وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِيَمِينِ صَاحِبِهِ عِنْدَ الْعَقْدِ (وَمَا لَمْ يَعْقِلْ عَنْهُ) أَوْ عَنْ وَلَدِهِ (فَلَهُ) أَيْ لِمَنْ وَالَى (أَنْ يَفْسَخَهُ) أَيْ وَلَاءَ الْمُوَالَاةِ بِغَيْرِ رِضَى صَاحِبِهِ (قَوْلًا) بِأَنْ قَالَ فَسَخْت عَقْدَ الْمُوَالَاةِ مَعَك؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ تَبَرُّعٍ فَلَا يَكُونُ لَازِمًا (بِحَضْرَتِهِ) أَيْ بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ وَاقِعٌ مِنْهُمَا فَلَا يَفْسَخُ أَحَدُهُمَا إلَّا بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ كَالْمُضَارَبَةِ وَالشَّرِكَةِ (وَفِعْلًا مَعَ غَيْبَتِهِ) أَيْ غَيْبَةِ صَاحِبِهِ (بِأَنْ يَنْتَقِلَ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ) بِأَنْ وَلَّى رَجُلًا آخَرَ فَيَكُونُ فَسْخًا لِلْعَقْدِ مَعَ الْأَوَّلِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ حُضُورُ صَاحِبِهِ لِثُبُوتِ الِانْفِسَاخِ فِي ضِمْنِ الْعَقْدِ الثَّانِي مَعَ الْآخَرِ فَصَارَ كَالْعَزْلِ الْحُكْمِيِّ فِي الْوَكَالَةِ وَكُلٌّ مِنْ الْفَسْخَيْنِ مَا لَمْ يَعْقِلْ عَنْهُ (وَبَعْدَ أَنْ عَقَلَ) الْأَعْلَى (عَنْهُ أَوْ عَنْ وَلَدِهِ لَا يَفْسَخُهُ) أَيْ عَقْدَ الْمُوَالَاةِ (هُوَ) أَيْ الْأَسْفَلُ (وَلَا وَلَدُهُ) لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ وَلِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ وَلِاتِّصَالِ الْقَضَاءِ بِهِ (وَلِلْأَعْلَى أَيْضًا) أَيْ كَالْأَسْفَلِ (أَنْ يَبْرَأَ عَنْ وَلَائِهِ) أَيْ الْأَسْفَلِ (بِمَحْضَرِهِ) أَيْ الْأَسْفَلِ لِعَدَمِ اللُّزُومِ إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي هَذَا أَنْ يَكُونَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْآخَرِ.
(وَلَوْ أَسْلَمَتْ امْرَأَةٌ فَوَالَتْ) رَجُلًا بِشُرُوطِهَا (أَوْ أَقَرَّتْ بِالْوَلَاءِ) أَيْ أَقَرَّتْ أَنَّهَا مَوْلَاةٌ لِفُلَانٍ (فَوَلَدَتْ) وَلَدًا (مَجْهُولَ النَّسَبِ) أَيْ لَا يُعْرَفُ لَهُ أَبٌ (أَوْ كَانَ مَعَهَا وَلَدٌ صَغِيرٌ كَذَلِكَ) أَيْ كَانَ الصَّغِيرُ مَجْهُولَ النَّسَبِ كَذَلِكَ صَحَّ إقْرَارُهَا عَلَى نَفْسِهَا وَ (تَبِعَهَا فِيهِ) أَيْ تَبِعَ الْوَلَدُ أُمَّهُ فِي الْوَلَاءِ وَيَصِيرَانِ مَوْلَى فُلَانٍ عِنْدَ الْإِمَامِ (خِلَافًا لَهُمَا) أَيْ قَالَا لَا يَتْبَعُهَا وَلَدُهَا فِي الصُّورَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الْأُمَّ لَا وِلَايَةَ لَهَا عَلَى مَالِ الصَّغِيرِ فَلَا يَكُونُ لَهَا وِلَايَةٌ عَلَى نَفْسِهِ
وَلَهُ أَنَّ الْوَلَاءَ بِمَنْزِلَةِ النَّسَبِ فَيَكُونُ نَفْعُهَا مَحْضًا فِي حَقِّ الصَّغِيرِ الْمَجْهُولِ النَّسَبِ فَتَمْلِكُهُ الْأُمُّ كَقَبُولِ الْهِبَةِ.
وَلَوْ أَقَرَّ رَجُلٌ أَنَّهُ مُعْتَقُ فُلَانٍ فَكَذَّبَهُ الْمُقِرُّ لَهُ فِي الْوَلَاءِ أَصْلًا أَوْ قَالَ لَا بَلْ وَالَيْتنِي فَأَقَرَّ الْمُقِرُّ لِغَيْرِهِ فَالْوَلَاءُ لَا يَصِحُّ عِنْدَ الْإِمَامِ وَعِنْدَهُمَا يَصِحُّ.
[كِتَابُ الْإِكْرَاهِ]
ِ قِيلَ الْمُوَالَاةُ تَغْيِيرُ حَالِ الْمَوْلَى الْأَعْلَى عَنْ حُرْمَةِ أَكْلِ مَالٍ لِمَوْلَى الْأَسْفَلِ بَعْدَ مَوْتِهِ إلَى حِلِّهِ كَمَا أَنَّ الْإِكْرَاهَ تَغْيِيرُ حَالِ الْمُخَاطَبِ مِنْ الْحُرْمَةِ إلَى الْحِلِّ فَكَانَ مُنَاسِبًا أَنْ يَذْكُرَ الْإِكْرَاهَ عَقِيبَ الْمُوَالَاةِ (هُوَ) لُغَةً مَصْدَرُ أَكْرَهَهُ إذَا حَمَلَهُ عَلَى أَمْرٍ يَكْرَهُهُ وَالْكَرْهُ بِالْفَتْحِ اسْمٌ مِنْهُ (فِعْلٌ يُوقِعُهُ الْإِنْسَانُ بِغَيْرِهِ يَفُوتُ بِهِ) أَيْ بِذَلِكَ الْفِعْلِ (رِضَاهُ) أَيْ رِضَى ذَلِكَ الْغَيْرِ فَقَطْ بِدُونِ فَسَادِ اخْتِيَارِهِ كَالْحَبْسِ مَثَلًا (أَوْ يُفْسِدُ اخْتِيَارَهُ) مَعَ تَحَقُّقِ عَدَمِ الرِّضَى أَيْضًا كَالتَّهْدِيدِ بِالْقَتْلِ مَثَلًا.
وَفِي الدُّرَرِ أَنَّ عَدَمَ الرِّضَى مُعْتَبَرٌ فِي جَمِيعِ صُوَرِ الْإِكْرَاهِ وَأَصْلُ الِاخْتِيَارِ ثَابِتٌ فِي جَمِيعِ صُوَرِهِ لَكِنْ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ يَفْسُدُ الِاخْتِيَارُ وَفِي بَعْضِهَا لَا يَفْسُدُ أَقُولُ هَذَا هُوَ الْمَسْطُورُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute