للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِكُمِّهِ، أَوْ جَيْبِهِ وَقَصْدُهُ قَطْعُ الْمَسَافَةِ إنْ كَانَ مَاشِيًا أَوْ الِاسْتِرَاحَةُ إنْ كَانَ جَالِسًا لَا حِفْظُ مَالِهِ وَلَا يُعْتَبَرُ فِي الْحِرْزِ مَا لَيْسَ بِمَقْصُودٍ كَمَا فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ التَّفْصِيلُ وَيُعَبِّرُ بِعَنْ مَكَانَ قَوْلِهِ خِلَافًا كَمَا مَرَّ مِرَارًا تَأَمَّلْ.

(وَلَوْ سَرَقَ مِنْ قِطَارٍ) بِالْكَسْرِ أَيْ: مِنْ الْإِبِلِ الْمَقْطُورَةِ الْمُقَرَّبِ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ عَلَى نَسَقٍ وَاحِدٍ (جَمَلًا) أَيْ: بَعِيرًا؛ لِأَنَّ الْجَمَلَ يَخْتَصُّ بِالذَّكَرِ مِنْ الْإِبِلِ فَلَا وَجْهَ لِلتَّخْصِيصِ؛ فَلِهَذَا فَسَّرْنَاهُ بِبَعِيرٍ تَدَبَّرْ.

(أَوْ حِمْلًا) بِالْحَاءِ الْمَكْسُورَةِ أَوْ جُوَالِقًا مَمْلُوءًا مِنْ الْمَتَاعِ وَاقِعًا عَلَى ظَهْرِ دَابَّةٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ قِطَارٍ (لَا يُقْطَعُ) ، وَإِنْ وُجِدَ السَّائِقُ، أَوْ الْقَائِدُ، أَوْ الرَّاكِبُ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ قَاطِعُ الْمَسَافَةِ أَوْ نَاقِلُ مَتَاعٍ لَا حَافِظٌ قَالَ فِي الْفَتْحِ حَتَّى لَوْ كَانَ مَعَ الْأَحْمَالِ مَنْ يَتْبَعُهَا لِلْحِفْظِ قَالُوا يُقْطَعُ وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ يُقْطَعُ فِيهِمَا.

(وَإِنْ شَقَّ الْحِمْلَ وَأَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا قُطِعَ) ؛ لِأَنَّ الْجُوَالِقَ حِرْزٌ (وَالْفُسْطَاطُ كَالْبَيْتِ) فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ.

وَفِي الْفَتْحِ لَوْ سَرَقَ نَفْسَ الْفُسْطَاطِ لَا يُقْطَعُ لِعَدَمِ إحْرَازِهِ إلَّا إذَا كَانَ الْفُسْطَاطُ غَيْرَ مَنْصُوبٍ وَإِنَّمَا هُوَ مَلْفُوفٌ عِنْدَ مَنْ يَحْفَظُهُ، أَوْ فِي فُسْطَاطٍ آخَرَ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ.

وَفِي التَّنْوِيرِ قَالَ أَنَا سَارِقُ هَذَا الثَّوْبِ قُطِعَ إنْ أَضَافَهُ لِكَوْنِهِ إقْرَارًا بِالسَّرِقَةِ، وَإِنْ نَوَّنَهُ لَا تُقْطَعُ لِكَوْنِهِ عِدَةً لَا إقْرَارًا.

[فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْقَطْعِ وَإِثْبَاتِهِ]

فَصَلِّ (كَيْفِيَّةِ الْقَطْعِ وَإِثْبَاتِهِ)

، وَلَوْ تَرَكَ قَوْلَهُ وَإِثْبَاتِهِ لَكَانَ أَخْصَرَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ فِي هَذَا الْفَصْلِ، بَلْ ذُكِرَ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ فَذِكْرُهُ هُنَا مُسْتَدْرَكٌ تَدَبَّرْ.

(تُقْطَعُ يَمِينُ السَّارِقِ) أَمَّا الْقَطْعُ فَبِالنَّصِّ، وَأَمَّا الْيَمِينُ فَبِقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَاقْطَعُوا أَيْمَانَهُمَا، وَهِيَ مَشْهُورَةٌ فَجَازَ التَّقْيِيدُ بِهَا وَهَذَا مِنْ تَقْيِيدِ الْمُطْلَقِ لَا مِنْ بَيَانِ الْمُجْمَلِ، وَقَدْ قَطَعَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - الْيَمِينَ، وَالصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - (مِنْ زَنْدِهِ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَوَارَثُ وَمِثْلُهُ لَا يُطْلَبُ لَهُ سَنَدٌ بِخُصُوصِهِ كَالتَّوَاتُرِ وَلَا يُبَالَى فِيهِ بِكُفْرِ النَّافِينَ فَضْلًا عَنْ فِسْقِهِمْ، أَوْ ضَعْفِ دِينِهِمْ كَمَا فِي الْبَحْرِ (وَتُحْسَمُ) أَيْ تُغْمَسُ فِي الدُّهْنِ الْمَغْلِيِّ وُجُوبًا؛ لِأَنَّ الدَّمَ لَا يَنْقَطِعُ إلَّا بِهِ، وَالْحَدُّ زَاجِرٌ لَا مُتْلِفٌ؛ وَلِهَذَا لَا يُقْطَعُ فِي الْحَرِّ، وَالْبَرْدِ الشَّدِيدَيْنِ وَيُحْبَسُ حَتَّى يُتَوَسَّطَ الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ وَأَجْرُ الدُّهْنِ عَلَى السَّارِقِ كَأَجْرِ الْحَدَّادِ وَمُقِيمِ الْحَدِّ.

(وَ) تُقْطَعُ (رِجْلُهُ الْيُسْرَى) مِنْ الْكَعْبِ وَتُحْسَمُ (إنْ عَادَ) إلَى السَّرِقَةِ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَتْ الْيَدُ الْيُمْنَى مَوْجُودَةً، وَإِنْ كَانَتْ ذَاهِبَةً، أَوْ مَقْطُوعَةً قَطَعَ الرِّجْلَ الْيُسْرَى، أَوْ لَا، وَإِنْ كَانَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى مَقْطُوعَةً فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ (فَإِنْ سَرَقَ ثَالِثًا) ، أَوْ رَابِعًا (لَا تُقْطَعُ) الْيَدُ الْيُسْرَى، وَالرِّجْلُ الْيُمْنَى عِنْدَنَا (بَلْ يُحْبَسُ حَتَّى يَتُوبَ) وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَيُعَزَّرُ أَيْضًا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْمَشَايِخِ وَمُدَّةُ التَّوْبَةِ مُفَوَّضَةٌ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ وَقِيلَ إلَى أَنْ يَظْهَرَ سِيمَاءُ الصَّالِحِينَ فِي وَجْهِهِ وَلِلْإِمَامِ أَنْ يَقْتُلَهُ سِيَاسَةً لِسَعْيِهِ فِي الْأَرْضِ بِالْفَسَادِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَقْطَعُ فِي الثَّالِثِ يَدَهُ الْيُسْرَى.

وَفِي الرَّابِعِ رِجْلَهُ الْيُمْنَى لِقَوْلِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>