أَقَرَّ أَنَّهُ بَالِغٌ وَقَاسَمَ وَصِيَّ الْمَيِّتِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ إنْ كَانَ الصَّبِيُّ مُرَاهِقًا قُبِلَ قَوْلُهُ وَيَجُوزُ قِسْمَتُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُرَاهِقًا وَيُعْلَمُ أَنَّ مِثْلَهُ لَا يَحْتَلِمُ لَا تَجُوزُ قِسْمَتُهُ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَكْذِبُ ظَاهِرًا
وَتَبَيَّنَ بِهَذَا أَنَّ بَعْدَ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً إذَا كَانَ بِحَالٍ لَا يَحْتَلِمُ مِثْلُهُ إذَا أَقَرَّ بِالْبُلُوغِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ (وَكَانَا) أَيْ الْغُلَامُ وَالْجَارِيَةُ (كَالْبَالِغِ حُكْمًا) أَيْ أَحْكَامُهُمَا حُكْمُ الْبَالِغِينَ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ إلَّا مِنْ جِهَتِهِمَا فَيُقْبَلُ فِيهِ قَوْلُهُمَا بِالضَّرُورَةِ.
[كِتَابُ الْمَأْذُونِ]
ِ إيرَادُ الْمَأْذُونِ بَعْدَ الْحَجْرِ ظَاهِرُ الْمُنَاسَبَةِ إذْ الْإِذْنُ يَقْتَضِي سَبْقَ الْحَجْرِ وَفِي اللُّغَةِ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِعْلَامِ وَفِي الشَّرْعِ (الْإِذْنُ فَكُّ الْحَجْرِ) الثَّابِتِ شَرْعًا (وَإِسْقَاطُ الْحَقِّ) مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ حَقُّ الصَّبِيِّ أَوْ الْمَعْتُوهِ أَوْ حَقُّ مَوْلَى عَبْدٍ وَقَدْ ذَهَبَ الْبَعْضُ إلَى تَخْصِيصِ الْإِسْقَاطِ بِحَقِّ مَوْلَى الْعَبْدِ هُنَا وَهُوَ التَّصَرُّفُ وَالْخِدْمَةُ لِمَوْلَاهُ إذْ هَذَا الْحَقُّ يَمْنَعُ تَصَرُّفَ الْعَبْدِ لِنَفْسِهِ فَإِذَا أَسْقَطَ الْمَوْلَى حَقَّهُ هَذَا يَقْدِرُ الْعَبْدُ إلَى الِاكْتِسَابِ بِالْإِضَافَةِ إلَى نَفْسِهِ لِيَتَعَلَّقَ حَقُّ مَنْ يُعَامِلُهُ بِذِمَّتِهِ وَلَا يَقْدِرُ إلَى دَفْعِ يَدِ مَوْلَاهُ عَمَّا اكْتَسَبَهُ كَالْحُرِّ فَيَأْخُذُ مِنْ كَسْبِ عَبْدِهِ كَمَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ لِابْنِ الشَّيْخِ.
وَفِي الدُّرَرِ وَالْإِذْنُ نَوْعَانِ أَحَدُهُمَا إذْنُ الْعَبْدِ وَهُوَ فَكُّ الْحَجْرِ بِالرِّقِّ الثَّابِتِ شَرْعًا عَلَى الْعَبْدِ وَإِسْقَاطُ الْحَقِّ فَيَتَصَرَّفُ الْعَبْدُ لِنَفْسِهِ لِأَهْلِيَّتِهِ وَالنَّوْعُ الثَّانِي إذْنُ الصَّبِيِّ وَالْمَعْتُوهِ وَهُوَ فَكُّ الْحَجْرِ وَإِثْبَاتُ الْوِلَايَةِ لَهُمَا (ثُمَّ يَتَصَرَّفُ الْعَبْدُ) بَعْدَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ (بِأَهْلِيَّتِهِ) الْقَدِيمَةِ
فَقَوْلُهُ ثُمَّ يَتَصَرَّفُ عُطِفَ عَلَى مَحْذُوفٍ فَإِنَّ قَوْلَهُ الْإِذْنُ فَكُّ الْحَجْرِ مَعْنَاهُ إذَا أَذِنَ الْمَوْلَى يَنْفَكُّ الْحَجْرُ عَنْ الْعَبْدِ فَعُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ يَنْفَكُّ قَوْلُهُ ثُمَّ يَتَصَرَّفُ الْعَبْدُ فَقَوْلُهُ وَإِسْقَاطُ الْحَقِّ كَالتَّفْسِيرِ لِقَوْلِهِ فَكُّ الْحَجْرِ (فَلَا يَلْزَمُ) تَفْرِيعٌ عَلَى كَوْنِ تَصَرُّفِ الْعَبْدِ لِنَفْسِهِ بِأَهْلِيَّتِهِ (سَيِّدَهُ عُهْدَتُهُ) أَيْ عُهْدَةُ التَّصَرُّفِ كَمَا إذَا اشْتَرَى شَيْئًا وَلَمْ يُؤَدِّ ثَمَنَهُ يُطْلَبُ مِنْهُ الثَّمَنُ وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَى سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ لَا لِسَيِّدِهِ وَالْوَكِيلُ عَكْسُ هَذَا إذَا الثَّمَنُ يُطْلَبُ مِنْ الْمُوَكِّلِ لَا مِنْ الْوَكِيلِ.
(وَلَا يَتَوَقَّتُ) الْإِذْنُ بِزَمَانٍ وَلَا مَكَان (فَلَوْ أَذِنَ لَهُ) أَيْ لِلْعَبْدِ (يَوْمًا) وَنَحْوَهُ مِنْ الْيَوْمِ الْمُعَيَّنِ وَاللَّيْلِ وَالشَّهْرِ وَالسَّنَةِ أَوْ مَكَانًا (فَهُوَ مَأْذُونٌ دَائِمًا إلَى أَنْ يُحْجَرَ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ الْإِسْقَاطَاتِ لَا تَتَوَقَّتُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute