[كِتَاب الْبُيُوع]
وَجْهُ الْمُنَاسَبَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ أَنَّ مَا قَبْلَهُ إزَالَةُ الْمِلْكِ لَا إلَى مَالِكٍ وَفِيهِ الْيَدُ فَنَزَلَ الْوَقْفُ فِي ذَلِكَ مَنْزِلَةَ الْبَسِيطِ مِنْ الْمُرَكَّبِ، وَالْبَسِيطُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُرَكَّبِ فِي الْوُجُودِ فَقَدَّمَهُ فِي التَّعْلِيمِ وَهِيَ جَمْعُ بَيْعٍ بِمَعْنَى مَبِيعٍ، كَضَرْبِ الْأَمِيرِ. وَالْمَبِيعَاتُ أَصْنَافٌ مُخْتَلِفَةٌ وَأَجْنَاسٌ مُتَفَاوِتَةٌ أَوْ جَمْعُ الْمَصْدَرِ لِاخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِ إمَّا بِاعْتِبَارِ الْمَبِيعِ لِأَنَّهُ إمَّا بَيْعُ سِلْعَةٍ بِسِلْعَةٍ وَيُسَمَّى مُقَايَضَةً أَوْ بِالثَّمَنِ وَهُوَ الْبَيْعُ الْمَشْهُورُ أَوْ بَيْعُ ثَمَنٍ بِثَمَنٍ وَهُوَ الصَّرْفُ أَوْ دَيْنٍ بِثَمَنٍ وَهُوَ السَّلَمُ، وَإِمَّا بِاعْتِبَارِ الثَّمَنِ لِأَنَّ الثَّمَنَ الْأَوَّلَ إنْ لَمْ يُعْتَبَرْ يُسَمَّى مُسَاوَمَةً أَوْ اُعْتُبِرَ مَعَ زِيَادَةٍ فَهُوَ الْمُرَابَحَةُ أَوْ بِدُونِهَا فَهُوَ التَّوْلِيَةُ أَوْ مَعَ النَّقْصِ فَهُوَ الْوَضْعِيَّةُ أَوْ أُرِيدَ بِهِ الْحَاصِلُ بِالْمَصْدَرِ كَعُلُومٍ فِي جَمْعِ عِلْمٍ وَهُوَ مِنْ الْأَضْدَادِ يُقَالُ عَلَى الْإِخْرَاجِ عَنْ الْمِلْكِ وَالْإِدْخَالِ فِيهِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَخْطُبُ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ وَلَا يَبِيعُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ» . أَيْ لَا يَشْتَرِي عَلَى شِرَاءِ أَخِيهِ لِأَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ هُوَ الشِّرَاءُ لَا الْبَيْعُ وَيَقَعُ غَالِبًا عَلَى إخْرَاجِ الْمَبِيعِ عَنْ الْمِلْكِ قَصْدًا، وَيَتَعَدَّى إلَى الْمَفْعُولِ الثَّانِي بِنَفْسِهِ وَبِالْحَرْفِ نَحْوَ بَاعَهُ الشَّيْءَ وَبَاعَهُ مِنْهُ وَرُبَّمَا دَخَلَتْ اللَّامُ فَيُقَالُ بِعْت الشَّيْءَ وَبِعْت لَك فَهِيَ زَائِدَةٌ وَابْتَاعَ زَيْدٌ الدَّارَ بِمَعْنَى اشْتَرَاهَا وَبَاعَ عَلَيْهِ الْقَاضِي أَيْ مِنْ غَيْرِ رِضَاهُ وَكَذَا الشِّرَاءُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ} [يوسف: ٢٠] أَيْ بَاعُوهُ. وَيَقَعُ غَالِبًا عَلَى إخْرَاجِ الثَّمَنِ عَنْ الْمِلْكِ قَصْدًا. ثُمَّ الْبَيْعُ لَا يَنْعَقِدُ إلَّا بِصُدُورِ رُكْنِهِ مِنْ أَهْلِهِ مُضَافًا إلَى مَحَلٍّ قَابِلٍ لِحُكْمِهِ كَسَائِرِ الْعُقُودِ وَهَذَا كَمَا فِي الْحِسِّيَّاتِ فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ فِي إيجَادِ السَّرِيرِ إلَى النَّجَّارِ وَهُوَ مِثْلُ الْعَاقِدِ فِي مَسْأَلَتِنَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute