للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُطْلَقًا لَيْسَ لِوُقُوعِهِ فِي النَّفْيِ بَلْ لِأَنَّ الْحَامِلَ عَلَى الْيَمِينِ بَعْضُهُ لَهُمْ وَهُوَ غَيْرُ مُخْتَلِفٍ، وَقَدْ قَرَّرَهُ فِي التَّقْرِيرِ بِمَا لَا مَزِيدَ عَلَيْهِ، فَإِنْ قِيلَ سَلَّمْنَا أَنَّ لَفْظَ الْمَوَالِي مُشْتَرَكٌ وَحُكْمُهُ التَّوَقُّفُ فَكَيْفَ حُكِمَ بِبُطْلَانِهَا؟ قُلْنَا إنَّ ذَلِكَ فِيمَا إذَا مَاتَ الْمُوصِي قَبْلَ الْبَيَانِ وَالتَّوَقُّفُ فِي مِثْلِهِ لَا يُفِيدُ، فَإِنْ قِيلَ التَّرْجِيحُ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى مُمْكِنٌ وَهِيَ أَنَّ شُكْرَ الْمُنْعِمِ وَاجِبٌ فَتُصْرَفُ إلَى الْمَوَالِي الَّذِينَ أَعْتَقُوهُمْ. وَأَمَّا فَضْلُ الْأَنْعَامِ فِي حَقِّ الَّذِينَ أَعْتَقَهُمْ هُوَ فَمَنْدُوبٌ إلَيْهِ وَالصَّرْفُ إلَى الْوَاجِبِ أَوْلَى مِنْ الصَّرْفِ إلَى الْمَنْدُوبِ كَمَا هُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ بِهَذَا الْمَعْنَى قُلْنَا أُجِيبَ بِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ بِجِهَةٍ أُخْرَى وَهِيَ جَرَيَانُ الْعُرْفِ بِالْوَصِيَّةِ لِلْفُقَرَاءِ وَالْغَالِبُ فِي الْمُعْتَقِينَ بِفَتْحِ التَّاءِ أَنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ وَفِي الْمُعْتِقِينَ بِكَسْرِهَا الْغَالِبُ أَنْ يَكُونُوا أَغْنِيَاءَ وَالْمَعْرُوفُ عُرْفًا كَالْمَشْرُوطِ شَرْعًا كَمَا هُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ بِهَذَا الْمَعْنَى.

(وَأَقَلُّ الْجَمْعِ اثْنَانِ فِي الْوَصَايَا كَالْمَوَارِيثِ) لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ الْوَصَايَا أُخْتُ الْمَوَارِيثِ وَقَدْ وَرَدَ النَّصُّ فِي الْقُرْآنِ بِإِطْلَاقِ الْجَمْعِ عَلَى الِاثْنَيْنِ فِي الْمَوَارِيثِ فَقُلْنَا فِي الْوَصَايَا إنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ فِيهَا اثْنَانِ أَيْضًا حَمْلًا عَلَى مَا وَرَدَ بِهِ النَّصُّ فِي الْمَوَارِيثِ.

[بَاب الْوَصِيَّة بِالْخِدْمَةِ وَالسُّكْنَى وَالثَّمَرَة]

لَمَّا فَرَغَ مِنْ ذِكْرِ أَحْكَامِ الْوَصَايَا الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْأَعْيَانِ شَرَعَ فِي بَيَانِ الْوَصَايَا الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمَنَافِعِ وَأَخَّرَ هَذَا الْبَابَ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْمَنَافِعَ بَعْدَ وُجُودِ الْأَعْيَانِ لِيُوَافِقَ الْوَضْعُ الطَّبْعَ.

(تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ وَسُكْنَى دَارِهِ وَبِغَلَّتِهِمَا) أَيْ الْعَبْدِ وَالدَّارِ (مُدَّةً مُعَيَّنَةً) كَسَنَةٍ أَوْ سَنَتَيْنِ مَثَلًا (وَأَبَدًا) ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ تَحْمِلُ التَّمْلِيكَ بِبَدَلٍ وَغَيْرِ بَدَلٍ فِي حَالِ الْحَيَاةِ فَيُحْتَمَلُ التَّمْلِيكُ بَعْدَ الْمَمَاتِ كَالْأَعْيَانِ دَفْعًا لِلْحَاجَةِ وَهَذَا لِأَنَّ الْمُوصِيَ يُبْقِي الْعَيْنَ عَلَى مِلْكِهِ حَتَّى يَجْعَلَهُ مَشْغُولًا بِتَصَرُّفِهِ مَوْقُوفًا عَلَى حَاجَتِهِ وَإِنَّمَا تَحْدُثُ الْمَنْفَعَةُ عَلَى مِلْكِهِ كَمَا يَسْتَوْفِي الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ الْمَنْفَعَةَ عَلَى حُكْمِ مِلْكِ الْوَاقِفِ يَجُوزُ مُؤَقَّتًا وَمُؤَبَّدًا كَالْعَارِيَّةِ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْمِيرَاثِ فَالْإِرْثُ لَا يَجْرِي فِي الْخِدْمَةِ بِدُونِ الرَّقَبَةِ؛ لِأَنَّ الْوِرَاثَةَ خِلَافَةٌ وَتَفْسِيرُهَا أَنْ يَقُومَ الْوَارِثُ مَقَامَ الْمُوَرِّثِ فِيمَا كَانَ مِلْكًا لِلْمُوَرِّثِ، وَهَذَا إنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِيمَا يَبْقَى وَقْتَيْنِ وَالْمَنْفَعَةُ لَا تَبْقَى وَقْتَيْنِ فَأَمَّا الْوَصِيَّةُ فَإِيجَابُ مِلْكٍ بِالْعَقْدِ كَالْإِجَارَةِ وَالْإِعَارَةِ وَكَذَا الْوَصِيَّةُ بِغَلَّةِ الْعَبْدِ وَالدَّارِ؛ لِأَنَّهَا بَدَلُ الْمَنْفَعَةِ فَأَخَذَتْ حُكْمَهَا (فَإِنْ خَرَجَ ذَلِكَ) الْمَذْكُورُ مِنْ رَقَبَةِ الْعَبْدِ وَالدَّارِ (مِنْ الثُّلُثِ سُلِّمَ إلَى الْمُوصَى لَهُ) بِخِدْمَتِهِ وَسُكْنَاهُ فِيهَا؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُوصَى لَهُ فِي الثُّلُثِ لَا يُزَاحِمُهُ الْوَرَثَةُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ (قُسِمَتْ الدَّارُ) عَيْنُهَا أَثْلَاثًا (وَتَهَايَئَا فِي الْعَبْدِ يَوْمَيْنِ لَهُمْ وَيَوْمًا لَهُ) ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُوصَى لَهُ فِي الثُّلُثِ وَحَقَّهُمْ فِي الثُّلُثَيْنِ كَمَا فِي الْوَصِيَّةِ بِالْعَيْنِ وَلَا يُمْكِنُ قِسْمَةُ الْعَبْدِ أَجْزَاءً؛ لِأَنَّهُ مِمَّا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ فَصِرْنَا إلَى الْمُهَايَأَةِ هَذَا إذَا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ غَيْرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>