(وَكَذَا) يَقَعُ رَجْعِيَّةٌ (إنْ لَمْ تَشَأْ) لِوُجُودِ أَصْلِ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ الْمُفَوَّضَ إلَيْهَا هُوَ الْكَيْفُ وَالْوَصْفُ (وَعِنْدَهُمَا) وَالْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ (لَا يَقَعُ شَيْءٌ) ؛ لِأَنَّ هَذَا تَفْوِيضُ الطَّلَاقِ لَهَا عَلَى أَيِّ وَصْفٍ شَاءَتْ وَإِنَّمَا يَكُونُ كَذَلِكَ إذَا تَعَلَّقَ أَصْلُ الطَّلَاقِ بِمَشِيئَتِهَا فَإِذَا لَمْ تَشَأْ لَا يَقَعُ لَكِنْ رُجِّحَ قَوْلُ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ كَيْفَ لِلِاسْتِفْهَامِ عَنْ الشَّيْءِ وَلَا يُتَصَوَّرُ تَمَكُّنُ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ وُجُودِ الْأَصْلِ وَفِيمَا قَالَا تَعْلِيقُ الْأَصْلِ وَإِبْطَالُهُ لِأَجْلِ الْوَصْفِ، وَثَمَرَةُ الِاخْتِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا إذْ قَامَتْ عَنْ الْمَجْلِسِ قَبْلَ الْمَشِيئَةِ فَعِنْدَهُ يَقَعُ طَلْقَةٌ رَجْعِيَّةٌ، وَفِيمَا إذَا كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَإِنَّهُ تَقَعُ عِنْدَهُ طَلْقَةٌ وَعِنْدَهُمَا لَا يَقَعُ شَيْءٌ فِي الصُّورَتَيْنِ، وَالرَّدُّ كَالْقِيَامِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَغَيْرِهِ.
(وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ يَقَعُ مَا شَاءَتْ) بِالِاتِّفَاقِ عَلَى اخْتِلَافِ الْأَصْلَيْنِ، أَمَّا عَلَى أَصْلِهِ فَلِأَنَّهُ أَقَامَهَا مَقَامَ نَفْسِهِ فِي إثْبَاتِ الْوَصْفِ؛ لِأَنَّ كَيْفَ لِلْحَالِ، وَالزَّوْجُ وَلَوْ أَوْقَعَ رَجْعِيًّا يَمْلِكُ جَعَلَهُ بَائِنًا وَثَلَاثًا عِنْدَ الْإِمَامِ فَكَذَا الْمَرْأَةُ عِنْدَ هَذَا لِتَفْوِيضِ تَمَلُّكِ جَعْلِ مَا وَقَعَ كَذَلِكَ، وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَكَذَا يَمْلِكُ إيقَاعَ الْبَائِنِ وَالثَّلَاثِ؛ لِأَنَّهُ تَفْوِيضُ أَصْلِ الطَّلَاقِ إلَيْهَا عَلَى أَيِّ وَصْفٍ شَاءَتْ كَمَا فِي الْفَتْحِ.
(وَلَوْ قَالَ) لَهَا (أَنْتِ طَالِقٌ كَمْ شِئْت أَوْ مَا شِئْت طَلُقَتْ مَا شَاءَتْ) وَاحِدَةً وَأَكْثَرَ؛ لِأَنَّ كَمْ اسْمُ الْعَدَدِ وَمَا عَامٌّ فَتَنَاوَلَ الْكُلُّ (فِي الْمَجْلِسِ لَا بَعْدَهُ) فَإِنْ قَامَتْ بَطَلَ خِيَارُهَا؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ وَاحِدٌ وَهُوَ تَمْلِيكٌ فِي الْحَالِ وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْوَقْتِ فَاقْتَضَى جَوَابًا فِي الْمَجْلِسِ وَإِنْ رَدَّتْهُ كَانَ رَدًّا.
(وَإِنْ قَالَ) لَهَا (طَلِّقِي نَفْسَك مِنْ ثَلَاثٍ مَا شِئْت فَلَهَا أَنْ تُطَلِّقَ مَا دُونَ الثَّلَاثِ) بِالْإِجْمَاعِ (لَا الثَّلَاثَ) عِنْدَ الْإِمَامِ (خِلَافًا لَهُمَا) نَظَرًا إلَى أَنَّ مَا لِلْعُمُومِ، وَمِنْ لِلْبَيَانِ، وَلَهُ أَنَّ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ وَرَجَّحَهُ ابْنُ الْكَمَالِ فِي تَحْرِيرِهِ بِأَنْ تَقْدِرَ عَلَى الْبَيَانِ مَا شِئْت مِمَّا هُوَ الثَّلَاثُ وَطَلِّقِي مَا شِئْت وَفِ بِهِ فَالتَّبْعِيضُ مَعَ زِيَادَةِ الثَّلَاثِ أَظْهَرُ.
وَفِي الْمِنَحِ وَمِثْلِهِ اخْتَارِي مِنْ الثَّلَاثِ مَا شِئْت.
[بَابُ تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ]
بَابُ التَّعْلِيق أَيْ تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ بِشَيْءٍ
لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ أَبْحَاثِ الْمُنَجَّزِ شَرَعَ فِي الْمُعَلَّقِ، وَالتَّعْلِيقُ مِنْ عَلَّقَهُ تَعْلِيقًا جَعَلَهُ مُعَلَّقًا.
وَفِي الِاصْطِلَاحِ هُوَ رَبْطُ حُصُولِ مَضْمُونِ جُمْلَةٍ بِحُصُولِ مَضْمُونِ جُمْلَةٍ أُخْرَى (إنَّمَا يَصِحُّ) التَّعْلِيقُ حَالَ كَوْنِهِ (فِي الْمِلْكِ) أَيْ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي الزَّوْجِيَّةِ بِوَصْفِ الِاخْتِصَاصِ وَذَلِكَ عِنْدَ وُجُودِ النِّكَاحِ أَوْ الْعِدَّةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute