لِذِكْرِ الْحَقِّ مَخَافَةَ النِّسْيَانِ لِكَثْرَةِ الِاشْتِغَالِ قَالَهُ الْمَوْلَى سَعْدِيٌّ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ انْتِصَابَ " ذِكْرَ الْحَقِّ " عُلِمَ لِكَوْنِهِ مَفْعُولًا لَهُ لِيَكْتُب وَعِنْدِي أَنَّ قَوْلَهُ ذِكْرَ الْحَقِّ عَلَمٌ لِلصَّكِّ (وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ) أَيْ الْإِقْرَاضُ (لِلْوَصِيِّ) بِالِاتِّفَاقِ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى الِاسْتِحْصَالِ حَتَّى لَوْ أَقْرَضَ يَضْمَنُ (وَلَا لِلْأَبِ فِي الْأَصَحِّ) .
وَفِي الْمِنَحِ: وَفِي الْأَبِ رِوَايَتَانِ أَظْهَرُهُمَا كَالْوَصِيِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ وَالْخِزَانَةِ: الصَّحِيحُ أَنَّ الْأَبَ كَالْقَاضِي فَقَدْ اخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ وَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الْمُتُونِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ عَدَمِ جَوَازِ إقْرَاضِ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ إقْرَاضُهُ لِلضَّرُورَةِ كَخَوْفٍ وَنَهْبٍ فَيَجُوزُ اتِّفَاقًا.
وَفِي التَّنْوِيرِ: وَلَوْ قَضَى الْقَاضِي بِالْجَوْرِ فَالْغُرْمُ عَلَى الْقَاضِي فِي مَالِهِ إنْ قَضَى بِذَلِكَ مُتَعَمِّدًا، وَأَقَرَّ بِهِ وَلَوْ قَضَى خَطَأً فَعَلَى الْمَقْضِيِّ لَهُ.
[فَصْلٌ فِي التَّحْكِيمِ]
ِ هَذَا مِنْ فُرُوعِ الْقَضَاءِ، وَتَأْخِيرُهُ أَنَّ الْمُحَكَّمَ أَدْنَى مَرْتَبَةً مِنْ الْقَاضِي لِاقْتِصَارِ حُكْمِهِ عَلَى مَنْ رَضِيَ بِحُكْمِهِ وَعُمُومِ وِلَايَةِ الْقَاضِي وَهُوَ مَشْرُوعٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ.
(وَلَوْ حَكَّمَ) مِنْ بَابِ التَّفْعِيلِ (الْخَصْمَانِ مَنْ يَصْلُحُ قَاضِيًا) بِكَوْنِهِ أَهْلًا لِلشَّهَادَةِ فَلَوْ حَكَّمَا عَبْدًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ ذِمِّيًّا أَوْ مَحْدُودًا فِي قَذْفٍ لَمْ يَصِحَّ، وَتُشْتَرَطُ الْأَهْلِيَّةُ وَقْتَ التَّحْكِيمِ وَوَقْتَ الْحُكْمِ فَلَوْ حَكَّمَا عَبْدًا فَعَتَقَ أَوْ صَبِيًّا فَبَلَغَ أَوْ ذِمِّيًّا فَأَسْلَمَ، ثُمَّ حَكَمَ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ وَلَوْ حَكَّمَ الذِّمِّيَّانِ ذِمِّيًّا جَازَ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ فِي حَقِّهِمْ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُحَكَّمُ مَعْلُومًا فَلَوْ حَكَّمَا أَوَّلَ مَنْ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ لَمْ يَجُزْ إجْمَاعًا لِلْجَهَالَةِ (لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمَا صَحَّ) الْحُكْمُ لِأَنَّهُمَا الْتَزَمَا، وَرَضِيَا بِهِ لِوِلَايَتِهِمَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا (وَنَفَذَ حُكْمُهُ) أَيْ حُكْمُ الْمَحْكُومِ (عَلَيْهِمَا بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ أَوْ نُكُولٍ) لِيَكُونَ مُوَافِقًا لِحُكْمِ الشَّرْعِ بِخِلَافِ حُكْمِهِ بِعِلْمِهِ فَإِنَّهُ لَا يَنْفُذُ.
(وَ) نَفَذَ (إخْبَارُهُ) أَيْ إخْبَارُ الْمُحَكَّمِ (بِإِقْرَارِ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ) بِأَنْ قَالَ لِأَحَدِهِمَا: قَدْ أَقْرَرْتَ عِنْدِي لِهَذَا بِهَذَا بِكَذَا وَقَضَيْتُ عَلَيْك.
(وَ) نَفَذَ إخْبَارُهُ (بِعَدَالَةِ الشَّاهِدِ) بِأَنْ قَالَ لِأَحَدِهِمَا: قَامَتْ عَلَيْك بَيِّنَةٌ فَعُدِّلَتْ عِنْدِي فَحَكَمْتُ لِذَلِكَ (حَالَ وِلَايَتِهِ) أَيْ بَقَاءِ تَحْكِيمِهِمَا لِأَنَّ الْإِخْبَارَ بِالْإِقْرَارِ أَوْ الْعَدَالَةِ مُقَيِّدٌ لِوُقُوعِهِ قَبْلَ قَوْلِهِ حَكَمْتُ مَثَلًا فَيَصِيرُ الْإِخْبَارُ قَبْلَ الِانْعِزَالِ بِالْحُكْمِ، وَتَقُومُ مَقَامَ شَهَادَةِ رَجُلَيْنِ قِيَاسًا عَلَى سَائِرِ الْقُضَاةِ بِخِلَافِ إخْبَارِهِ بِحُكْمِهِ لِانْقِضَاءِ وِلَايَتِهِ كَالْقَاضِي الْمَعْزُولِ (وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الْخَصْمَيْنِ (أَنْ يَرْجِعَ قَبْلَ حُكْمِهِ) لِأَنَّهُ مُقَلَّدٌ مِنْ جِهَتِهِمَا فَكَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا عَزْلُهُ وَهُوَ مِنْ الْأُمُورِ الْجَائِزَةِ فَيَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِنَقْضِهِ كَمَا يَنْفَرِدُ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ فِي مُضَارَبَةٍ وَشَرِكَةٍ وَوَكَالَةٍ إذَا لَمْ تَكُنْ الْوَكَالَةُ بِالْتِمَاسِ الطَّالِبِ (لَا بَعْدَهُ) أَيْ لَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ بَعْدَ حُكْمِهِ لِأَنَّهُ صَدَرَ عَنْ وِلَايَتِهِ عَلَيْهِمَا كَالْقَاضِي إذَا قَضَى، ثُمَّ عُزِلَ لَا يَبْطُلُ قَضَاؤُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute