لَا بِالزِّيَادَةِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا نَحْنُ فِيهِ أَقَلُّ بَيَانِ الْأَجَلِ لَا أَكْثَرُهُ حَتَّى يَرِدَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ إنَّ مِنْ الْأَشْيَاءِ مَا لَا يُمْكِنُ تَحْصِيلُهُ إلَى آخِرِهِ، لِأَنَّهُ إنْ حُصِّلَ فِي الشَّهْرِ فَبِهَا وَإِنْ لَمْ يُحَصَّلْ فِيهِ وَاتَّفَقَا عَلَى زِيَادَةٍ عَلَيْهِ جَازَ بِلَا مَانِعٍ، تَدَبَّرْ.
(وَ) السَّادِسُ بَيَانُ (قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ إنْ كَانَ كَيْلِيًّا أَوْ وَزْنِيًّا أَوْ عَدَدِيًّا) أَيْ وَشَرْطُهُ بَيَانُ قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ إذَا كَانَ الْعَقْدُ يَتَعَلَّقُ عَلَى مِقْدَارِهِ وَإِنْ كَانَ مُشَارًا إلَيْهِ عِنْدَ الْإِمَامِ (فَلَا يَجُوزُ فِي جِنْسَيْنِ بِلَا بَيَانِ رَأْسِ مَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا) يَعْنِي إذَا أَسْلَمَ مِائَةَ دِرْهَمٍ فِي كُرِّ بُرٍّ وَكُرِّ شَعِيرٍ، وَلَمْ يُبَيِّنْ رَأْسَ مَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا لَا يَصِحُّ عِنْدَهُ لِأَنَّ إعْلَامَ قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ شَرْطٌ فَيَقْسِمُ الْمِائَةَ عَلَى الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ، وَهِيَ تُعْرَفُ بِالظَّنِّ فَتَكُونُ مَجْهُولَةً حَتَّى لَوْ كَانَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ يَصِحُّ لِأَنَّ رَأْسَ الْمَالِ يَنْقَسِمُ عَلَيْهِمَا عَلَى السَّوَاءِ (وَلَا) يَجُوزُ السَّلَمُ (بِنَقْدَيْنِ بِلَا بَيَانِ حِصَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ) كَمَا فِي الْوِقَايَةِ يَعْنِي إذَا أَسْلَمَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَعَشَرَةَ دَنَانِيرَ فِي عَشَرَةِ أَقْفُزِ بُرٍّ لَمْ تَجُزْ عِنْدَهُ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ الْمَذْكُورَةَ إذَا لَمْ تُعْلَمْ وَزْنًا يَلْزَمُ عَدَمُ بَيَانِ حِصَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ، وَكَذَا إذَا عُلِمَ وَزْنُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دُونَ الْآخَرِ حَيْثُ يَلْزَمُ بُطْلَانُ الْعَقْدِ فِي حِصَّةِ مَا لَمْ يُعْلَمْ، وَيَبْطُلُ فِي حِصَّةِ الْآخَرِ لِلْجَهَالَةِ وَلِكَوْنِ الصَّفْقَةِ وَاحِدَةً، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ هَذَا التَّصْوِيرَ إنَّمَا يَسْتَقِيمُ عَلَى عِبَارَةِ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا حَيْثُ قَالُوا: لَوْ أَسْلَمَ جِنْسَيْنِ وَلَمْ يُبَيِّنْ مِقْدَارَ أَحَدِهِمَا فَعَلَى هَذَا يَكُونُ غَيْرُ الْمُبَيَّنِ رَأْسَ الْمَالِ، وَأَمَّا فِي عِبَارَةِ الْوِقَايَةِ فَلِكَوْنِ الظَّاهِرِ أَنَّ غَيْرَ الْمُبَيَّنِ هُوَ حِصَّةُ رَأْسِ الْمَالِ مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَبَيْنَهُمَا مُخَالَفَةٌ ظَاهِرَةٌ، انْتَهَى.
وَأَجَابَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ لِأَنَّ بَيَانَ الْحِصَّةِ مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ بَيَانُ رَأْسِ الْمَالِ كَمَا لَا يَخْفَى. تَأَمَّلْ.
(وَ) السَّابِعُ بَيَانُ (مَكَانِ إيفَائِهِ) أَيْ إيفَاءِ الْمُسْلَمِ فِيهِ (إنْ كَانَ لَهُ حَمْلٌ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الثِّقَلُ (وَمُؤْنَةٌ) كَالْحِنْطَةِ، قِيلَ: مَا لَا يُحْمَلُ إلَى مَجْلِسِ الْقَضَاءِ مَجَّانًا، وَقِيلَ: مَا لَا يُمْكِنُ رَفْعُهُ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ هَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ (وَعِنْدَهُمَا لَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا) لِأَنَّهُ صَارَ مَعْلُومًا بِالْإِشَارَةِ كَمَا فِي الثَّمَنِ وَالْأُجْرَةِ.
وَلَهُ أَنَّ جَهَالَةَ قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ قَدْ يُفْضِي إلَى جَهَالَةِ الْمُسْلَمِ فِيهِ بِأَنْ يُنْفِقَ بَعْضَهُ، ثُمَّ يَجِدَ بِالْبَاقِي عَيْبًا فَيَرُدَّهُ، وَلَا يَتَّفِقُ لَهُ الِاسْتِبْدَالُ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ فَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ فِي الْمَرْدُودِ وَيَبْقَى فِي غَيْرِهِ، وَلَا يَدْرِي قَدْرَهُ فَيُفْضِي إلَى جَهَالَةِ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَيَجِبُ التَّحَرُّزُ عَنْ مِثْلِهِ، وَالْمَوْهُومُ فِي هَذَا الْعَقْدِ كَالْمُتَحَقَّقِ لِشَرْعِهِ مَعَ الْمُنَافِي.
وَفِي الْبَحْرِ: وَالْأَوْلَى أَنْ يُعَلَّلَ لِلْإِمَامِ بِأَنَّهُ رُبَّمَا لَا يَقْدِرُ عَلَى الْمُسْلَمِ فِيهِ فَيَحْتَاجُ إلَى رَدِّ رَأْسِ الْمَالِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا، وَأَمَّا مَا ذَكَرُوهُ فَيَنْدَفِعُ بِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ الِانْتِقَادَ شَرْطٌ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ ثَوْبًا لِأَنَّ الذَّرْعَ وَصْفٌ فِيهِ لَا يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ عَلَى مِقْدَارِهِ (وَلَا) يُشْتَرَطُ بَيَانُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute