عَتَقَتْ الْأَمَةُ وَفَسَدَ النِّكَاحُ إلَّا أَنْ فِي الْأُولَى يَسْقُطُ الْمَهْرُ، وَفِي الثَّانِيَةِ لَا (وَلَزِمَهَا الْأَلْفُ وَالْوَلَاءُ لَهَا وَيَصِحُّ عَنْ كَفَّارَتِهَا لَوْ نَوَتْ بِهِ) أَيْ لَوْ نَوَتْ بِهَذَا الْإِعْتَاقِ عَنْ الْكَفَّارَةِ.
وَعِنْدَ زُفَرَ النِّكَاحُ وَيَقَعُ الْوَلَاءُ عَنْ الْمَأْمُورِ وَأَصْلُهُ أَنَّهُ يَقَعُ الْعِتْقُ عَنْ الْآمِرِ عِنْدَنَا حَتَّى يَكُونَ الْوَلَاءُ لَهُ وَلَوْ نَوَى بِهِ الْكَفَّارَةَ يَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ وَعِنْدَهُ يَقَعُ عَنْ الْمَأْمُورِ؛ لِأَنَّهُ طَلَبَ أَنْ يُعْتِقَ الْمَأْمُورُ عَبْدَهُ عَنْهُ وَهَذَا مُحَالٌ؛ لِأَنَّهُ لَا عِتْقَ فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ ابْنُ آدَمَ فَلَمْ يَصِحَّ الطَّلَبُ فَيَقَعُ الْعِتْقُ عَنْ الْمَأْمُورِ وَلَنَا أَنَّهُ أَمْكَنَ تَصْحِيحُهُ بِتَقْدِيمِ الْمِلْكِ بِطَرِيقِ الِاقْتِضَاءِ إذْ الْمِلْكُ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْعِتْقِ عَنْ الْآمِرِ فَيَصِيرُ قَوْلُهُ أَعْتِقْ طَلَبَ التَّمْلِيكِ مِنْ الْمَوْلَى بِالْأَلْفِ، ثُمَّ أَمْرُهُ بِالْإِعْتَاقِ عِنْدَ الْآمِرِ عَنْهُ وَقَوْلُهُ أَعْتَقْتُ تَمْلِيكًا مِنْ الْآمِرِ، ثُمَّ الْإِعْتَاقُ عَنْ الْآمِرِ وَإِذَا ثَبَتَ الْمِلْكُ لِلْآمِرِ فَسَدَ النِّكَاحُ لِلتَّنَافِي بَيْنَ الْمِلْكَيْنِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ (وَإِنْ لَمْ تَقُلْ) الْحُرَّةُ (بِأَلْفٍ لَا يَفْسُدُ) النِّكَاحُ (وَالْوَلَاءُ لَهُ) أَيْ لِلسَّيِّدِ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ (خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ) هُوَ يَقُولُ هَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ فَيَثْبُتُ الْمِلْكُ هُنَا بِطَرِيقِ الْهِبَةِ وَتَسْتَغْنِي الْهِبَةُ عَنْ الْقَبْضِ وَهُوَ شَرْطٌ كَمَا يَسْتَغْنِي الْبَيْعُ عَنْ الْقَبُولِ وَهُوَ رُكْنٌ، وَلَهُمَا: الْقَبُولُ رُكْنٌ يَحْتَمِلُ السُّقُوطَ كَمَا فِي التَّعَاطِي وَأَمَّا الْقَبْضُ فَلَا يَحْتَمِلُ السُّقُوطَ فِي الْهِبَةِ بِحَالٍ.
(وَلِلْمَوْلَى إجْبَارُ عَبْدِهِ وَأَمَتِهِ عَلَى النِّكَاحِ) وَمَعْنَى الْإِجْبَارِ أَنْ يَنْفُذَ نِكَاحُ الْمَوْلَى بِغَيْرِ رِضَاهُمَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ هَذَا إذَا كَانَا كَبِيرَيْنِ وَإِنْ كَانَا صَغِيرَيْنِ يَجُوزُ الْإِجْبَارُ عِنْدَهُ أَيْضًا (دُونَ مُكَاتَبِهِ وَمُكَاتَبَتِهِ) ؛ لِأَنَّهُمَا الْتَحَقَا بِالْأَحْرَارِ فِي التَّصَرُّفِ فَيُشْتَرَطُ رِضَاهُمَا.
[بَابُ نِكَاحِ الْكَافِرِ]
ِ وَالْمُنَاسَبَةُ ظَاهِرَةٌ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الرِّقَّ أَثَرُ الْكُفْرِ إلَّا أَنَّ الْكَافِرَ أَدْنَى مِنْهُ وَالتَّعْبِيرُ بِالْكَافِرِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ بَعْضِهِمْ بِنِكَاحِ أَهْلِ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَشْمَلُ الْكِتَابِيَّ (وَإِذَا) (تَزَوَّجَ كَافِرٌ بِلَا شُهُودٍ، أَوْ فِي عِدَّةِ كَافِرٍ آخَرَ) ؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ فِي عِدَّةِ مُسْلِمٍ فَسَدَ النِّكَاحُ بِالْإِجْمَاعِ.
(وَ) الْحَالُ أَنَّ (ذَلِكَ جَائِزٌ فِي دِينِهِمْ) قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُمْ لَوْ لَمْ يَدِينُوا جَوَازَهُ لَمْ يُقِرَّا عَلَيْهِ فِي الْإِسْلَامِ (ثُمَّ أَسْلَمَا) (أُقِرَّا) أَيْ تُرِكَا (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى ذَلِكَ النِّكَاحِ وَلَمْ يُجَدَّدْ عِنْدَ الْإِمَامِ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ لَا يُمْكِنُ إثْبَاتُهَا حَقًّا لِلشَّرْعِ؛ لِأَنَّهُمْ غَيْرُ مُخَاطَبِينَ بِالْفُرُوعِ وَلَاحِقًا لِلزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُهَا (خِلَافًا لَهُمَا فِي الْعِدَّةِ) ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ فِي الْعِدَّةِ حَرَامٌ بِالْإِجْمَاعِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ بِغَيْرِ شُهُودٍ وَهُمْ لَمْ يَلْتَزِمُوا أَحْكَامَنَا بِجَمِيعِ اخْتِلَافَاتِهَا لَكِنْ فِيهِ كَلَامٌ قَدْ قَرَّرْنَاهُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ النِّكَاحِ تَتَبَّعْ.
وَقَالَ زُفَرُ: النِّكَاحُ فَاسِدٌ فِي الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ تَبَعٌ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ وَهُمْ لَا يُجَوِّزُونَ نِكَاحَهُمْ بِغَيْرِ شُهُودٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute