للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ مَا يُكْرَهُ فِي الصَّلَاةَ]

فَصْلٌ لَمَّا فَرَغَ عَنْ بَيَانِ مَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا يُكْرَهُ فِيهَا لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مِنْ الْعَوَارِضِ إلَّا أَنَّهُ قَدَّمَ الْمُفْسِدَ لِقُوَّتِهِ (وَكُرِهَ عَبَثُهُ) أَيْ لَعِبُهُ وَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ إلَى الْمُصَلِّي بِقَرِينَةِ الْمَحَلِّ (بِثَوْبِهِ أَوْ بَدْلِهِ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَرِهَ لَكُمْ ثَلَاثًا مُتَوَالِيًا وَذَكَرَ مِنْهَا الْعَبَثَ فِي الصَّلَاةِ» لِأَنَّ الْعَبَثَ خَارِجَ الصَّلَاةِ حَرَامٌ فَمَا ظَنُّك فِيهَا وَكَرَاهَتُهُ تَحْرِيمِيَّةٌ حَتَّى لَوْ كَثُرَ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ لِكَوْنِهِ عَمَلًا كَثِيرًا، قِيلَ: الْعَبَثُ الْفِعْلُ الَّذِي فِيهِ غَرَضٌ لَكِنَّهُ لَيْسَ بِشَرْعِيٍّ وَالسَّفَهُ مَا لَا غَرَضَ فِيهِ أَصْلًا وَقِيلَ: الْعَبَثُ عَمَلٌ لَيْسَ فِيهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ وَلَا مُنَازَعَةٌ فِي الِاصْطِلَاحِ (وَقَلْبُ الْحَصَى إلَّا مَرَّةً لِيُمْكِنَهُ السُّجُودُ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ أَيْضًا وَالرُّخْصَةُ فِي الْمَرَّةِ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «يَا أَبَا ذَرٍّ مَرَّةً أَوْ ذَرْ» وَلِأَنَّ فِيهِ إصْلَاحَ صَلَاتِهِ (وَفَرْقَعَةُ الْأَصَابِعِ) هِيَ أَنْ يَغْمُرَهَا أَوْ يَمُدَّهَا حَتَّى تَصُوتَ وَكَذَا يُكْرَهُ تَشْبِيكُهَا هُوَ أَنْ يُدْخِلَ أَصَابِعَ إحْدَى يَدَيْهِ بَيْنَ أَصَابِعِ الْأُخْرَى فِي الصَّلَاةِ (وَالتَّخَصُّرُ) هُوَ وَضْعُ الْيَدِ عَلَى الْخَاصِرَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ وَقِيلَ: هُوَ التَّوَكُّؤُ عَلَى الْعَصَا وَقِيلَ: هُوَ أَنْ لَا يُتِمَّ صَلَاتَهُ فِي رُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا أَوْ حُدُودِهَا وَقِيلَ: أَنْ يَخْتَصِرَ السُّورَةَ فَيَقْرَأُ آخِرَهَا (وَالِالْتِفَاتُ) بِأَنْ يَلْوِيَ عُنُقَهُ حَتَّى لَمْ يَبْقَ وَجْهُهُ مُسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةِ وَأَمَّا النَّظَرُ بِمُؤَخِّرَةِ عَيْنَيْهِ يَمْنَةً وَيَسْرَةً مِنْ غَيْرِ أَنْ يَلْوِيَ عُنُقَهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ.

وَفِي الْخُلَاصَةِ خِلَافُ هَذَا وَعِبَارَتُهُ وَلَوْ حَوَّلَ وَجْهَهُ عَنْ الْقِبْلَةِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَسَدَتْ وَجَعَلَ فِيهَا الِالْتِفَاتَ الْمَكْرُوهَ أَنْ يُحَوِّلَ بَعْضَ وَجْهِهِ عَنْ الْقِبْلَةِ انْتَهَى، لَكِنَّ الْأَشْبَهَ مَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ مِنْ أَنَّ الِالْتِفَاتَ الْمَكْرُوهَ أَعَمُّ مِنْ تَحْوِيلِ جَمِيعِ الْوَجْهِ أَوْ بَعْضِهِ فَلَا تَفْسُدُ بَلْ تَفْسُدُ بِتَحْوِيلِ صَدْرِهِ (وَالْإِقْعَاءُ) وَهُوَ عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ أَنْ يَقْعُدَ عَلَى أَلْيَتَيْهِ وَيَنْصِبَ فَخْذَيْهِ وَيَضُمَّ رُكْبَتَيْهِ إلَى صَدْرِهِ وَيَضَعُ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ.

وَعِنْدَ الْكَرْخِيِّ أَنْ يَنْصِبَ قَدَمَيْهِ وَيَقْعُدَ عَلَى عَقَبِهِ وَاضِعًا يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَالْأَوَّلُ هُوَ الْأَصَحُّ لَكِنَّ كِلَاهُمَا مَكْرُوهَانِ كَمَا قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ.

(وَافْتِرَاشُ ذِرَاعَيْهِ) بِلَا عُذْرٍ وَمَعَهُ لَا يُكْرَهُ لِقَوْلِ أَبِي ذَرٍّ «نَهَانِي خَلِيلِي عَنْ ثَلَاثٍ أَنْ أَنْقُرَ نَقْرَ الدِّيكِ وَأَنْ أَقْعَى إقْعَاءَ الْكَلْبِ، وَأَنْ أَفْتَرِشَ افْتِرَاشَ الثَّعْلَبِ» وَهُوَ بَسْطُ ذِرَاعَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ.

(وَرَدُّ السَّلَامِ بِيَدِهِ) .

وَفِي الْمَجْمَعِ خِلَافُهُ لِأَنَّهُ قَالَ: أَوْ رَدَّ السَّلَامَ بِلِسَانِهِ أَوْ يَدِهِ فَسَدَتْ لَكِنَّ الْأَصَحَّ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، وَفِي الرَّأْسِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ يُكْرَهُ وَفِي رِوَايَةٍ لَا وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، (وَالتَّرَبُّعُ بِلَا عُذْرٍ) لِتَرْكِ السُّنَّةِ فِي الصَّلَاةِ، لَا لِمَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ لِتَرَبُّعِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - خَارِجَ الصَّلَاةِ مَعَ أَصْحَابِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>