كَالْحُرِّ) ؛ لِأَنَّ لَهُمَا يَدًا مُعْتَبَرَةً فِي الْخُصُومَاتِ حَتَّى لَوْ اخْتَصَمَا فِي شَيْءٍ هُوَ فِي أَيْدِيهِمَا يَقْضِي بَيْنَهُمَا بِخِلَافِ مَا كَانَ مَحْجُورًا حَيْثُ يَقْضِي لِلْحُرِّ لَا لِلْعَبْدِ وَقَوْلُهُ الْكُلُّ مُشِيرٌ إلَى أَنَّ الْخِلَافَ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي مُطْلَقِ الْمَتَاعِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ كَمَا فِي الْمُسْتَصْفَى لَكِنْ فِي الْحَقَائِقِ أَنَّ الْخِلَافَ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي الْأَمْتِعَةِ الْمُشْكِلَةِ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ.
وَفِي التَّنْوِيرِ أُعْتِقَتْ الْأَمَةُ وَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَمَا فِي الْبَيْتِ قَبْلَ الْعِتْقِ فَهُوَ لِلرَّجُلِ وَمَا بَعْدَ الْعِتْقِ قَبْلَ أَنْ تَخْتَارَ نَفْسَهَا فَهُوَ عَلَى مَا وَصَفْنَا فِي الطَّلَاقِ رَجُلٌ مَعْرُوفٌ بِالْفَقْرِ وَالْحَاجَةِ صَارَ بِيَدِهِ غُلَامٌ وَعَلَى عُنُقِهِ بَدْرَةٌ، وَذَلِكَ بِدَارِهِ فَادَّعَاهُ رَجُلٌ عُرِفَ بِالْيَسَارِ وَادَّعَاهُ صَاحِبُ الدَّارِ فَهُوَ لِلْمَعْرُوفِ بِالْيَسَارِ، وَكَذَا كَنَّاسٌ فِي مَنْزِلِ الرَّجُلِ وَعَلَى عُنُقِهِ قَطِيفَةٌ يَقُولُ هِيَ لِي وَادَّعَاهَا صَاحِبُ الْمَنْزِلِ فَهِيَ لِصَاحِبِ الْمَنْزِلِ رَجُلَانِ فِي سَفِينَةٍ بِهَا دَقِيقٌ فَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ السَّفِينَةَ وَمَا فِيهَا وَأَحَدُهُمَا يُعْرَفُ بِبَيْعِ الدَّقِيقِ وَالْآخَرُ يُعْرَفُ بِأَنَّهُ مَلَّاحٌ فَالدَّقِيقُ لِلَّذِي يُعْرَفُ بِبَيْعِهِ وَالسَّفِينَةُ لِمَنْ يُعْرَفُ أَنَّهُ مَلَّاحٌ وَتَمَامُهُ فِي الْمِنَحِ فَلْيُطَالَعْ.
[فَصَلِّ فِي بَيَان أَحْكَام دَفْعِ الدَّعَاوَى]
فَصَلِّ أَحْكَامِ دَفْعِ الدَّعَاوَى
(قَالَ ذُو الْيَدِ) فِي جَوَابِ مَنْ ادَّعَى شَيْئًا فِي يَدِهِ أَنَّ (هَذَا الشَّيْءَ أَوْدَعَنِيهِ فُلَانٌ الْغَائِبُ أَوْ أَعَارَنِيهِ أَوْ آجَرَنِيهِ أَوْ رَهَنِّيهِ أَوْ غَصَبْته مِنْهُ) أَيْ مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ (وَبَرْهَنَ عَلَى ذَلِكَ) الْمَذْكُورِ (انْدَفَعَتْ خُصُومَةُ الْمُدَّعِي) ؛ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا الْمِلْكَ لِلْغَائِبِ، وَهُوَ غَيْرُ مَقْبُولٍ شَرْعًا، وَالْآخَرُ دَفْعُ خُصُومَةِ الْمُدَّعِي وَهَذَا مَقْبُولٌ.
وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ لَا تَسْقُطُ خُصُومَةُ الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ تُثْبِتُ الْمِلْكَ لِلْغَائِبِ وَلَا وِلَايَةَ لِأَحَدٍ عَلَى غَيْرِهِ فِي إدْخَالِ شَيْءٍ فِي مِلْكِهِ بِلَا رِضَاهُ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: تَسْقُطُ الْخُصُومَةُ بِلَا بَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا تُهْمَةَ فِيمَا أَقَرَّ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ فَتَبَيَّنَ أَنَّ يَدَهُ يَدُ حِفْظٍ لَا يَدَ خُصُومَةٍ (وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ فِيمَنْ عُرِفَ بِالْحِيَلِ) جَمْعُ حِيلَةٍ (لَا تَنْدَفِعُ) الْخُصُومَةُ (وَبِهِ يُؤْخَذُ) وَاخْتَارَهُ فِي الْمُخْتَارِ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنْ كَانَ صَالِحًا فَكَمَا قَالَ الْإِمَامُ وَإِنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالْحِيَلِ لَمْ تَنْدَفِعْ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَأْخُذُ مَالَ الْغَيْرِ غَصْبًا ثُمَّ يَدْفَعُ سِرًّا إلَى مَنْ يُرِيدُ أَنْ يُغَيِّبَ، وَيَقُولَ لَهُ أُودَعَهُ عِنْدِي بِحَضْرَةِ الشُّهُودِ قَصْدًا لِإِبْطَالِ حَقِّ الْغَيْرِ فَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ لِهَذِهِ التُّهْمَةِ.
(وَإِنْ قَالَ الشُّهُودُ أُودَعَهُ مَنْ لَا نَعْرِفُهُ لَا تَنْدَفِعُ) الْخُصُومَةُ بِالْإِجْمَاعِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعِي مَنْ أُودَعَهُ (بِخِلَافِ قَوْلِهِمْ) أَيْ قَوْلِ الشُّهُودِ (نَعْرِفُهُ) أَيْ الْمُودِعَ (بِوَجْهِهِ) لَوْ رَأَيْنَاهُ (لَا بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ حَيْثُ تَنْدَفِعُ) الْخُصُومَةُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute