مِنْ الْبَدَلِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَقِيلَ يُعْتَقُ إذَا أَعْتَقَهُ الْبَاقُونَ مَا لَمْ يَرْجِعْ الْأَوَّلُ.
(وَإِنْ أَعْتَقُوهُ) أَيْ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ (كُلُّهُمْ عَتَقَ) الْعَبْدُ الْمُكَاتَبُ (مَجَّانًا) وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يُعْتَقَ لِعَدَمِ مِلْكِهِمْ
وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُ يُجْعَلُ إبْرَاءً عَنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ اقْتِضَاءً تَصْحِيحًا لِلْعِتْقِ كَمَا إذَا أَبْرَأَهُ الْمَوْلَى عَنْ كُلِّ بَدَلِ الْكِتَابَةِ.
وَفِي التَّنْوِيرِ مُكَاتَبٌ تَحْتَهُ أَمَةٌ طَلَّقَهَا ثِنْتَيْنِ فَمَلَكَهَا لَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ. كَاتَبَا عَبْدًا كِتَابَةً وَاحِدَةً وَعَجَزَ الْمُكَاتَبُ لَا يُعَجِّزُهُ الْقَاضِي حَتَّى يَجْتَمِعَا.
[كِتَابُ الْوَلَاءِ]
ِ أَوْرَدَ كِتَابَ الْوَلَاءِ عَقِيبَ الْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ آثَارِ زَوَالِ مِلْكِ الرَّقَبَةِ وَهُوَ لُغَةً الْقَرَابَةُ وَشَرْعًا قَرَابَةٌ حُكْمِيَّةٌ حَاصِلَةٌ مِنْ الْعِتْقِ أَوْ مِنْ الْمُوَالَاةِ وَهِيَ الْمُتَابَعَةُ؛ لِأَنَّ فِي وَلَاءِ الْعَتَاقَةِ إرْثًا يُوَالِي وُجُودَ الشَّرْطِ وَكَذَا فِي وَلَاءِ الْمُوَالَاةِ وَقِيلَ الْوَلَاءُ وَالْوَلَايَةُ بِالْفَتْحِ النُّصْرَةُ وَالْحُجَّةُ بِالْعِتْقِ وَلَوْ بِمَالٍ أَوْ بِالْعَقْدِ وَالْوَعْدِ وَلَوْ كَافِرًا فَالْوَلَاءُ عِبَارَةٌ عَنْ النُّصْرَةِ بِالْعِتْقِ أَوْ بِالْفِعْلِ فَيَرِثُهُ شَرْعًا عِنْدَ عَدَمِ الْمَانِعِ مِنْ الْإِرْثِ.
وَفِي التَّنْوِيرِ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ التَّنَاصُرِ بِوَلَاءِ الْعَتَاقَةِ أَوْ بِوَلَاءِ الْمُوَالَاةِ وَمِنْ آثَارِهِ الْإِرْثُ وَالْعَقْلُ «الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» وَهُوَ لَفْظُ الْحَدِيثِ أَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ عَنْ عَائِشَةَ الصِّدِّيقَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - عَنْ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» يَعْنِي أَعْتَقَ مَمْلُوكَهُ ذَكَرًا كَانَ السَّيِّدُ أَوْ أُنْثَى فَوَلَاؤُهُ لَهُ وَلِذَا قَالَ الْجُمْهُورُ سَبَبُ هَذَا الْوَلَاءِ الْإِعْتَاقُ وَالْأَصَحُّ أَنْ سَبَبَهُ الْعِتْقُ عَلَى مِلْكِهِ؛ لِأَنَّهُ يُضَافُ إلَيْهِ يُقَالُ وَلَاءُ الْعَتَاقَةِ وَلَا يُقَالُ وَلَاءُ الْإِعْتَاقِ وَالْإِضَافَةُ دَلِيلُ الِاخْتِصَاصِ وَهُوَ بِالسَّبَبِيَّةِ وَلِأَنَّ مَنْ وَرِثَ قَرِيبَهُ فَعَتَقَ عَلَيْهِ كَانَ مَوْلًى لَهُ وَلَا إعْتَاقَ مِنْ جِهَتِهِ وَالْحَدِيثُ لَا يُنَافِي أَنْ يَكُونَ الْعِتْقُ عَلَى الْمِلْكِ هُوَ السَّبَبُ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ يُوجَدُ عِنْدَ الْإِعْتَاقِ لَا مَحَالَةَ وَتَخْصِيصُهُ بِهِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ
(وَلَوْ) وَصْلِيَّةٌ (بِتَدْبِيرٍ) بِأَنْ دَبَّرَ عَبْدَهُ فَمَاتَ وَعَتَقَ مِنْ ثُلُثِهِ (أَوْ اسْتِيلَادٍ) بِأَنْ اسْتَوْلَدَ جَارِيَةً وَمَاتَ عَتَقَتْ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ (أَوْ كِتَابَةٍ) بِأَنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ وَأَدَّى بَدَلَ الْكِتَابَةِ فَعَتَقَ (أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ مِلْكِ قَرِيبٍ) بِأَنْ يَمْلِكَ أَبَاهُ أَوْ ابْنَهُ بِشِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَعَتَقَ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ قَالَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَكُونُ الْوَلَاءُ فِي التَّدْبِيرِ وَالِاسْتِيلَادِ لِلسَّيِّدِ وَالْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ إنَّمَا تُعْتَقَانِ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ قُلْنَا صُورَتُهُ أَنْ يَرْتَدَّ السَّيِّدُ وَيَلْحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ حَتَّى يُحْكَمَ بِعِتْقِ مُدَبَّرِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ ثُمَّ جَاءَ مُسْلِمًا فَمَاتَ مُدَبَّرُهُ أَوْ أُمُّ وَلَدِهِ فَالْوَلَاءُ لَهُ انْتَهَى وَفِيهِ كَلَامٌ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ إثْبَاتُ الْوَلَاءِ لِلسَّيِّدِ فِي جَمِيعِ الْمَوَادِّ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ فَالْجَوَابُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْوَلَاءَ يَثْبُتُ ابْتِدَاءً لِلْمَوْلَى ثُمَّ يَنْتَقِلُ إلَى وَرَثَتِهِ فَيَسْتَقِيمُ الْكَلَامُ فِي الْمُكَاتَبِ الَّذِي أَدَّى الْبَدَلَ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ إلَى الْوَرَثَةِ وَكَذَا فِي الْعَبْدِ الْمُوصِي بِشِرَائِهِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ وَغَيْرِهِمَا تَدَبَّرْ (وَلَغَا شَرْطُهُ لِغَيْرِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute