دَعْوَاهُ، فَصَالَحَهُ الْمُنْكِرُ لِقَطْعِ الْخُصُومَةِ عَنْهُ جَازَ الصُّلْحُ، وَطَابَ لَهُ لَوْ صَادَقَا، وَقِيلَ لَا.
كُلُّ صُلْحٍ بَعْدَ صُلْحٍ فَالثَّانِي بَاطِلٌ، وَكَذَا الصُّلْحُ بَعْدَ الشِّرَاءِ.
أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً بَعْدَ الصُّلْحِ - عَنْ إنْكَارٍ - أَنَّ الْمُدَّعِيَ قَالَ قَبْلَ الصُّلْحِ: لَيْسَ لِي قِبَلَ فُلَانٍ حَقٌّ، فَالصُّلْحُ مَاضٍ عَلَى الصِّحَّةِ، وَلَوْ قَالَ الْمُدَّعِي بَعْدَهُ: مَا كَانَ لِي قِبَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَقٌّ بَطَلَ الصُّلْحُ، وَالصُّلْحُ عَنْ الدَّعْوَى الْفَاسِدَةِ يَصِحُّ، وَعَنْ الْبَاطِلَةِ لَا، وَقِيلَ: اشْتِرَاطُ صِحَّةِ الدَّعْوَى لِصِحَّةِ الصُّلْحِ غَيْرُ صَحِيحٍ مُطْلَقًا وَيَصِحُّ الصُّلْحُ بَعْدَ حَلِفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَفْعًا لِلنِّزَاعِ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَقِيلَ لَا.
طَلَبُ الصُّلْحِ وَالْإِبْرَاءِ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ الدَّعْوَى لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِخِلَافِ طَلَبِ الصُّلْحِ وَالْإِبْرَاءِ عَنْ الْمَالِ.
صَالَحَ الْبَائِعُ مِنْ الْمُشْتَرِي عَنْ عَيْبٍ وَظَهَرَ عَدَمُ ذَلِكَ الْعَيْبِ، أَوْ زَالَ الْعَيْبُ بَطَلَ الصُّلْحُ.
[بَابُ الصُّلْحِ فِي الدَّيْنِ]
ِ وَهُوَ الَّذِي ثَبَتَ فِي الذِّمَّةِ (الصُّلْحُ عَمَّا اُسْتُحِقَّ بِعَقْدِ الْمُدَايَنَةِ) مِثْلُ الْبَيْعِ نَسِيئَةً وَمِثْلُ الْإِقْرَاضِ (عَلَى بَعْضِ جِنْسِهِ) كَمَنْ لَهُ عَلَى آخَرَ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَصَالَحَهُ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ (أَخْذٌ) خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ (لِبَعْضِ حَقِّهِ، وَإِسْقَاطٌ لِبَاقِيهِ) لِأَنَّ تَصْحِيحَ تَصَرُّفِ الْعَاقِلِ وَاجِبٌ مَا أَمْكَنَ، وَقَدْ أَمْكَنَ ذَلِكَ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ (لَا مُعَاوَضَةٌ) لِإِفْضَائِهِ إلَى الرِّبَا ثُمَّ فَرَّعَهُ بِقَوْلِهِ (فَلَوْ صَالَحَ) الْمَدْيُونُ دَائِنَهُ (عَنْ أَلْفٍ حَالٍّ) فِي ذِمَّتِهِ (عَلَى مِائَةٍ حَالَّةٍ) بِإِسْقَاطِ مَا فَضَلَ هُوَ تِسْعُمِائَةٍ (أَوْ) عَنْ أَلْفٍ حَالٍّ (عَلَى أَلْفٍ مُؤَجَّلٍ) بِإِسْقَاطِ وَصْفِ الْحُلُولِ فَقَطْ هُوَ حَقٌّ لَهُ كَالْفَضْلِ (صَحَّ) الصُّلْحُ.
(وَكَذَا) صَحَّ لَوْ صَالَحَ (عَنْ أَلْفٍ جِيَادٍ عَلَى مِائَةٍ زُيُوفٍ) بِإِسْقَاطِ مَا فَضَلَ، وَإِسْقَاطِ وَصْفِ الْجَوْدَةِ مَعًا، وَلَا يُشْتَرَطُ قَبْضُ الْمُبْدَلِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ لِكَوْنِهِ مُدَايَنَةً لَا مُعَاوَضَةً.
(وَلَا يَصِحُّ) لَوْ صَالَحَ (عَنْ دَرَاهِمَ) حَالَّةٍ (عَلَى دَنَانِيرَ مُؤَجَّلَةٍ) إلَى شَهْرٍ، سَوَاءٌ عَنْ إقْرَارٍ أَوْ إنْكَارٍ لِأَنَّ الدَّنَانِيرَ غَيْرُ مُسْتَحَقَّةٍ بِعَقْدِ الْمُدَايَنَةِ، فَلَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى التَّأْخِيرِ فَتَعَيَّنَتْ الْمُعَاوَضَةُ وَبَيْعُ الدَّرَاهِمِ بِالدَّنَانِيرِ نَسِيئَةً لَا يَجُوزُ لِكَوْنِهِ صَرْفًا.
(أَوْ) صَالَحَهُ (عَنْ أَلْفٍ مُؤَجَّلٍ عَلَى نِصْفِهِ حَالًّا) فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ أَيْضًا لِأَنَّ الْمُعَجَّلَ خَيْرٌ مِنْ الْمُؤَجَّلِ، وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ بِالْعَقْدِ، فَيَكُونُ بِإِزَاءِ مَا حُطَّ عَنْهُ، وَذَلِكَ اعْتِيَاضٌ عَنْ الْأَجَلِ، وَهُوَ حَرَامٌ.
(أَوْ) صَالَحَهُ (عَنْ أَلْفٍ سُودٍ) جَمْعُ أَسْوَدَ أَيْ دَرَاهِمَ مَضْرُوبَةٍ مِنْ نُقْرَةٍ سَوْدَاءَ مَغْلُوبَةِ الْغِشِّ (عَلَى نِصْفِهِ بِيضًا) لِأَنَّهُ مِنْ دَرَاهِمَ سُودٍ لَا يَسْتَحِقُّ الْبِيضَ فَقَدْ صَالَحَ عَلَى مَا لَا يَسْتَحِقُّ بِعَقْدِ الْمُدَايَنَةِ، وَكَانَ مُعَاوَضَةَ الْأَلْفِ بِخَمْسِمِائَةٍ وَزِيَادَةِ وَصْفٍ، وَهُوَ رِبًا بِخِلَافِ مَا لَوْ صَالَحَ عَلَى قَدْرِ الدَّيْنِ، وَهُوَ أَجْوَدُ كَمَا لَوْ صَالَحَهُ عَنْ أَلْفٍ حَالٍّ عَلَى أَلْفٍ مُؤَجَّلٍ