الْقَاضِي) كَمَا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَيِّتًا وَلَهُ صَغِيرٌ قَدْ نَصَّبَ لَهُ وَصِيًّا (أَوْ حُكْمًا) لِمَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ (بِأَنْ كَانَ مَا يَدَّعِي عَلَى الْغَائِبِ سَبَبًا) لَازِمًا (لِمَا يَدَّعِي عَلَى الْحَاضِرِ) مِنْ نَحْوِ الْمِلْكِ كَمَا إذَا ادَّعَى دَارًا عَلَى حَاضِرٍ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْغَائِبِ فَإِنَّهُ إنْ صَدَّقَهُ الْحَاضِرُ لَا يُسَلِّمُهَا الْقَاضِي إلَى الْمُدَّعِي فَإِنَّهُ قَضَاءٌ عَلَى الْغَائِبِ وَهَذَا حِيلَةٌ لِدَفْعِ دَعْوَى الْخَارِجِ، وَإِنْ أَنْكَرَهُ الْحَاضِرُ فَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَيْهِ قَضَى الْقَاضِي بِهَا عَلَيْهِ، وَهَذَا قَضَاءٌ عَلَى الْغَائِبِ أَيْضًا وَلِذَا لَوْ حَضَرَ وَأَنْكَرَ لَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ، فَالْحَاضِرُ يَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْهُ حِينَئِذٍ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَى عَلَى الْحَاضِرِ شُفْعَةَ دَارٍ بِشِرَائِهِ مِنْ الْغَائِبِ أَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ الْكَفَالَةَ بِأَنَّ لَهُ عَلَى فُلَانٍ الْغَائِبِ كَذَا وَهَذَا كَفِيلٌ عَنْهُ بِأَمْرِهِ يَقْضِي الْقَاضِي عَلَى الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ بِأَمْرِهِ لَا يَقْضِي عَلَى الْغَائِبِ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَى حَدَّ الْقَذْفِ عَلَى قَاذِفِهِ، فَقَالَ الْقَاذِفُ: أَنَا عَبْدٌ، وَقَالَ الْمَقْذُوفُ: أَعْتَقَك مَوْلَاك، وَبَرْهَنَ عَلَيْهِ قَضَى عَلَيْهِمَا أَوْ ادَّعَى الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ أَنَّ الشَّاهِدَ عَبْدٌ لِفُلَانٍ فَبَرْهَنَ الْمُدَّعِي أَنَّ الْمَالِكَ الْغَائِبَ أَعْتَقَهُ تُقْبَلُ وَيَقْضِي عَلَيْهِمَا، وَهِيَ حِيلَةُ إثْبَاتِ الْعِتْقِ عَلَى الْغَائِبِ، وَلَوْ قَالَ الْقَاذِفُ: إنَّ أُمَّ الْمَقْذُوفِ أَمَةُ فُلَانٍ وَقَدْ قَذَفَهُ بِابْنِ الزَّانِيَةِ، فَأَقَامَ الْمَقْذُوفُ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ أُمَّهُ بِنْتُ فُلَانٍ الْقُرَيْشِيَّةُ فَقَضَى الْقَاضِي بِالْحَدِّ فَهُوَ قَضَاءٌ بِالنَّسَبِ أَيْضًا كَمَا فِي أَكْثَرِ الشُّرُوحِ لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ كَوْنَ أُمِّهِ بِنْتَ فُلَانٍ الْقُرَيْشِيَّةَ لَا يُنَافِي كَوْنَهَا أَمَةً لِجَوَازِ أَنَّ أُمَّهَا أَمَةٌ فَتَكُونُ أَمَةً تَبَعَةً لِلْأُمِّ، تَدَبَّرْ.
وَفِي الْبَحْرِ وَالْمِنَحِ نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ فَلْيُرْجَعْ إلَيْهِمَا (فَإِنْ كَانَ) مَا يَدَّعِي عَلَى الْغَائِبِ وَالْأَوْلَى، وَإِنْ كَانَ بِالْوَاوِ (شَرْطًا) لِمَا يَدَّعِيهِ عَلَى الْحَاضِرِ (لَا يَصِحُّ) وَلَا يَكُونُ الْحُكْمُ عَلَى الْحَاضِرِ حُكْمًا عَلَى الْغَائِبِ، هَذَا قَوْلُ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ وَبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى أَنَّ الشَّرْطَ كَالسَّبَبِ لِجَامِعِ التَّوَقُّفِ، وَأَطْلَقَ ذِكْرَ الشَّرْطِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ لَكِنْ فِي الْكَافِي إنَّ الْأَصَحَّ هُوَ أَنَّ الشَّرْطَ إنْ تَضَمَّنَ ضَرَرَ الْغَائِبِ لَا يُعْطَى لَهُ حُكْمُ السَّبَبِ قَالَ قَاضِي خَانْ: وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ طَلَّقَ فُلَانٌ زَوْجَتَهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَأَقَامَتْ بَيِّنَةً أَنَّ فُلَانًا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهَا فِي الْأَصَحِّ، وَإِنْ لَمْ يَتَضَمَّنْهُ فَهُوَ كَالسَّبَبِ، كَمَا لَوْ عَلَّقَ امْرَأَتَهُ بِدُخُولِ فُلَانٍ الدَّارَ فَأَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ عَلَى الدُّخُولِ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهَا.
وَفِي الْمِنَحِ: وَأَمَّا حِيلَةُ إثْبَاتِ طَلَاقِ الْغَائِبِ الْمَذْكُورَةُ فِي الْفُصُولِ وَغَيْرِهِ فَكُلُّهَا الضَّعْفُ مِنْ أَنَّ الشَّرْطَ كَالسَّبَبِ.
فَمِنْهَا حِيلَةُ الْكَفَالَةِ بِمَهْرِهَا مُعَلَّقَةً بِطَلَاقِهِ.
وَمِنْهَا دَعْوَاهَا كَفَالَةً بِنَفَقَةِ الْعِدَّةِ مُعَلَّقَةً بِالطَّلَاقِ وَمَعَ هَذَا لَوْ حَكَمَ بِحُرْمَةٍ نَفَذَ لِاخْتِلَافِ الْمَشَايِخِ.
(وَيُقْرِضُ الْقَاضِي مَالَ الْيَتِيمِ) وَكَذَا مَالُ الْوَقْفِ وَالْغَائِبِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى اسْتِخْرَاجِهِ مَتَى شَاءَ، مَعَ حُصُولِ مَنْفَعَةِ الْحِفْظِ لِكَوْنِهِ مَضْمُونًا عَلَى الْمُسْتَقْرِضِ (وَيَكْتُبُ ذِكْرَ الْحَقِّ) أَيْ يَكْتُبُ الصَّكَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute