فِي الصَّحْرَاءِ: إنَّهُ يَأْثَمُ فِي مِقْدَارِ صَفَّيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ، وَقِيلَ: ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ، وَقِيلَ: خَمْسَةٍ، وَقِيلَ: أَرْبَعِينَ، وَقِيلَ: خَمْسِينَ، (وَيَنْبَغِي) لِلْمُصَلِّي (أَنْ يَغْرِزَ أَمَامَهُ فِي الصَّحْرَاءِ سُتْرَةً) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لِيَسْتَتِرْ أَحَدُكُمْ وَلَوْ بِسَهْمٍ» (طُولَ ذِرَاعٍ وَغِلَظَ أُصْبُعٍ) لِأَنَّ مَا دُونَهُ لَا يَبْدُو لِلنَّاظِرِ مِنْ بَعِيدٍ فَلَا يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ (وَيَقْرَبُ مِنْهَا) أَيْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُصَلِّي قَرِيبًا مِنْ السُّتْرَةِ (وَيَجْعَلُهَا عَلَى أَحَدِ حَاجِبِيهِ) أَيْ الْأَيْسَرِ وَالْأَيْمَنِ وَهُوَ أَفْضَلُ لِأَنَّ الْأَثَرَ وَرَدَ بِهِ، (وَلَا يَكْفِي الْوَضْعُ) أَيْ لَا يَكْفِي وَضْعُ السُّتْرَةِ عَلَى الْأَرْضِ بَدَلًا عَنْ الْغَرْزِ.
(وَلَا) يَكْفِي (الْخَطُّ) بِأَنْ يَرْسِمَ عَلَى الْأَرْضِ هَذَا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ بِحَيْثُ يُغْرَزُ فِيهَا، وَإِنْ كَانَتْ صُلْبَةً اخْتَلَفُوا فِيهِ فَقِيلَ: تُوضَعُ، وَقِيلَ: لَا وَأَمَّا الْخَطُّ فَقَدْ اخْتَلَفُوا فِيهِ حَسْبَ اخْتِلَافِهِمْ فِي الْوَضْعِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَا يَغْرِزُهُ أَوْ يَضَعُهُ فَالْمَانِعُ يَقُولُ: لَا يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ بِهِ إذْ لَا يَظْهَرُ مِنْ بَعِيدٍ وَالْمُجِيزُ يَقُولُ: وَرَدَ الْأَثَرُ بِهِ وَهُوَ مَا فِي أَبِي دَاوُد «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ شَيْئًا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيُنَصِّبْ عَصًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ عَصًا فَلْيَخُطَّ خَطًّا وَلَا يَضُرُّهُ مَا مَرَّ أَمَامَهُ» وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ خِلَافَ هَذَا لَكِنَّ الْأَوْلَى اتِّبَاعُ الْأَثَرِ مَعَ أَنَّهُ يَظْهَرُ فِي الْجُمْلَةِ إذْ الْمَقْصُودُ جَمْعُ الْخَاطِرِ بِرَبْطِ الْخَيَالِ بِهِ كَيْ لَا يُنْشَرُ قَالَ أَبُو دَاوُد: قَالُوا: الْخَطُّ بِالطُّولِ وَقَالُوا بِالْعَرْضِ كَمَا فِي الْفَتْحِ.
(وَيَدْرَأُ) أَيْ يَدْفَعُ الْمُصَلِّي (الْمَارَّ) بَيْنَ يَدَيْهِ (بِالْإِشَارَةِ) بِالرَّأْسِ أَوْ الْعَيْنِ أَوْ الْيَدِ كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِوَلَدِ أُمِّ سَلَمَةَ (أَوْ التَّسْبِيحِ) لِلْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ آنِفًا (لَا بِهِمَا) أَيْ لَا يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ، وَكَذَا لَا يَدْرَأُ بِأَخْذِ الثَّوْبِ وَلَا بِالضَّرْبِ الْوَجِيعِ (إنْ عَدِمَتْ السُّتْرَةُ، أَوْ قَصَدَ) الْمَارُّ (الْمُرُورَ بَيْنَهُ) أَيْ بَيْنَ الْمُصَلِّي (وَبَيْنَهَا) أَيْ بَيْنَ السُّتْرَةِ.
(وَجَازَ تَرْكُهَا) أَيْ السُّتْرَةُ إذَا عَدِمَ الدَّاعِي إلَيْهَا وَذَلِكَ (عِنْدَ أَمْنِ الْمُرُورِ) لِأَنَّ اتِّخَاذَ السُّتْرَةِ لِلْحِجَابِ عَلَى الْمَارِّ وَلَا حَاجَةَ عِنْدَ عَدَمِ الْمَارِّ لَكِنَّ الْأَوْلَى اتِّخَاذُهَا لِمَقْصُودٍ آخَرَ وَهُوَ كَفُّ بَصَرِهِ عَمَّا وَرَاءَهَا وَجَمْعُ خَاطِرِهِ بِرَبْطِ الْخَيَالِ بِهَا (وَسُتْرَةُ الْإِمَامِ مُجْزِئَةٌ) أَيْ كَافِيَةٌ (عَنْ الْقَوْمِ) وَإِنْ كَانَ مَسْبُوقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ الثَّابِتَةِ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى سُتْرَتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَهِيَ سُتْرَةٌ لِلْقَوْمِ.
(وَلَوْ صَلَّى عَلَى ثَوْبٍ بِطَانَتُهُ نَجِسَةٌ صَحَّ) مَا صَلَّى (إنْ لَمْ يَكُنْ) الثَّوْبُ (مُضْرَبًا) أَيْ مَخِيطًا مَا بَيْنَ جَانِبَيْهِ بِخُيُوطٍ، أَمَّا لَوْ كَانَتْ جَوَانِبُهُ مَخِيطَةً وَلَمْ يَكُنْ وَسَطُهُ مَخِيطًا فَلَا لِكَوْنِهِ فِي حُكْمِ ثَوْبَيْنِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ.
(وَكَذَا لَوْ صَلَّى عَلَى الطَّرَفِ الطَّاهِرِ مِنْ بِسَاطٍ طَرَفٌ مِنْهُ نَجِسٌ) أَيْ لَوْ كَانَ طَرَفٌ مِنْهُ طَاهِرًا وَطَرَفٌ آخَرُ نَجِسًا فَصَلَّى عَلَى الطَّرَفِ الطَّاهِرِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ لِطَهَارَةِ مَكَانِهَا (سَوَاءٌ تَحَرَّكَ أَحَدُهُمَا) أَيْ أَحَدُ طَرَفَيْهِ (بِحَرَكَةِ الْآخَرِ أَمْ لَا) .
وَفِي الْخُلَاصَةِ لَوْ صَلَّى عَلَى خَشَبٍ وَفِي جَانِبِهِ الْآخَرِ نَجَاسَةٌ إنْ كَانَ غَلُظَ الْخَشَبُ بِحَيْثُ يَقْبَلُ الْقَطْعَ تَجُوزُ وَإِلَّا فَلَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute