّ الْأَوَّلَ يَجْمَعُ الْمَنَافِعَ فِي زَمَانٍ وَاحِدٍ وَالثَّانِي يَجْمَعُ عَلَى التَّعَاقُبِ وَيَجْرِي فِيهِ جَبْرُ الْقَاضِي كَمَا فِي الْقِسْمَةِ فِيمَا يَحْتَمِلُهَا وَشَرْعًا قِسْمَةُ الْمَنَافِعِ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تَجُوزَ؛ لِأَنَّهَا مُبَادَلَةُ الْمَنْفَعَةِ بِجِنْسِهَا لَكِنَّهَا جَازَتْ اسْتِحْسَانًا بِالْإِجْمَاعِ.

(وَيُجْبَرُ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْمُهَايَأَةِ إذَا طَلَبَهَا بَعْضُ الشُّرَكَاءِ (فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَتَجُوزُ وَتُجْبَرُ عَلَى سَبِيلِ التَّنَازُعِ بِأَنْ (يَسْكُنَ هَذَا) الشَّرِيكُ (بَعْضًا) أَيْ بَعْضَ الدَّارِ (وَهَذَا) الشَّرِيكُ (بَعْضًا) آخَرَ مِنْ الدَّارِ (أَوْ هَذَا) يَسْكُنُ فِي (عُلْوِهَا وَهَذَا) فِي (سُفْلِهَا) ؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ جَائِزَةٌ فَكَذَا الْمُهَايَأَةُ وَالتَّهَايُؤُ فِي هَذَا الْوَجْهِ إفْرَازٌ بِجَمِيعِ الْأَنْصِبَاءِ لَا مُبَادَلَةٌ وَلِهَذَا لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّأْقِيتِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ أَنْ يَسْتَقِلَّ مَا أَصَابَهُ بِالْمُهَايَأَةِ شَرَطَ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ لِحُدُوثِ الْمَنَافِعِ عَلَى مِلْكِهِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.

(وَ) تَجُوزُ الْمُهَايَأَةُ (فِي بَيْتٍ صَغِيرٍ يَسْكُنُ هَذَا شَهْرًا وَهَذَا شَهْرًا وَلَهُ) أَيْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا (الْإِجَارَةُ) أَيْ إجَارَةُ مَا أَصَابَهُ (وَأَخْذُ الْغَلَّةِ فِي نَوْبَتِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّهَا قِسْمَةُ الْمَنَافِعِ وَقَدْ مَلَكَهَا فَلَهُ اسْتِغْلَالُهَا.

(وَ) تَجُوزُ الْمُهَايَأَةُ (فِي عَبْدٍ) وَاحِدٍ (يَخْدُمُ) الْعَبْدُ (هَذَا يَوْمًا وَهَذَا يَوْمًا) ؛ لِأَنَّ الْمُهَايَأَةَ قَدْ تَكُونُ فِي الزَّمَانِ وَقَدْ تَكُونُ مِنْ حَيْثُ الْمَكَانُ وَالْأَوَّلُ مُتَعَيِّنٌ هَهُنَا وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي التَّهَايُؤِ مِنْ حَيْثُ الزَّمَانُ

<<  <  ج: ص:  >  >>