للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِمَنْزِلَةِ الْغَاصِبِ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: الْقَوْلُ قَوْلُ الصَّبَّاغِ.

(وَإِنْ قَالَ رَبُّ الثَّوْبِ: عَمِلْتَ لِي بِلَا أَجْرٍ، وَقَالَ الصَّانِعُ: بِأَجْرٍ فَالْقَوْلُ لِرَبِّ الثَّوْبِ) ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ تَقَوُّمَ عَمَلِ الصَّانِعِ؛ لِأَنَّهُ يَتَقَوَّمُ بِالْعَقْدِ وَلَا يُنْكِرُ الضَّمَانَ، وَالصَّانِعُ يَدَّعِيهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ مَعَ يَمِينِهِ عِنْدَ الْإِمَامِ فِي الْقِيَاسِ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ فِي قَوْلٍ وَاحِدٍ: الْقَوْلُ لِلصَّانِعِ

(وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ) الْقَوْلُ (لِلصَّانِعِ إنْ كَانَ حَرِيفًا) أَيْ مُعَامِلًا (لَهُ) بِأَنْ سَبَقَ بَيْنَهُمَا أَخْذٌ وَإِعْطَاءٌ يَلْزَمُ لَهُ الْأَجْرُ؛ لِأَنَّ مَا سَبَقَ مِنْ الْمُعَامَلَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَعْمَلُ بِأَجْرٍ فَقَامَ ذَلِكَ مَقَامَ الِاشْتِرَاطِ فِي الِاسْتِحْسَانِ (وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ) الْقَوْلُ (لِلصَّانِعِ إنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِعَمَلِهِ بِالْأَجْرِ) ؛ لِأَنَّهُ فَتَحَ الْحَانُوتَ لِأَجْلِ الْأَجْرِ جَرَى ذَلِكَ مَجْرَى التَّنْصِيصِ عَلَى اعْتِبَارِ الظَّاهِرِ فِي الِاسْتِحْسَانِ فَجَوَابُ الْإِمَامِ عَنْ اسْتِحْسَانِهِمَا أَنَّ الظَّاهِرَ يَصْلُحُ لِلدَّفْعِ لَا لِلِاسْتِحْقَاقِ، وَهُنَا تَحْتَاجُ إلَى اسْتِحْقَاقِ الْأَجْرِ، وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَغَيْرِهِ.

[بَاب فَسْخ الْإِجَارَة]

ِ) وَجْهُ التَّأْخِيرِ عَمَّا قَبْلَهُ ظَاهِرٌ إذَا الْفَسْخُ يَعْقُبُ الْعَقْدَ لَا مَحَالَةَ (تُفْسَخُ) الْإِجَارَةُ (بِعَيْبٍ فَوَّتَ) صِفَةِ عَيْبٍ (النَّفْعَ كَخَرَابِ الدَّارِ وَانْقِطَاعِ مَاءِ الْأَرْضِ أَوْ) مَاءِ (الرَّحَى) ، فَإِنَّ كُلًّا مِنْهَا يُفَوِّتُ النَّفْعَ فَيَثْبُتُ خِيَارُ الْفَسْخِ.

وَفِي الْهِدَايَةِ وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ بِأَنَّ الْعَقْدَ لَا يَنْفَسِخُ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ فَاتَتْ عَلَى وَجْهٍ يُتَصَوَّرُ عَوْدُهَا فَأَشْبَهَ الْإِبَاقَ فِي الْعَبْدِ.

وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ الْآجِرَ لَوْ بَنَاهَا أَيْ بَعْدَ الْخَرَابِ لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَمْتَنِعَ وَلَا لِلْآجِرِ، وَهَذَا تَنْصِيصٌ مِنْهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ لَكِنَّهُ أَيْ الْعَقْدَ يُفْسَخُ، وَالْأَصَحُّ

وَلَوْ انْقَطَعَ مَاءُ الرَّحَى، وَالْبَيْتُ مِمَّا يُنْتَفَعُ بِهِ لِغَيْرِ الطَّحْنِ فَعَلَيْهِ مِنْ الْأَجْرِ بِحِصَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ.

وَفِي التَّبْيِينِ: فَإِذَا اسْتَوْفَاهُ لَزِمَتْهُ حِصَّتُهُ.

وَفِي الْوَلْوَالِجِيِّ: رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِيَزْرَعَهَا فَزَرَعَهَا، وَلَمْ يَجِدْ الْمَاءَ لِيَسْقِيَهَا فَهَلَكُ الزَّرْعُ، وَالْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يَسْتَأْجِرَهَا بِشِرْبِهَا أَوْ بِغَيْرِ شِرْبِهَا فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ سَقَطَ عَنْهُ الْأَجْرُ لِفَوَاتِ التَّمَكُّنِ مِنْ الِانْتِفَاعِ.

وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي: إنْ انْقَطَعَ مَاءُ الزَّرْعِ عَلَى وَجْهٍ لَا يُرْجَى فَلَهُ الْخِيَارُ، وَإِنْ انْقَطَعَ قَلِيلًا قَلِيلًا وَيُرْجَى مِنْهُ السَّقْيُ فَالْأَجْرُ عَلَيْهِ وَاجِبٌ، وَلَوْ لَمْ يَنْقَطِعْ الْمَاءُ لَكِنْ سَالَ الْمَاءُ عَلَيْهَا حَتَّى لَا تَتَهَيَّأَ بِهِ الزِّرَاعَةُ فَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ عَجَزَ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَصَارَ كَمَا إذَا غَصَبَهُ غَاصِبٌ.

وَفِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا فَانْقَطَعَ الْمَاءُ قَالَ: إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ تُسْقَى مِنْ مَاءِ الْأَنْهَارِ لَا شَيْءَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَكَذَا إذَا كَانَتْ بِمَاءِ السَّمَاءِ فَانْقَطَعَ الْمَطَرُ (أَوْ أَخَلَّ) عَطْفٌ عَلَى فَوَّتَ (بِهِ) أَيْ بِالنَّفْعِ يَعْنِي الْعَيْبَ لَا يُفَوِّتُ النَّفْعَ بِالْكُلِّيَّةِ بَلْ يُخِلُّ بِهِ بِحَيْثُ يُنْتَفَعُ بِهِ فِي الْجُمْلَةِ (كَمَرَضِ الْعَبْدِ وَدَبَرِ الدَّابَّةِ) الدَّبَرَةُ وَاحِدَةُ الدَّبَرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>