أَنْ يُقَاتِلَ بِالسِّلَاحِ لِأَنَّهُ قَالَ الْأَوْلَى أَنْ يُقَاتِلَهُ بِغَيْرِ سِلَاحٍ لِأَنَّهُ ارْتَكَبَ مَعْصِيَةً فَصَارَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ التَّعْزِيرِ.
[فَصَلِّ فِي كري الْأَنْهَار]
(وَكَرْيُ الْأَنْهَارِ الْعِظَامِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) خَبَرُ كَرْيِ الْأَنْهَارِ.
وَفِي الْهِدَايَةِ الْأَنْهَارُ ثَلَاثَةٌ نَهْرٌ غَيْرُ مَمْلُوكٍ لِأَحَدٍ وَلَمْ يَدْخُلْ مَاؤُهُ فِي الْمَقَاسِمِ بَعْدُ أَيْ قَطُّ كَالْفُرَاتِ وَنَحْوِهِ وَنَهْرٌ مَمْلُوكٌ دَخَلَ مَاؤُهُ تَحْتَ الْقِسْمَةِ إلَّا أَنَّهُ عَامٌّ وَنَهْرٌ مَمْلُوكٌ دَخَلَ مَاؤُهُ فِي الْقِسْمَةِ وَهُوَ خَاصٌّ وَالْفَاصِلُ بَيْنَهُمَا اسْتِحْقَاقُ الشَّفَةِ بِهِ وَعَدَمُهُ وَالْأَوَّلُ كَرْيُهُ عَلَى السُّلْطَانِ مِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْكَرْيِ لَهُمْ فَتَكُونُ مُؤْنَتُهُ عَلَيْهِمْ وَيَصْرِفُ إلَيْهِمْ مِنْ مُؤْنَةِ الْخَرَاجِ وَالْجِزْيَةِ دُونَ الْعُشُورِ وَالصَّدَقَاتِ لِأَنَّ الثَّانِيَ لِلْفُقَرَاءِ وَالْأَوَّلَ لِلنَّوَائِبِ.
(وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ) أَيْ فِي بَيْتِ الْمَالِ (شَيْءٌ فَعَلَى الْعَامَّةِ) أَيْ فَالْإِمَامُ يُجْبِرُ النَّاسَ عَلَى كَرْيِهِ إحْيَاءً لِمَصْلَحَةِ الْعَامِّ إذْ هُمْ لَا يَجْتَمِعُونَ وَلَا يُنْفِقُونَ عَلَيْهَا بِأَنْفُسِهِمْ وَلَا يُقِيمُونَهَا إنْ لَمْ يُجْبِرْهُمْ الْإِمَامُ عَلَيْهِ وَفِي مِثْلِهِ قَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَوْ تُرِكْتُمْ لَبِعْتُمْ أَوْلَادَكُمْ إلَّا أَنَّهُ يُخْرَجُ لِلْكَرْيِ مَنْ كَانَ يُطِيقُهُ وَتُجْعَلُ مُؤْنَتُهُ عَلَى الْمَيَاسِيرِ الَّذِينَ لَا يُطِيقُونَهُ بِأَنْفُسِهِمْ كَمَا يَفْعَلُهُ فِي تَجْهِيزِ الْجُيُوشِ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ مَنْ كَانَ يُطِيقُ عَلَى الْقِتَالِ وَتُجْعَلُ مُؤْنَتُهُ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ.
(وَكَرْيُ مَا مُلِكَ) وَدَخَلَ مَاؤُهُ فِي الْمُقَاسِمِ قَوْلُهُ مُلِكَ عَلَى صِيغَةِ الْمَبْنِيِّ لِلْمَفْعُولِ (عَلَى أَرْبَابِهِ) وَهَذَا النَّوْعُ اثْنَانِ أَنْ يَكُونَ عَامًّا مِنْ وَجْهٍ وَخَاصًّا مِنْ وَجْهٍ وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ خَاصًّا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَالْفَارِقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ مَا يَسْتَحِقُّ بِهِ الشَّفَةَ فَهُوَ خَاصٌّ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَمَا لَا يَسْتَحِقُّ فَهُوَ عَامٌّ مِنْ وَجْهٍ فَكَرْيُهُ عَلَى أَهْلِهَا لَا عَلَى بَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ لَهُمْ عَلَى الْخُصُوصِ فَتَكُونُ مُؤْنَتُهُ عَلَيْهِمْ لِأَنَّ الْغُرْمَ بِالْغُنْمِ (لَا عَلَى أَهْلِ الشَّفَةِ) لِأَنَّهُمْ لَا يُخَصُّونَ أَوْ لِأَهْلِ الدُّنْيَا كُلِّهِمْ حَقُّ الشَّفَةِ وَلِأَنَّهُمْ أَتْبَاعٌ وَالْمُؤْنَةُ تَجِبُ عَلَى الْأُصُولِ دُونَ الْأَتْبَاعِ.
(وَيُجْبَرُ مَنْ أَبَى) عَنْ الْكَرْيِ دَفْعًا لِضَرَرِ بَقِيَّةِ الشُّرَكَاءِ وَقِيلَ لَا يُجْبَرُ فِي الْمَمْلُوكِ الْخَاصِّ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الضَّرَرَيْنِ خَاصٌّ وَيُمْكِنُ دَفْعُهُ بِالْكَرْيِ بِأَمْرِ الْقَاضِي ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى الْآبِي وَلَا كَذَلِكَ الْأَوَّلُ (وَمُؤْنَتُهُ) أَيْ مُؤْنَةُ الْكَرْيِ الْمُشْتَرَكِ (عَلَيْهِمْ) أَيْ عَلَى الْأَرْبَابِ (مِنْ أَعْلَاهُ) أَيْ مِنْ أَعْلَى النَّهْرِ.
(وَإِذَا جَاوَزَ) الْكَرْيُ (أَرْضَ رَجُلٍ) مِنْ الشُّرَكَاءِ (سَقَطَتْ) الْمُؤْنَةُ (عَنْهُ) أَيْ عَنْ الرَّجُلِ عِنْدَ الْإِمَامِ وَفِي الْخَانِيَّةِ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِ.
(وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِلرَّجُلِ (سَقْيُ أَرْضِهِ مَا لَمْ يَفْرُغْ شُرَكَاؤُهُ) عَنْ الْكَرْيِ لِاخْتِصَاصِهِ بِالِانْتِفَاعِ بِالْمَاءِ دُونَ شُرَكَائِهِ (وَقِيلَ لَهُ) أَيْ لِلرَّجُلِ (ذَلِكَ) أَيْ السَّقْيُ قَبْلَ فَرَاغِهِمْ (وَعِنْدَهُمَا هِيَ) أَيْ الْمُؤْنَةُ (عَلَيْهِمْ) عَلَى الْأَرْبَابِ (جَمِيعًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute