نِيَّتِهَا فَالْأَحْسَنُ وَالْأَحْوَطُ أَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ إنِّي أُرِيدُ آخِرَ ظُهْرٍ أَدْرَكْت وَقْتَهُ وَلَمْ أُصَلِّهِ بَعْدُ لِأَنَّ ظُهْرَ يَوْمِهِ إنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِ بِآخِرِ الْوَقْتِ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ.
(وَمِنَى مِصْرٌ فِي الْمَوْسِمِ تَصِحُّ الْجُمُعَةُ فِيهَا) عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ لِتَمَصُّرِهَا فِي أَيَّامِ الْمَوْسِمِ لِاجْتِمَاعِ شَرَائِطِ الْمِصْرِ وَبَقَاؤُهَا مِصْرًا لَيْسَ بِشَرْطٍ لِأَنَّ الدُّنْيَا عَلَى شَرَفِ الزَّوَالِ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ لِأَنَّهَا قَرْيَةٌ أَوْ هُوَ مَنْزِلٌ مِنْ مَنَازِلِ الْحَاجِّ وَلِهَذَا لَا يُصَلُّونَ فِيهَا صَلَاةَ الْعِيدِ لَهُمَا عَدَمُ التَّعْيِيدِ بِمِنًى لِلتَّخْفِيفِ لِاشْتِغَالِ الْحَاجِّ بِالْمَنَاسِكِ لَا لِعَدَمِ الْمِصْرِيَّةِ (لِلْخَلِيفَةِ أَوْ أَمِيرِ الْحِجَازِ) وَهُوَ أَمِيرُ مَكَّةَ أَوْ الْمَأْذُونُ مِنْ جِهَتِهِمْ (لَا لِأَمِيرِ الْمَوْسِمِ) وَهُوَ الْمُسَمَّى بِأَمِيرِ الْحَاجِّ وَإِنْ كَانَ مُقِيمًا لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْمُورٍ بِإِقَامَةِ الْجُمُعَةِ إلَّا إذَا كَانَ مَأْذُونًا مِنْ جِهَةِ مَنْ لَهُ الْإِذْنُ وَقِيلَ: إنْ كَانَ مُقِيمًا تَجُوزُ وَإِنْ كَانَ مُسَافِرًا لَا تَجُوزُ وَالْأَوَّلُ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ.
[الْجُمُعَةُ بِعَرَفَاتٍ]
(وَلَا) تَصِحُّ الْجُمُعَةُ (بِعَرَفَاتٍ) لِأَنَّهَا لَا تَتَمَصَّرُ بِاجْتِمَاعِ النَّاسِ وَحَضْرَةِ السُّلْطَانِ لِأَنَّهَا مِنْ الْبَرَارِي الْقِفَارِ.
[فرض الْخُطْبَة وسنتها]
(وَفَرْضُ الْخُطْبَةِ) عِنْدَ الْإِمَامِ (تَسْبِيحَةٌ أَوْ نَحْوُهَا) مِنْ تَهْلِيلَةٍ وَتَحْمِيدَةٍ وَتَكْبِيرَةٍ عَلَى قَصْدِ الْخُطْبَةِ (وَعِنْدَهُمَا لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرٍ طَوِيلٍ يُسَمَّى خُطْبَةً) عُرْفًا وَهُوَ مِقْدَارُ ثَلَاثِ آيَاتٍ عِنْدَ الْكَرْخِيِّ وَقِيلَ مِقْدَارُ التَّشَهُّدِ وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ تَجِبُ فِي الْخُطْبَةِ تَحْمِيدَةٌ وَتَصْلِيَةٌ وَقِرَاءَةُ آيَةٍ وَمَوْعِظَةٌ فَإِنْ خَلَتْ عَنْ وَاحِدَةٍ مِنْهَا تَتِمُّ الْخُطْبَةُ عِنْدَهُمْ.
(وَسُنَّتُهَا) أَيْ الْخُطْبَةِ (أَنْ يَخْطُبَ قَائِمًا) قَيَّدَ بِقَائِمًا لِأَنَّهُ لَوْ خَطَبَ قَاعِدًا يُكْرَهُ لِمُخَالَفَتِهِ الْمُتَوَارَثَ (عَلَى طَهَارَةٍ) فَإِنْ خَطَبَ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ جَازَ وَلَكِنَّهُ يُكْرَهُ (خُطْبَتَيْنِ) خَفِيفَتَيْنِ بِقَدْرِ سُورَةٍ مِنْ طِوَالِ الْمُفَصَّلِ وَزِيَادَةُ التَّطْوِيلِ مَكْرُوهَةٌ مُسْتَقْبِلًا لِلْقَوْمِ بِوَجْهِهِ فِيهِمَا وَيَجْهَرُ فِيهِمَا لَكِنْ فِي الثَّانِيَةِ لَا كَالْأُولَى وَيَبْدَأُ بِالتَّعَوُّذِ سِرًّا (يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِجَلْسَةٍ) مِقْدَارِ قِرَاءَةِ ثَلَاثِ آيَاتٍ فِي الظَّاهِرِ وَتَارِكُهَا مُسِيءٌ عَلَى الْأَصَحِّ (مُشْتَمِلَتَيْنِ) صِفَةُ خُطْبَتَيْنِ (عَلَى تِلَاوَةِ آيَةٍ وَالْإِيصَاءِ بِالتَّقْوَى وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) لِأَنَّهُ الْمُتَوَارَثُ (فَيُكْرَهُ تَرْكُ ذَلِكَ) لِمُخَالَفَتِهِ الْمُتَوَارَثَ.
(وَأَقَلُّ الْجَمَاعَةِ ثَلَاثَةٌ سِوَى الْإِمَامِ) عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ لِأَنَّهَا أَقَلُّ الْجَمْعِ وَالْخِطَابُ وَرَدَ لِلْجَمْعِ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: ٩] فَإِنَّهُ يَقْضِي ثَلَاثًا سِوَى الْخَطِيبِ الذَّاكِرِ.
(وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ اثْنَانِ) سِوَى الْإِمَامِ لِأَنَّ لِلْمُثَنَّى حُكْمُ الْجَمَاعَةِ حَتَّى أَنَّ الْإِمَامَ يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِمَا كَمَا يَتَقَدَّمُ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَلِأَنَّ فِي الْجَمَاعَةِ مَعْنَى الِاجْتِمَاعِ.
(وَقِيلَ مُحَمَّدٌ مَعَهُ) أَيْ مَعَ أَبِي يُوسُفَ لَكِنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ مَعَ الْإِمَامِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا بُدَّ مِنْ أَرْبَعِينَ رَجُلًا حُرًّا مُقِيمًا سِوَى الْإِمَامِ.
(فَلَوْ نَفَرُوا) أَيْ تَفَرَّقَ الْجَمَاعَةُ (قَبْلَ سُجُودِهِ) أَيْ الْإِمَامِ وَلَوْ نَفَرُوا بَعْدَ سُجُودِهِ أَتَمَّهَا خِلَافًا لِزُفَرَ فَعِنْدَهُ إذَا نَفَرُوا قَبْلَ الْقَعْدَةِ بَطَلَتْ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ شَرْطٌ فَلَا بُدَّ مِنْ دَوَامِهَا كَالْوَقْتِ (يَسْتَأْنِفُ الظُّهْرَ) عِنْدَ الْإِمَامِ