للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي النِّهَايَةِ لَمَّا لَمْ تَكُنْ الشَّهَادَةُ فِي الْوَصِيَّةِ أَمْرًا مُخْتَصًّا بِالْوَصِيَّةِ أَخَّرَ ذِكْرَهَا لِعَدَمِ عَرَاقَتِهَا فِيهِ.

[فَصَلِّ شَهِدَ الْوَصِيَّانِ أَنْ الْمَيِّت أَوْصَى إلَى زَيْد مَعَهُمَا]

لَا تُقْبَلُ) شَهَادَتُهُمَا لِأَنَّهُمَا يَجُرَّانِ نَفْعًا لِأَنْفُسِهِمَا بِإِثْبَاتِ الْمُعَيَّنِ لَهُمَا فَبَطَلَتْ لِلتُّهْمَةِ فَإِذَا بَطَلَتْ ضَمَّ الْقَاضِي إلَيْهِمَا ثَالِثًا؛ لِأَنَّ فِي ضِمْنِ شَهَادَتِهِمَا إقْرَارًا مِنْهُمَا بِأَنَّ الْمُوصِي ضَمَّ إلَيْهِمَا ثَالِثًا، وَإِقْرَارُهُمَا حُجَّةٌ عَلَيْهِمَا فَلَا يَتَمَكَّنَانِ مِنْ التَّصَرُّفِ بَعْدَ ذَلِكَ بِدُونِهِ فَصَارَ فِي حَقِّهِمَا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ مَاتَ أَحَدُ الْأَوْصِيَاءِ الثَّلَاثِ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَضُمَّ ثَالِثًا فَكَذَا هُنَا (إلَّا أَنْ يَدَّعِيَهُ زَيْدٌ) أَيْ يَدَّعِيَ زَيْدٌ أَنَّهُ وَصِيٌّ مَعَهُمَا فَحِينَئِذٍ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تُقْبَلَ كَالْأَوَّلِ.

وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ لِلْقَاضِي وِلَايَةَ نَصْبِ الْوَصِيِّ ابْتِدَاءً فِيمَا إذَا مَاتَ، وَلَمْ يَتْرُكْ وَصِيًّا وَلَهُ وِلَايَةُ ضَمِّ آخَرَ إلَيْهِمَا فَكَانَ هَذَا مِثْلُهُ فِي ضَمِّ مُدَّعِي الْوِصَايَةِ.

(وَكَذَا) لَا تُقْبَلُ (لَوْ شَهِدَ ابْنَا الْمَيِّتِ) أَنَّ أَبَاهُمَا أَوْصَى إلَى زَيْدٍ وَهُوَ يُنْكِرُ ذَلِكَ لِجَرِّهِمَا بِشَهَادَتِهِمَا نَفْعًا، وَهُوَ إمَّا أَنْ يَكُونَ مُعِينًا لَهُمَا حَافِظًا لِلتَّرِكَةِ فَكَانَا مُتَّهَمَيْنِ، وَشَهَادَةُ الْمُتَّهَمِ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ وَلَوْ ادَّعَى الْمَشْهُودُ لَهُ الْوِصَايَةَ تُقْبَلُ اسْتِحْسَانًا، وَوَجْهُهُ مَا ذَكَرَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى (وَلَغَتْ) أَيْ بَطَلَتْ (شَهَادَةُ الْوَصِيَّيْنِ بِمَالٍ لِلصَّغِيرِ) يَعْنِي لَوْ شَهِدَ الْوَصِيَّانِ لِوَارِثٍ صَغِيرٍ بِمَالٍ لَهُ عَلَى آخَرَ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمَالُ مُنْتَقِلًا إلَيْهِ مِنْ الْمَيِّتِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ لِلتُّهْمَةِ فِي شَهَادَتِهِمَا (وَكَذَا) تَلْغُو شَهَادَتُهُمَا (لِلْكَبِيرِ فِي مَالٍ) انْتَقَلَ إلَيْهِ مِنْ (الْمَيِّتِ) لِلتُّهْمَةِ فِي شَهَادَتِهِمَا لِأَنَّهُمَا يُثْبِتَانِ لِأَنْفُسِهَا وِلَايَةَ الْحِفْظِ عِنْدَ غَيْبَةِ الْكَبِيرِ وَبَيْعِ الْعَقَارِ فَتَبْطُلُ شَهَادَتُهُمَا (وَصَحَّتْ) شَهَادَتُهُمَا (لَهُ) أَيْ لِلْكَبِيرِ وَحْدَهُ (فِي غَيْرِهِ) أَيْ فِي غَيْرِ مَالٍ انْتَقَلَ إلَيْهِ مِنْ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُمَا حِينَئِذٍ فِي ذَلِكَ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ إنَّمَا أَقَامَهَا مَقَامَهُ فِي تَرِكَتِهِ لَا فِي غَيْرِهَا هَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ (وَعِنْدَهُمَا تَصِحُّ شَهَادَتُهُمَا لِلْكَبِيرِ فِي الْوَجْهَيْنِ) أَيْ فِي مَالٍ انْتَقَلَ إلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الْمَيِّتِ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَصَرُّفَ لَهُمَا فِي حَضْرَةِ الْكَبِيرِ فَعَرِيَتْ شَهَادَتُهُمَا عَنْ التُّهْمَةِ وَلِلْإِمَامِ مَا بَيَّنَّاهُ آنِفًا مِنْ التُّهْمَةِ عِنْدَ غَيْبَةِ الْكَبِيرِ فَكَفَتْ هَذِهِ التُّهْمَةُ لِرَدِّ شَهَادَتِهِمَا.

(وَشَهَادَةُ الْوَصِيِّ عَلَى الْمَيِّتِ جَائِزَةٌ) لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ فَتَجُوزُ عَلَيْهِ (لَا لَهُ) أَيْ الْمَيِّتِ لِمَا بَيَّنَّا مِنْ تَحَقُّقِ التُّهْمَةِ بِإِثْبَاتِهِ لِنَفْسِهِ التَّصَرُّفَ.

(وَلَوْ) كَانَتْ تِلْكَ الشَّهَادَةُ (بَعْدَ الْعَزْلِ) مِنْ الْوِصَايَةِ.

(وَإِنْ لَمْ يُخَاصِمْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْوَصِيُّ خَصْمًا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِأَنْ عَزَلَهُ الْقَاضِي، وَنَصَبَ غَيْرَهُ خَصْمًا فِي هَذِهِ الدَّعْوَى لِاحْتِمَالِ التُّهْمَةِ بِأَنْ يَكُونَ جَرَّ لِنَفْسِهِ مَغْنَمًا زَمَانَ وِصَايَتِهِ فَيَشْهَدَ خَوْفًا مِنْ زَوَالِهِ.

(وَلَوْ شَهِدَ رَجُلَانِ لِآخَرَيْنِ بِدَيْنٍ أَلْفٍ)

<<  <  ج: ص:  >  >>