أَكَلَ مَالَ الْمَالِكِ بِغَيْرِ إذْنِهِ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تُعْتَبَرُ صَحِيحَةً بَعْدَ الْفَرَاغِ عَلَى مَا مَرَّ فَيَكُونُ الْأَجْرُ رَاجِعًا إلَى مَوْلَاهُ (وَمَا وَجَدَهُ) مِنْ الْأَجْرِ (سَيِّدُهُ) فِي يَدِ الْعَبْدِ وَغَيْرِهِ (أَخَذَهُ) بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ بُطْلَانِ التَّقَوُّمِ بُطْلَانُ الْمِلْكِ (وَقَبْضُ الْعَبْدِ أَجْرَهُ) مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ (صَحِيحٌ) بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ لِلْعَقْدِ فَيَخْرُجُ الْمُسْتَأْجِرُ عَنْ عُهْدَةِ الْأُجْرَةِ بِالْأَدَاءِ إلَى الْعَبْدِ.
(وَلَوْ آجَرَ) رَجُلٌ (عَبْدَهُ هَذَيْنِ الشَّهْرَيْنِ) آجَرَ (شَهْرًا بِأَرْبَعَةِ) دَرَاهِمَ (وَشَهْرًا بِخَمْسَةِ) دَرَاهِمَ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ مِنْهُمَا (صَحَّ) الْعَقْدُ عَلَى التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ وَ (الْأَوَّلُ بِأَرْبَعَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ: شَهْرًا بِأَرْبَعَةٍ يَنْصَرِفُ إلَى مَا يَلِي الْعَقْدَ تَحَرِّيًا بِالْجَوَازِ فَيَنْصَرِفُ الثَّانِي إلَى مَا يَلِي الْأَوَّلِ ضَرُورَةً.
(وَلَوْ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا فَأَبَقَ أَوْ مَرِضَ) يَعْنِي إذَا اسْتَأْجَرَ عَبْدًا شَهْرًا بِدِرْهَمٍ فَقَبَضَهُ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ ثُمَّ جَاءَ آخِرُ الشَّهْرِ، وَالْعَبْدُ مَرِيضٌ أَوْ آبِقٌ وَاخْتَلَفَا (فَادَّعَى) الْمُسْتَأْجِرُ (وُجُودَهُ) أَيْ وُجُودَ الْمَرَضِ أَوْ الْإِبَاقِ (أَوَّلَ الْمُدَّةِ وَ) ادَّعَى (الْمَوْلَى وُجُودَهُ قُبَيْلَ الْإِخْبَارِ بِسَاعَةٍ حُكِّمَ الْحَالُ) أَيْ يُجْعَلُ الْحَالُ حَكَمًا بَيْنَهُمَا فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ مَنْ يَشْهَدُ لَهُ الْحَالُ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ فِي الدَّعَاوَى قَوْلُ مَنْ يَشْهَدُ لَهُ الظَّاهِرُ.
وَعَنْ هَذَا قَالَ: (فَإِنْ كَانَ) الْعَبْدُ (حَاضِرًا) وَقْتَ الدَّعْوَى فِي صُورَةِ الْإِبَاقِ (أَوْ صَحِيحًا) فِي صُورَةِ الْمَرَضِ (صُدِّقَ الْمَوْلَى) وَيُحْكَمُ بِأَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ مِنْ أَوَّلِ الْمُدَّةِ فَيَجِبُ الْأَجْرُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا أَوْ صَحِيحًا وَقْتَ الدَّعْوَى (فَالْمُسْتَأْجِرُ) أَيْ يُصَدَّقُ الْمُسْتَأْجِرُ وَيُحْكَمُ بِأَنَّ مَرَضَ الْعَبْدِ أَوْ إبَاقَهُ مِنْ أَوَّلِ الْمُدَّةِ.
(وَكَذَا الِاخْتِلَافُ فِي انْقِطَاعِ مَاءِ الرَّحَى وَجَرَيَانِهِ) أَيْ: وَكَذَا لَوْ قَالَ الْمَالِكُ: مَاءُ الطَّاحُونَةِ كَانَ جَارِيًا فِي الْمُدَّةِ، وَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ: لَمْ يَكُنْ جَارِيًا فِيهَا فَالْقَوْلُ لِلْمَالِكِ إنْ كَانَ جَارِيًا وَإِلَّا فَلِلْمُسْتَأْجِرِ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ رَحَى مَاءٍ وَبَيْتَهَا وَمَتَاعَهَا مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ فَانْقَطَعَ الْمَاءُ سَقَطَ مِنْ الْأَجْرِ بِحِسَابِهِ، وَإِنْ لَمْ يَنْقُضْ الْإِجَارَةَ حَتَّى عَادَ الْمَاءُ لَزِمَتْهُ الْإِجَارَةُ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي نَفْسِ الِانْقِطَاعِ يُحَكَّمُ الْحَالُ.
(وَلَوْ قَالَ رَبُّ الثَّوْبِ: أَمَرْتُك أَنْ تَصْبُغَهُ أَحْمَرَ فَصَبَغْتَهُ أَصْفَرَ، وَقَالَ الصَّانِعُ: أَمَرْتنِي بِمَا صَنَعْتُ صُدِّقَ رَبُّ الثَّوْبِ) ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ يُسْتَفَادُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الثَّوْبِ فَكَانَ أَعْلَمَ بِكَيْفِيَّتِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، أَلَا يَرَى لَوْ أَنْكَرَ الْإِذْنَ بِالْكُلِّيَّةِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ، وَكَذَا إذَا أَنْكَرَ صِفَتَهُ.
(وَكَذَا الِاخْتِلَافُ فِي الْقَمِيصِ، وَالْقَبَاءِ) بِأَنْ قَالَ رَبُّ الثَّوْبِ: أَمَرْتُكَ أَنْ تَعْمَلَهُ قَبَاءً.
وَقَالَ الْخَيَّاطُ: قَمِيصًا فَالْقَوْلُ لِرَبِّ الثَّوْبِ أَيْضًا مَعَ يَمِينِهِ (فَإِنْ حَلَفَ) رَبُّ الثَّوْبِ (ضَمِنَ الصَّانِعُ قِيمَةَ ثَوْبِهِ غَيْرَ مَعْمُولٍ) أَيْ صَاحِبُ الثَّوْبِ بَعْدَ الْحَلِفِ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ الثَّوْبِ غَيْرَ مَعْمُولٍ (وَلَا أَجْرَ لَهُ أَوْ أَخَذَ الثَّوْبَ وَأَعْطَاهُ أَجْرَ مِثْلِهِ وَلَا يُجَاوِزُ بِهِ الْمُسَمَّى) عَلَى مَا بَيَّنَّا مِنْ قَبْلُ وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَضْمَنُ لَهُ مَا زَادَ الصَّبْغَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ