وَفِي الْمِنَحِ نَقْلًا عَنْ الْخَانِيَّةِ نَهْرٌ لِقَوْمٍ لِرَجُلٍ أَرْضٌ بِجَنْبِهِ لَيْسَ لَهُ شِرْبٌ مِنْ هَذَا النَّهْرِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْقِيَ مِنْهُ أَرْضًا أَوْ شَجَرًا أَوْ زَرْعًا وَلَا أَنْ يَنْصِبَ دُولَابًا عَلَى النَّهْرِ لِأَرْضِهِ وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَرْفَعَ الْمَاءَ مِنْهُ بِالْقِرَبِ وَالْأَوَانِي وَيَسْقِيَ زَرْعَهُ أَوْ شَجَرَهُ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَيْسَ ذَلِكَ وَلِأَهْلِ النَّهْرِ أَنْ يَمْنَعُوهُ (وَلَهُ) أَيْ لِكُلِّ أَحَدٍ (الْأَخْذُ) أَيْ أَخْذُ الْمَاءِ مِنْهَا (لِلْوُضُوءِ وَغَسْلِ الثِّيَابِ) وَلَوْ بِغَيْرِ رِضَاهُ لِئَلَّا يَلْزَمَ مَا هُوَ مَدْفُوعٌ شَرْعًا (وَسَقْيِ شَجَرٍ وَخُضَرٍ) اتَّخَذَهُمَا (فِي دَارِهِ بِالْجِرَارِ فِي الْأَصَحِّ) قَالَ فِي الْمِنَحِ لَوْ اتَّخَذَ فِي دَارِهِ خُضْرَةً أَوْ شَجَرَةً وَأَرَادَ أَنْ يَسْقِيَ ذَلِكَ بِالْأَوَانِ مِنْ نَهْرٍ لِغَيْرِهِ اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِ بَلْخِي لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِ الْمَاءِ كَمَا لَيْسَ لَهُ سَقْيُ شَجَرَةٍ أَوْ خُضْرَةٍ فِي غَيْرِ دَارِهِ.
وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ هَذَا الْمِقْدَارِ وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ مَا قَالَ السَّرَخْسِيُّ لِأَنَّ النَّاسَ يَتَوَسَّعُونَ فِيهِ وَيَعُدُّونَ الْمَنْعَ مِنْ الدَّنَاءَةِ.
(وَمَا أُحْرِزَ مِنْ الْمَاءِ بِحَبٍّ وَكُوزٍ وَنَحْوِهِ لَا يُؤْخَذُ إلَّا بِرِضَى صَاحِبِهِ وَلَهُ) أَيْ لِصَاحِبِ الْمَاءِ الْمُحْرَزِ (بَيْعُهُ) أَيْ بَيْعُ الْمَاءِ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِالْإِحْرَازِ وَصَارَ كَالصَّيْدِ إذَا أَخَذَهُ إلَّا أَنَّهُ لَا قَطْعَ فِي سَرِقَتِهِ بِقِيَامِ شُبْهَةِ الشَّرِكَةِ فِيهِ بِالْحَدِيثِ فَإِنْ قِيلَ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُقْطَعَ فِي الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى {خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: ٢٩] يَصِيرُ شُبْهَةً قَالُوا قَوْله تَعَالَى {خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ} [البقرة: ٢٩] مُقَابَلَةُ الْجَمْعِ بِالْجَمْعِ يَقْتَضِي انْقِسَامَ الْآحَادِ إلَى الْآحَادِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: ٢٣] وقَوْله تَعَالَى {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: ٢٤] وَلَا يَجُوزُ الزَّوَائِدُ عَلَى الْأَرْبَعِ وَفِيمَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ الْحَدِيثِ أَثْبَتَ الشَّرِكَةَ لِلنَّاسِ عَامًّا.
(وَلَوْ) كَانَتْ (الْبِئْرُ أَوْ الْعَيْنُ أَوْ النَّهْرُ فِي مِلْكِ أَحَدٍ فَلَهُ) أَيْ لِصَاحِبِ الْمَاءِ (مَنْعُ مَنْ يُرِيدُ الشَّفَةَ مِنْ الدُّخُولِ) أَيْ فِي مَلِكِهِ إذَا كَانَ يَجِدُ مَاءً آخَرَ بِقُرْبٍ مِنْ هَذَا الْمَاءِ فِي أَرْضٍ مُبَاحَةٍ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ) أَيْ غَيْرَ ذَلِكَ الْمَاءِ (لَزِمَهُ) أَيْ صَاحِبَ الْمَاءِ (أَنْ يُخْرِجَ إلَيْهِ الْمَاءَ أَوْ يُمَكِّنَهُ) مِنْ التَّمْكِينِ (مِنْ الدُّخُولِ) بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكْسِرَ صِفَتَهُ وَهَذَا عَنْ الطَّحَاوِيِّ وَقِيلَ مَا قَالَهُ صَحِيحٌ فِيمَا إذَا احْتَفَرَ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ لَهُ أَمَّا إذَا احْتَفَرَهَا فِي أَرْضٍ مَوَاتٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ (فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ) مَا ذُكِرَ مِنْ الْإِخْرَاجِ وَالتَّمْكِينِ (وَخِيفَ الْعَطَشُ) عَلَى نَفْسِ الطَّالِبِ أَوْ دَابَّتِهِ (قُوتِلَ بِالسِّلَاحِ) لِأَثَرِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَلِأَنَّهُ قَصَدَ إتْلَافَهُ بِمَنْعِ حَقِّهِ وَهُوَ الشَّفَةُ لِأَنَّ الْمَاءَ فِي الْبِئْرِ وَالنَّهْرِ وَنَحْوِهِمَا مُبَاحٌ غَيْرُ مَمْلُوكٍ (وَفِي) الْمَاءِ (الْمُحْرَزِ) فِي الْأَوَانِي (يُقَاتَلُ بِغَيْرِ سِلَاحٍ) يَعْنِي عِنْدَ خَوْفِ الْهَلَاكِ إذَا كَانَ فِيهِ فَضْلٌ مِنْ حَاجَتِهِ وَلَا يُقَاتِلُهُ بِالسِّلَاحِ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِالْإِحْرَازِ حَتَّى كَانَ لَهُ تَضْمِينُهُ إلَّا أَنَّهُ مَأْمُورٌ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ قَدْرَ حَاجَتِهِ فَبِالْمَنْعِ خَالَفَ الْأَمْرَ فَيُؤَدِّيهِ إلَى الْقِتَالِ كَمَا فِي الِاخْتِيَارِ (كَمَا فِي الطَّعَامِ حَالَ الْمَخْمَصَةِ) وَالْمَفْهُومُ مِنْ الْكَافِي وَغَيْرِهِ جَوَازُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute