النِّكَاحِ بِهَا حَتَّى أَفْتَى بِهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَأَمَّا صُدُورُهَا لَا عَنْ قَصْدٍ إلَى وَضْعٍ جَدِيدٍ فَلَا اعْتِبَارَ بِهِ لِأَنَّ اسْتِعْمَالَ اللَّفْظِ فِي الْمَوْضُوعِ لَهُ أَوْ غَيْرِهِ طَلَبُ دَلَالَتِهِ عَلَيْهِ وَإِرَادَتِهِ فَبِمُجَرَّدِ الذِّكْرِ لَا يَكُونُ الِاسْتِعْمَالُ صَحِيحًا فَلَا يَكُونُ وَضْعًا جَدِيدًا كَمَا فِي التُّوَيْجِ وَعَلَى هَذَا يَنْعَقِدُ بِاللُّغَةِ الْأَعْجَمِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا تَصْدُرُ عَمَّنْ تَكَلَّمَ بِهَا عَنْ قَصْدٍ صَحِيحٍ وَاسْتِعْمَالٍ رَجِيحٍ بِخِلَافِ لَفْظِ تَجَوَّزْتُ فَإِنَّهُ يَصْدُرُ لَا عَنْ قَصْدٍ صَحِيحٍ بَلْ عَنْ تَحْرِيفٍ وَتَصْحِيفٍ فَلَا يَكُونُ حَقِيقَةً وَلَا مَجَازًا (وَوَصِيَّةٍ) أَيْ لَا يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ وَصِيَّةِ وَقَدْ مَرَّ تَفْصِيلُهُ.
[شُرُوط صِحَّةِ النِّكَاحِ]
(وَشُرِطَ) لِصِحَّةِ النِّكَاحِ (سَمَاعُ كُلٍّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ) سَوَاءٌ كَانَا زَوْجَيْنِ، أَوْ غَيْرَهُمَا لَكِنْ يُشْكِلُ الْإِطْلَاقُ بِنِكَاحِ الْفُضُولِيِّ وَبِمَا إذَا ذَكَرَ الزَّوْجُ اسْمَ امْرَأَةٍ غَائِبَةٍ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ لَكِنْ فِيهِ مَا فِيهِ، تَدَبَّرَ. (لَفْظَ الْآخَرِ) حَقِيقَةً، أَوْ حُكْمًا كَمَا إذَا كَتَبَ رَجُلٌ وَأَشْهَدَ جَمَاعَةً فَأَوْصَلُوا الْكِتَابَ إلَى امْرَأَةٍ فَقَرَأَتْهُ عِنْدَهُمْ فَقَبِلَتْ عِنْدَهُمْ ذَلِكَ التَّزْوِيجَ يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَ كَالْخِطَابِ خِلَافًا لَهُمَا وَهَلْ يُشْتَرَطُ تَمْيِيزُ الرَّجُلِ مِنْ الْمَرْأَةِ وَقْتَ الْعَقْدِ حَكَوْا فِيهِ اخْتِلَافًا.
وَفِي الْبَحْرِ فِي صَغِيرَيْنِ قَالَ أَبُ أَحَدِهِمَا زَوَّجْتُ بِنْتِي هَذِهِ مِنْ ابْنِكَ هَذَا وَقَبِلَ، ثُمَّ ظَهَرَتْ الْجَارِيَةُ غُلَامًا وَالْغُلَامُ جَارِيَةً جَازَ ذَلِكَ وَقَالَ الْعَتَّابِيُّ لَا يَجُوزُ وَلَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ الشَّاهِدَيْنِ لِلْمَرْأَةِ وَلَا رُؤْيَةُ وَجْهِهَا فَلَوْ سَمِعَا صَوْتَهَا مِنْ بَيْتٍ لَمْ يَكُنْ فِيهِ غَيْرُهَا جَازَ وَإِلَّا فَلَا، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ مُتَنَقِّبَةً جَازَ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَالِاحْتِيَاطُ حِينَئِذٍ أَنْ تَكْشِفَ وَجْهَهَا، أَوْ يَذْكُرَ أَبُوهَا وَجَدُّهَا وَتُنْسَبُ إلَى الْمَحَلَّةِ إلَّا إذَا كَانَتْ مَعْرُوفَةً عِنْدَ الشُّهُودِ وَعَلِمَ الشُّهُودُ أَنَّهُ أَرَادَ تِلْكَ الْمَرْأَةَ لَا غَيْرَ.
وَقَالَ الْخَصَّافُ لَوْ غَابَتْ جَازَ بِذِكْرِ الِاسْمِ بِلَا مَعْرِفَتِهِمَا هُوَ الْمُخْتَارُ وَلَوْ كَانَ لَهَا اسْمَانِ اسْمٌ فِي صِغَرِهَا وَآخَرُ فِي كِبَرِهَا تَزَوَّجَ بِالْأَخِيرِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ مَعْرُوفَةً بِهِ.
وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالْأَصَحُّ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الِاسْمَيْنِ وَلَوْ كَانَتْ لَهُ بِنْتَانِ كُبْرَى اسْمُهَا عَائِشَةُ وَصُغْرَى اسْمُهَا فَاطِمَةُ فَقَالَ زَوَّجْتُكَ بِنْتِي فَاطِمَةَ وَهُوَ يُرِيدُ عَائِشَةَ لَا يَنْعَقِدُ إذَا لَمْ يُشِرْ إلَيْهَا وَقِيلَ يَنْعَقِدُ عَلَى فَاطِمَةَ وَلَوْ قَالَ بِنْتِي فَاطِمَةَ الْكُبْرَى قَالُوا يَجِبُ أَنْ لَا يَنْعَقِدَ عَلَى إحْدَاهُمَا كَمَا فِي الْفَتْحِ.
(وَ) شُرِطَ أَيْضًا (حُضُورُ) شَاهِدَيْنِ فَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِشَهَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ لَا يَجُوزُ النِّكَاحُ وَعَنْ قَاسِمٍ الصَّفَّارِ وَهُوَ كُفْرٌ مَحْضٌ؛ لِأَنَّهُ اعْتَقَدَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يَعْلَمُ الْغَيْبَ وَهَذَا كُفْرٌ،.
وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة إنَّهُ لَا يَكْفُرُ لِأَنَّ بَعْضَ الْأَشْيَاءِ يُعْرَضُ عَلَى رُوحِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَيَعْرِفُ بِبَعْضِ الْغَيْبِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا} [الجن: ٢٦] {إِلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} [الجن: ٢٧] (حُرَّيْنِ) عِنْدَ الْعَقْدِ فَلَا يَصِحُّ عِنْدَ الْقِنَّيْنِ وَالْمُكَاتَبَيْنِ وَالْمُدَبَّرَيْنِ (أَوْ حُرٍّ وَحُرَّتَيْنِ) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ (مُكَلَّفَيْنِ) عَلَى لَفْظِ الْمُثَنَّى الْمُذَكَّرِ لِأَنَّ الْحُرَّتَيْنِ فِي حُكْمِ الْحُرِّ فَيَصِحُّ عِنْدَ سَكْرَانَيْنِ يَعْرِفَانِ النِّكَاحَ وَإِنْ لَمْ يُذَكَّرَا عِنْدَ الصَّحْوِ؛ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ بِحُضُورِ الشَّاهِدَيْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute