للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَعْنِي شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَاءِ فَأَمَرَ الْإِمَامُ بِرَجْمِهِ فَضَرَبَ شَخْصٌ عَمْدًا عُنُقَهُ (فَظَهَرُوا) أَيْ الشُّهُودُ (كَذَلِكَ) أَيْ كُفَّارًا أَوْ عَبِيدًا (فَالدِّيَةُ فِي مَالِ الْقَاتِلِ) اسْتِحْسَانًا، وَالْقِيَاسُ أَنْ يَجِبَ الْقِصَاصُ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ؛ لِأَنَّهُ قَتَلَ نَفْسًا مَعْصُومَةً وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْقَضَاءَ صَحِيحٌ ظَاهِرًا وَقْتَ الْقَتْلِ فَأَوْرَثَ شُبْهَةَ الْإِبَاحَةِ فَلَمْ تَجِبْ إلَّا الدِّيَةُ فِي مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ عَمْدٌ، وَالْعَاقِلَةُ لَا تَعْقِلُ الْعَمْدَ وَتَجِبُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ بِخِلَافِ مَا قَتَلَهُ قَبْلَ الْقَضَاءِ فَإِنَّهُ وَجَبَ الْقِصَاصُ فِي الْعَمْدِ، وَالدِّيَةُ فِي الْخَطَإِ عَلَى عَاقِلَتِهِ.

وَفِي الْبَحْرِ وَلَوْ أُمِرَ بِرَجْمِهِ بَعْدَ الشَّهَادَةِ قَبْلَ التَّعْدِيلِ خَطَأً مِنْ الْقَاضِي فَقَتَلَهُ رَجُلٌ عَمْدًا وَجَبَ الْقِصَاصُ أَوْ خَطَأً وَجَبَتْ الدِّيَةُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَقَيَّدَ بِقَتْلِ الْمَأْمُورِ بِرَجْمِهِ؛ لِأَنَّ مَنْ قَتَلَ مَنْ قُضِيَ بِقَتْلِهِ قِصَاصًا فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْهُ سَوَاءٌ ظَهَرَ الشُّهُودُ عَبِيدًا أَوْ كُفَّارًا أَوْ لَا؛ لِأَنَّ الِاسْتِيفَاءَ لِلْوَلِيِّ كَمَا فِي التَّبْيِينِ.

(وَلَوْ أَقَرَّ الشُّهُودُ بِتَعَمُّدِ النَّظَرِ) إلَى فَرْجِ الزَّانِي، وَالزَّانِيَةِ (لَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُمْ) ؛ لِأَنَّهُ يُبَاحُ لَهُمْ النَّظَرُ لِتَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ فَأَشْبَهَ الطَّبِيبَ، وَالْقَابِلَةَ، وَالْخَافِضَةَ، وَالْخِتَانَ، وَالِاحْتِقَانَ، وَالْبَكَارَةَ فِي الْعُنَّةِ، وَالرَّدَّ بِالْعَيْبِ إلَّا إذَا قَالُوا تَعَمَّدْنَا النَّظَرَ لِلتَّلَذُّذِ فَلَا تُقْبَلُ إجْمَاعًا لِفِسْقِهِمْ كَمَا فِي الْفَتْحِ.

(وَلَوْ أَنْكَرَ) الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِالزِّنَاءِ (الْإِحْصَانَ) بِأَنْ أَنْكَرَ بَعْدَ وُجُودِ سَائِرِ الشُّرُوطِ (يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ) فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ مِنْ حُرَّةٍ مُسْلِمَةٍ عَاقِلَةٍ خِلَافًا لِزُفَرَ وَالْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ فَعِنْدَهُمْ شَهَادَتُهُنَّ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ فِي غَيْرِ الْأَمْوَالِ وَعِنْدَ زُفَرَ وَإِنْ قُبِلَتْ إلَّا أَنَّهُ يَقُولُ الْإِحْصَانُ شَرْطٌ فِي مَعْنَى الْعِلَّةِ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ تَتَغَلَّظُ عِنْدَهُ فَيُضَافُ الْحُكْمُ إلَيْهِ فَأَشْبَهَ حَقِيقَةَ الْعِلَّةِ فَلَا شَهَادَةَ لِلنِّسَاءِ فِيهِ احْتِيَالًا لِلدَّرْءِ وَلَهُمْ أَنَّ الْإِحْصَانَ عِبَارَةٌ عَنْ الْخِصَالِ الْحَمِيدَةِ وَأَنَّهَا مَانِعَةٌ عَنْ الزِّنَاءِ فَلَا يَكُونُ فِي مَعْنَى الْعِلَّةِ (أَوْ) يَثْبُتُ (بِوِلَادَةِ زَوْجَتِهِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ هَذَا الْمَكْرِ.

وَفِي التَّنْوِيرِ وَلَوْ خَلَا بِهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا وَقَالَ وَطِئَهَا وَأَنْكَرَتْ فَهُوَ مُحْسِنٌ دُونَهَا كَمَا لَوْ قَالَتْ بَعْدَ الطَّلَاقِ كُنْت نَصْرَانِيَّةً وَقَالَ كَانَتْ مُسْلِمَةً فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِإِحْصَانِهِ دُونَهَا إذَا كَانَ أَحَدُ الزَّانِيَيْنِ مُحْصَنًا يُحَدُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَدَّهُ فَيُرْجَمُ الْمُحْصَنُ وَيُجْلَدُ غَيْرُهُ تَزَوَّجَ بِلَا وَلِيٍّ فَدَخَلَ بِهَا لَا يَكُونُ مُحْصَنًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ.

[بَابٌ حَدُّ الشُّرْبِ]

وَهُوَ نَوْعَانِ شُرْبُ الْخَمْرِ وَيَكْفِي فِيهِ الْقَلِيلُ، وَلَوْ قَطْرَةً وَلَا يَلْزَمُ السُّكْرُ وَشُرْبُ الْمُسْكِرِ الْمُحَرَّمِ غَيْرِ الْخَمْرِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ السُّكْرِ وَأَشَارَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (مَنْ شَرِبَ خَمْرًا) ، وَهُوَ مِنْ أَلْفَاظِ الْعُمُومِ فَيَشْمَلُ الذِّمِّيَّ وَغَيْرَهُ، وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَى الذِّمِّيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>