للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آفَةٌ فَلَا يُمْكِنُ التَّسْلِيمُ، قَيَّدَ بِقَرْيَةٍ لِأَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ فِي طَعَامِ وِلَايَةٍ يَجُوزُ، لِأَنَّ وُصُولَ الْآفَةِ لِطَعَامِ كُلِّ الْوِلَايَةِ نَادِرٌ، وَهَذَا إذَا نُسِبَ إلَى قَرْيَةٍ لِيُؤَدِّيَ مِنْ طَعَامِهَا، وَأَمَّا إذَا نُسِبَ إلَيْهَا لِبَيَانِ وَصْفِ الطَّعَامِ فَالسَّلَمُ جَائِزٌ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ.

(وَلَا) يَجُوزُ (فِيمَا لَا يَبْقَى) فِي الْأَسْوَاقِ وَالْبُيُوتِ (مِنْ حِينِ الْعَقْدِ إلَى حِينِ الْمَحِلِّ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ مَصْدَرُ قَوْلِهِمْ حَلَّ الدَّيْنُ أَيْ إلَى حِينِ حُلُولِ الْأَجَلِ، حَتَّى لَوْ كَانَ مُنْقَطِعًا عِنْدَ الْعَقْدِ مَوْجُودًا عِنْدَ الْمَحِلِّ، أَوْ بِالْعَكْسِ، أَوْ مُنْقَطِعًا فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا تُسْلِفُوا فِي الْأَثْمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا» ، وَلِاحْتِمَالِ مَوْتِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بَعْدَ الْعَقْدِ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ الْمَحِلَّ، إذْ يَحِلُّ الْأَجَلُ وَيَلْزَمُ التَّسْلِيمُ، وَالِاحْتِمَالُ فِي هَذَا الْعَقْدِ مُلْحَقٌ بِالْحَقِيقَةِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ إذْ عِنْدَهُ يَجُوزُ إنْ وُجِدَ وَقْتَ الْحُلُولِ فَلَا يَلْزَمُ الِاسْتِمْرَارُ.

[شَرْط جَوَازِ السَّلَم]

(وَشَرْطُهُ) أَيْ شَرْطُ جَوَازِ السَّلَمِ تِسْعَةُ أَشْيَاءَ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مِنْهَا ثَمَانِيَةً الْأَوَّلُ (بَيَانُ الْجِنْسِ كَبُرٍّ أَوْ شَعِيرٍ، وَ) الثَّانِي بَيَانُ (النَّوْعِ كَسَقِيَّةٍ) بِفَتْحِ السِّينِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ أَيْ مَسْقِيَّةٍ وَهِيَ مَا تُسْقَى سَيْحًا (أَوْ بَخْسِيَّةٍ) بِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَهِيَ مَا تُسْقَى بِالْمَطَرِ نِسْبَةً إلَى الْبَخْسِ؛ لِأَنَّهَا مَبْخُوسَةُ الْحَظِّ مِنْ الْمَاءِ بِالنِّسْبَةِ إلَى السَّيْحِ غَالِبًا.

(وَ) الثَّالِثُ بَيَانُ (الصِّفَةِ كَجَيِّدٍ أَوْ رَدِيءٍ، وَ) الرَّابِعُ بَيَانُ (الْقَدْرِ نَحْوُ كَذَا رِطْلًا أَوْ كَيْلًا بِمَا لَا يَنْقَبِضُ وَلَا يَنْبَسِطُ) فَلَا يُجْعَلُ مِثْلُ الزِّنْبِيلِ كَيْلًا لِاحْتِمَالِ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ، وَيُجْعَلُ مِثْلُ قِرْبَةِ الْمَاءِ كَيْلًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِلتَّعَامُلِ.

(وَ) الْخَامِسُ بَيَانُ (أَجَلٍ مَعْلُومٍ) إذْ السَّلَمُ لَا يَجُوزُ إلَّا مُؤَجَّلًا عِنْدَنَا.

وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ الْأَجَلُ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - رَخَّصَ فِيهِ مُطْلَقًا وَلَنَا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي آخِرِ الْحَدِيثِ «إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» وَلِأَنَّهُ شُرِعَ رُخْصَةً لِلْفُقَرَاءِ فَلَا بُدَّ مِنْ مُدَّةٍ لِيَقْدِرَ عَلَى التَّحْصِيلِ وَالتَّتْمِيمِ وَالْإِيصَالِ وَالتَّسْلِيمِ.

(وَأَقَلُّهُ) أَيْ أَقَلُّ الْأَجَلِ فِي السَّلَمِ (شَهْرٌ فِي الْأَصَحِّ) رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مُحَمَّدٍ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى لِأَنَّ مَا دُونَهُ عَاجِلٌ، وَالشَّهْرُ وَمَا فَوْقَهُ آجِلٌ، بِدَلِيلِ مَسْأَلَةِ الْيَمِينِ: حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ دَيْنَهُ عَاجِلًا فَقَضَاهُ قَبْلَ تَمَامِ الشَّهْرِ بَرَّ، وَقِيلَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَقِيلَ عَشَرَةُ أَيَّامٍ وَقِيلَ أَكْثَرُ مِنْ نِصْفِ يَوْمٍ.

وَقَالَ صَدْرُ الشَّهِيدِ: وَالصَّحِيحُ مَا رَوَاهُ الْكَرْخِيُّ أَنَّهُ مُقَدَّرٌ بِمَا يُمْكِنُ فِيهِ تَحْصِيلُ الْمُسْلَمِ فِيهِ.

وَفِي الْفَتْحِ وَهُوَ جَدِيرٌ أَنْ لَا يَصِحَّ لِأَنَّهُ لَا ضَابِطَ يَتَحَقَّقُ فِيهِ، وَكَذَا مِنْ رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْ الْكَرْخِيِّ أَنَّهُ يُنْظَرُ إلَى مِقْدَارِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَإِلَى عُرْفِ النَّاسِ فِي تَأْجِيلِ مِثْلِهِ، كُلُّ هَذَا تَنْفَتِحُ فِيهِ الْمُنَازَعَاتُ بِخِلَافِ الْمِقْدَارِ الْمُعَيَّنِ مِنْ الزَّمَانِ، انْتَهَى، وَفِي الْبَحْرِ هُوَ جَدِيرٌ بِأَنْ يَصِحَّ وَيُعَوَّلَ عَلَيْهِ فَقَطْ لِأَنَّ مِنْ الْأَشْيَاءِ مَا لَا يُمْكِنُ تَحْصِيلُهُ فِي شَهْرٍ فَيُؤَدِّي التَّقْدِيرُ بِهِ إلَى عَدَمِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْ الْأَجَلِ وَهُوَ الْقُدْرَةُ عَلَى تَحْصِيلِهِ، انْتَهَى هَذَا مُسَلَّمٌ إنْ كَانَ التَّقْدِيرُ مَخْصُوصًا بِالشَّهْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>