مَعَ حَلِّ الْعَقْدِ، فَإِنَّهُ لَوْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا وَالْمَرْأَةُ مَدْخُولَةٌ مُحَرَّمَةٌ بِالْمُصَاهَرَةِ لَمْ يَصِحَّ التَّعْلِيقُ فِيهِ فَمِنْ بَعْضِ الظَّنِّ تَأْوِيلُ الْمِلْكِ بِوُجُودِ النِّكَاحِ، وَالْمُتَبَادَرُ أَنَّ الْمِلْكَ لَمْ يُشْتَرَطْ لِصِحَّةِ التَّنْجِيزِ وَلَيْسَ ذَلِكَ وَبَقَاءُ الْمِلْكِ فِي عِدَّةِ الرَّجْعِيِّ مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ، وَأَمَّا فِي عِدَّةِ الْبَائِنِ فَفِيهِ خِلَافٌ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ (كَقَوْلِهِ لِمَنْكُوحَتِهِ) أَوْ لِمُعْتَدَّتِهِ (إنْ زُرْت فَأَنْتِ طَالِقٌ) فَيَقَعُ بَعْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ وَهُوَ الزِّيَارَةُ، وَلَوْ كَانَ الْمُعَلَّقُ عَاقِلًا وَقْتَ التَّعْلِيقِ ثُمَّ جُنَّ عِنْدَ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ إيقَاعٌ حُكْمًا. أَلَا يُرَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ عِنِّينًا أَوْ مَجْنُونًا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَيُجْعَلُ طَلَاقًا (أَوْ مُضَافًا إلَى الْمِلْكِ) بِأَنْ يُعَلَّقَ عَلَى نَفْسِ الْمِلْكِ، نَحْوُ إنْ مَلَكْت طَلَاقَك فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ عَلَى سَبَبِهِ (كَقَوْلِهِ لِأَجْنَبِيَّةٍ إنْ نَكَحْتُك) أَيْ تَزَوَّجْتُك (فَأَنْتِ طَالِقٌ) فَإِنَّ النِّكَاحَ سَبَبٌ لِلْمِلْكِ فَاسْتُعِيرَ السَّبَبُ لِلْمُسَبَّبِ أَيْ مَلَكْتُك بِالنِّكَاحِ (فَيَقَعُ إنْ نَكَحَهَا) لِوُجُودِ الشَّرْطِ.
وَفِي الزَّاهِدِيِّ قَدْ ظَفِرْت بِرِوَايَةٍ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَوْ أَضَافَ إلَى سَبَبِ الْمِلْكِ لَمْ يَصِحَّ التَّعْلِيقُ كَمَا قَالَ بِشْرٌ الْمَرِيسِيُّ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ يَثْبُتُ عَقِيبَ سَبَبِهِ وَالْجَزَاءُ يَقَعُ عَقِيبَ شَرْطِهِ فَلَوْ صَحَّ تَعْلِيقُهُ بِهِ لَكَانَ الطَّلَاقُ مُقَارِنًا لِثُبُوتِ الْمِلْكِ وَالطَّلَاقُ الْمُقَارِنُ لِثُبُوتِ الْمِلْكِ أَوْ لِزَوَالِهِ لَمْ يَقَعْ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ نِكَاحِك أَوْ فِي نِكَاحِك أَوْ مَعَ مَوْتِي أَوْ مَعَ مَوْتِك، وَتَمَامُهُ فِي التَّبْيِينِ فَلْيُطَالَعْ. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا إذَا خَصَّصَ أَوْ عَمَّ كَقَوْلِهِ كُلُّ امْرَأَةٍ خِلَافًا لِمَالِكٍ فَإِنَّهُ قَالَ إذَا لَمْ يُسَمِّ امْرَأَةً بِعَيْنِهَا أَوْ قَبِيلَةً أَوْ أَرْضًا أَوْ نَحْوَ هَذَا فَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَصِحُّ التَّعْلِيقُ الْمُضَافُ إلَى الْمِلْكِ، وَتَفْصِيلُ دَلِيلِنَا وَدَلِيلِهِمَا مَذْكُورٌ فِي الْمُطَوَّلَاتِ فَلْيُطَالَعْ. ثُمَّ التَّعْلِيقُ قَدْ يَكُونُ بِصَرِيحِ الشَّرْطِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَقَدْ يَكُونُ بِمَعْنَاهُ وَيُشْتَرَطُ حِينَئِذٍ أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ الْمَرْأَةُ الَّتِي أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ بِخِلَافِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ الَّتِي أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ فَتَزَوَّجَهَا لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا تَعَرَّفَتْ بِالْإِشَارَةِ لَمْ يُرَاعِ فِيهَا صِفَةَ التَّزَوُّجِ بَلْ الصِّفَةُ فِيهَا لَغْوٌ فَبَقِيَ قَوْلُهُ هَذِهِ طَالِقٌ.
(وَلَوْ) (قَالَ) الظَّاهِرُ بِالْفَاءِ لِكَوْنِهِ تَفْرِيعًا لِمَا قَبْلَهُ (لِلْأَجْنَبِيَّةِ إنْ زُرْت فَأَنْتِ طَالِقٌ فَنَكَحَهَا فَزَارَتْ) (لَا تَطْلُقُ) لِعَدَمِ الْمِلْكِ وَلَا الْإِضَافَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute