للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْدَهَا.

(وَإِنْ زَادَ أَبَدًا) أَيْ زَادَ فِي تِلْكَ الْوَصِيَّةِ لَفْظَ أَبَدًا (فَلَهُ) أَيْ لِلْمُوصَى لَهُ (هِيَ) أَيْ الثَّمَرَةُ الْمَوْجُودَةُ (وَمَا يُسْتَقْبَلُ) عَطْفٌ عَلَى الضَّمِيرِ أَعْنِي قَوْلَهُ هِيَ أَيْ يَسْتَحِقُّ الثَّمَرَةَ الْمَوْجُودَةَ وَمَا يَحْدُثُ مِنْ الثَّمَرَةِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ عَمَلًا بِالتَّأْبِيدِ فِي لَفْظِ الْمُوصِي.

(وَإِنْ أَوْصَى) لَهُ (بِغَلَّةِ بُسْتَانِهِ فَلَهُ الْمَوْجُودُ وَمَا يُسْتَقْبَلُ) وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا أَوْصَى لَهُ بِالْغَلَّةِ اسْتَحَقَّهَا دَائِمًا وَبِالثَّمَرَةِ لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا الْقَائِمَةَ إلَّا إذَا زَادَ لَفْظَ أَبَدًا فَيَصِيرُ كَالْغَلَّةِ فَيَسْتَحِقُّهَا دَائِمًا، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الثَّمَرَةَ اسْمٌ لِلْمَوْجُودِ عُرْفًا فَلَا يَتَنَاوَلُ مَا سَيَحْدُثُ وَبَعْضُ الْأَلْفَاظِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ كَأَبَدًا وَنَحْوِهِ وَأَمَّا الْغَلَّةُ فَتَنْتَظِمُ الْمَوْجُودَ وَمَا يَكُونُ يَعْرِضُ أَنْ يُوجَدَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى كَمَا يُقَالُ فِي الْعُرْفِ فُلَانٌ يَأْكُلُ مِنْ غَلَّةِ بُسْتَانِهِ أَوْ أَرْضِهِ أَوْ دَارِهِ فَيُصَدَّقُ عَلَى مَا يَنْتَفِعُ بِهِ فِي الْحَالِ أَوْ فِي الِاسْتِقْبَالِ.

(وَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِصُوفِ غَنَمِهِ أَوْ لَبَنِهَا) أَيْ الْغَنَمِ (أَوْ أَوْلَادِهَا فَلَهُ مَا يُوجَدُ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَ مَوْتِهِ فَقَطْ) سَوَاءٌ (قَالَ أَبَدًا أَوْ لَمْ يَقُلْ) أَيْ لِلْمُوصَى لَهُ مَا يُوجَدُ مِنْ ذَلِكَ الْمُوصَى بِهِ مَا فِي بُطُونِهَا مِنْ الْأَوْلَادِ وَمَا فِي ضُرُوعِهَا مِنْ الْأَلْبَانِ وَمَا عَلَى ظُهُورِهَا مِنْ الصُّوفِ يَوْمَ مَاتَ الْمُوصِي سَوَاءٌ قَالَ أَبَدًا أَوْ لَمْ يَقُلْ؛ لِأَنَّهَا إيجَابٌ عِنْدَ الْمَوْتِ فَيُعْتَبَرُ قِيَامُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ يَوْمئِذٍ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ الصُّوفَ وَالْوَلَدَ وَاللَّبَنَ الْمَوْجُودَاتِ يَصِحُّ اسْتِحْقَاقُهَا بِالْعُقُودِ فَإِنَّهَا تُمْلَكُ تَبَعًا بِكُلِّ عَقْدٍ فَكَذَا بِالْوَصِيَّةِ فَأَمَّا الْمَعْدُومُ مِنْهَا فَلَمْ يُشْرَعْ اسْتِحْقَاقُهَا بِشَيْءٍ مِنْ الْعُقُودِ فَلَمْ يَصِحَّ اسْتِحْقَاقُهَا بِعَقْدِ الْوَصِيَّةِ فَأَمَّا الثَّمَرَةُ أَوْ الْغَلَّةُ الْمَعْدُومَةُ فَيَصِحُّ اسْتِحْقَاقُهَا بَعْدَ الْمُزَارَعَةِ وَالْمُعَامَلَةِ فَلَأَنْ تُسْتَحَقَّ بِالْوَصِيَّةِ أَوْلَى.

[بَاب وَصِيَّة الذِّمِّيّ]

ّ إنَّمَا ذَكَرَ وَصِيَّةَ الذِّمِّيِّ عَقِيبَ وَصِيَّةِ الْمُسْلِمِ لِمَا أَنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ مُلْحَقُونَ بِالْمُسْلِمِينَ فِي الْمُعَامَلَاتِ.

(وَلَوْ جَعَلَ الذِّمِّيُّ دَارِهِ بَيْعَةً أَوْ كَنِيسَةً فِي صِحَّتِهِ ثُمَّ مَاتَ فَهِيَ مِيرَاثٌ) أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ فَلِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْوَقْفِ، وَوَقْفُ الْمُسْلِمِ يُورَثُ عَنْهُ فَهَذَا أَوْلَى وَإِنَّمَا قُلْنَا يُورَثُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ عِنْدَهُ، وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّ هَذَا مَعْصِيَةٌ حَقِيقَةً وَإِنْ كَانَ فِي مُعْتَقَدِهِمْ قُرْبَةً، وَالْوَصِيَّةُ بِالْمَعْصِيَةِ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّ فِي تَنْفِيذِهَا تَقْرِيرَ الْمَعْصِيَةِ (وَلَوْ أَوْصَى بِهِ) أَيْ بِجَعْلِ دَارِهِ بَيْعَةً أَوْ كَنِيسَةً (لِقَوْمٍ مُسَمِّينَ جَازَ) أَيْ الْإِيصَاءُ (مِنْ الثُّلُثِ) اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ فِي الْوَصِيَّةِ مَعْنَى التَّمْلِيكِ وَمَعْنَى الِاسْتِخْلَافِ وَلِلْمُوصِي وِلَايَةَ كِلَيْهِمَا.

(وَكَذَا) يَجُوزُ (فِي غَيْرِ الْمُسَمِّينَ) بِأَنْ أَوْصَى لِقَوْمٍ غَيْرِ مَخْصُوصِينَ هَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ (خِلَافًا لَهُمَا) فَإِنَّهُمَا قَالَا إنَّهَا بَاطِلَةٌ إلَّا أَنْ يُوصِيَ لِقَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ وَصَايَا الذِّمِّيِّ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنْ يُوصِيَ بِمَا هُوَ مَعْصِيَةٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَهُمْ كَالْوَصِيَّةِ لِلْمُغَنِّيَاتِ وَالنَّائِحَاتِ فَهَذَا لَا يَصِحُّ إجْمَاعًا إلَّا أَنْ تَكُونَ لِقَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ فَتَصِحُّ تَمَلُّكًا مِنْ الثُّلُثِ فَإِنْ كَانُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>