أَنَّ الْجَارِيَةَ دَخَلَتْ فِي الشَّرِكَةِ عَلَى الْبَتَاتِ جَرْيًا عَلَى مُقْتَضَى الشَّرِكَةِ فَأَشْبَهَ حَالَ عَدَمِ الْإِذْنِ غَيْرَ أَنَّ الْإِذْنَ يَتَضَمَّنُ هِبَةَ نَصِيبِهِ مِنْهُ لِأَنَّ الْوَطْءَ لَا يَحِلُّ إلَّا بِالْمِلْكِ وَلَا وَجْهَ بِإِثْبَاتِهِ بِالْبَيْعِ لِأَنَّهُ يُخَالِفُ مُقْتَضَى الشَّرِكَةِ فَأَثْبَتَاهُ بِالْهِبَةِ الثَّابِتَةِ فِي ضِمْنِ الْإِذْنِ.
وَفِي التَّنْوِيرِ وَمَنْ اشْتَرَى عَبْدًا فَقَالَ لَهُ آخَرُ أَشْرِكْنِي فِيهِ فَقَالَ فَعَلْت إنْ قَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ بَعْدَهُ صَحَّ وَلَزِمَهُ نِصْفُ الثَّمَنِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالثَّمَنِ خُيِّرَ عِنْدَ الْعِلْمِ بِهِ وَلَوْ قَالَ أَشْرِكْنِي فِيهِ فَقَالَ نَعَمْ ثُمَّ لَقِيَهُ آخَرُ وَقَالَ مِثْلَهُ وَأُجِيبَ بِنَعَمْ فَإِنْ كَانَ الْقَائِلُ عَالِمًا بِمُشَارَكَةِ الْأَوَّلِ فَلَهُ رُبُعُهُ وَإِنْ يَعْلَمْ فَلَهُ نِصْفُهُ وَخَرَجَ الْعَبْدُ مِنْ مِلْكِ الْأَوَّلِ.
وَفِي الْبَاقَانِيِّ مُعَلِّمَانِ اشْتَرَكَا لِحِفْظِ الصِّبْيَانِ وَتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ فَعَلَى مَا أَجَزْنَا فِي الْجَوَابِ مِنْ الْفَتْوَى أَنَّ الِاسْتِئْجَارَ لِتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ جَائِزٌ تَجُوزُ هَذِهِ الشَّرِكَةُ.
وَفِي الْمِنَحِ وَلَا شَرِكَةَ لِلْقِرَاءَةِ بِالزَّمْزَمَةِ وَلَا التَّغَاذِي لِأَنَّهَا غَيْرُ مُسْتَحَقَّةٍ عَلَيْهِمْ وَلَا تَجُوزُ شَرِكَةُ الدَّلَّالِينَ فِي عَمَلِهِمْ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ لَيْسُوا بِشُرَكَاءَ تَقَبَّلُوا عَمَلًا مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ جَاءَ وَاحِدٌ وَعَمِلَ ذَلِكَ كُلَّهُ فَلَهُ ثُلُثُ الْأُجْرَةِ وَلَا شَيْءَ لِلْآخَرَيْنِ.
وَفِي السِّرَاجِيَّةِ طَاحُونَةٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَنْفَقَ أَحَدُهُمَا فِي عِمَارَتِهَا لَمْ يَكُنْ مُتَطَوِّعًا بِخِلَافِ مَا إذَا أَنْفَقَ عَلَى عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ أَوْ أَدَّى خَرَاجَ كَرْمٍ مُشْتَرَكٍ حَيْثُ يَكُونُ مُتَطَوِّعًا.
[كِتَابُ الْوَقْفِ]
ِ مُنَاسَبَتُهُ لِلشَّرِكَةِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْمَقْصُودَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا الِانْتِفَاعُ بِمَا يَزِيدُ عَلَى أَصْلِ الْمَالِ (هُوَ) لُغَةً مَصْدَرُ وَقَفَهُ أَيْ حَبَسَهُ وَقْفًا وَوَقَفَ بِنَفْسِهِ وُقُوفًا يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى وَيُطْلَقُ عَلَى الْمَوْقُوفِ مُبَالَغَةً فَيُجْمَعُ عَلَى الْأَوْقَافِ وَلَا يُقَالُ أَوْقَفَهُ إلَّا فِي لُغَةٍ رَدِيئَةٍ وَاجْتَمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى جَوَازِ الْوَقْفِ لِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - تَصَدَّقَ بِسَبْعِ حَوَائِطَ فِي الْمَدِينَةِ» وَكَذَلِكَ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَقَفُوا وَالْخَلِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَقَفَ أَوْقَافًا هِيَ بَاقِيَةٌ جَارِيَةٌ إلَى يَوْمِنَا وَسَبَبُهُ إرَادَةُ مَحْبُوبِ النَّفْسِ فِي الدُّنْيَا بَيْنَ الْإِحْيَاءِ وَفِي الْآخِرَةِ التَّقَرُّبُ إلَى رَبِّ الْأَرْبَابِ عَزَّ وَجَلَّ وَمَحَلُّهُ الْمَالُ الْمُتَقَوِّمُ الْقَابِلُ لِلْوَقْفِ وَرُكْنُهُ الْأَلْفَاظُ الْخَاصَّةُ كَصَدَقَةٍ مَوْقُوفَةٍ مُؤَبَّدَةٍ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَنَحْوِهِ وَشَرْطُهُ شَرْطُ سَائِرِ التَّبَرُّعَاتِ مِنْ كَوْنِهِ حُرًّا بَالِغًا عَاقِلًا وَأَنْ يَكُونَ مُنَجَّزًا غَيْرَ مُعَلَّقٍ فَلَوْ قَالَ إنْ قَدِمَ وَلَدِي فَدَارِي صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَجَاءَ وَلَدُهُ لَا تَصِيرُ وَقْفًا وَمِنْ شَرَائِطِهِ الْمِلْكُ وَقْتَ الْوَقْفِ حَتَّى لَوْ غَصَبَ أَرْضًا فَوَقَفَهَا ثُمَّ مَلَكَهَا لَا يَكُونُ وَقْفًا وَمِنْهَا عَدَمُ الْجَهَالَةِ وَمِنْهَا عَدَمُ الْحَجْرِ عَلَى الْوَاقِفِ لِسَفَهٍ أَوْ دَيْنٍ وَمِنْهَا أَنْ لَا يَلْحَقَ بِهِ خِيَارُ شَرْطٍ فَلَوْ وَقَفَ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ لَمْ يَصِحَّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ مُطْلَقًا.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إنْ كَانَ الْوَقْفُ مَعْلُومًا جَازَ وَإِلَّا فَلَا وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ لِلْوَاقِفِ مِلَّةٌ أُخْرَى فَلَا يَصِحُّ وَقْفُ الْمُرْتَدِّ إنْ قُتِلَ أَوْ مَاتَ عَلَى رِدَّتِهِ وَإِنْ أَسْلَمَ صَحَّ، وَيَبْطُلُ وَقْفُ الْمُسْلِمِ إنْ ارْتَدَّ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَيَصِيرُ مِيرَاثًا سَوَاءٌ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ أَوْ مَاتَ أَوْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ إلَّا أَنَّهُ عَادَ الْوَقْفُ بَعْدَ عَوْدٍ إلَى الْإِسْلَامِ وَيَصِحُّ وَقْفُ الْمُرْتَدَّةِ لِأَنَّهَا لَا تُقْتَلُ وَأَمَّا الْإِسْلَامُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute