الْمُعْتَكِفِ مُذَكِّرَةٌ كَحَالَةِ الْإِحْرَامِ وَالصَّلَاةِ فَلَا يُعْذَرُ بِالنِّسْيَانِ بِخِلَافِ حَالِ الصَّوْمِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يَبْطُلُ إذَا كَانَ نَاسِيًا وَكَذَا فِي الدَّوَاعِي بِلَا شَهْوَةٍ (أَوْ فِي اللَّيْلِ) ؛ لِأَنَّ اللَّيْلَ مَحَلُّ الِاعْتِكَافِ كَالنَّهَارِ.
(وَ) كَذَا يَفْسُدُ (بِاللَّمْسِ وَالْقُبْلَةِ وَالْوَطْءِ فِي غَيْرِ فَرْجٍ أَيْضًا إنْ أَنْزَلَ) ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ مَعَ الْإِنْزَالِ فِي مَعْنَى الْجِمَاعِ وَإِنْ أَمْنَى بِالتَّفَكُّرِ أَوْ النَّظَرِ لَا يَفْسُدُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ (فَلَا) يَفْسُدُ لِعَدَمِ الْجِمَاعِ صُورَةً وَمَعْنًى، وَإِنْ حَرُمَ.
(وَيُكْرَهُ لَهُ الصَّمْتُ) إنْ اعْتَقَدَ أَنَّ الصَّمْتَ قُرْبَةٌ لِلنَّهْيِ عَنْهُ وَإِلَّا فَلَا يُكْرَهُ.
(وَ) يُكْرَهُ (الْكَلَامُ إلَّا بِخَيْرٍ) أَيْ مِمَّا لَا إثْمَ فِيهِ فَإِنَّ حُرْمَةَ التَّكَلُّمِ الشَّرَّ فِي وَقْتِ الِاعْتِكَافِ أَشَدُّ مِنْهُ فِي غَيْرِهِ.
(وَمَنْ نَذَرَ) بِلَا نِيَّةِ اللَّيَالِيِ (اعْتِكَافَ أَيَّامٍ لَزِمَتْهُ) أَيْ لَزِمَتْ (بِلَيَالِيِهَا) لِتَقَدُّمِهِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ ذِكْرَهُ أَحَدَ الْعَدَدَيْنِ عَلَى طَرِيقِ الْجَمْعِ يَنْتَظِمُ مَا بِإِزَائِهِ مِنْ الْعَدَدِ الْآخَرِ وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ مَنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ لَيَالٍ لَزِمَهُ بِأَيَّامِهَا الْمُتَأَخِّرَةِ.
(وَإِنْ نَذَرَ) الِاعْتِكَافَ (يَوْمَيْنِ) بِلَا نِيَّةِ لَيْلَتَيْهِمَا (لَزِمَاهُ بِلَيْلَتَيْهِمَا) وَكَذَا الْعَكْسُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّ الْمُثَنَّى كَالْجَمْعِ (خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ فِي اللَّيْلَةِ الْأُولَى مِنْهُمَا) ؛ لِأَنَّ الِاعْتِكَافَ لَا يَكُونُ بِاللَّيْلِ إلَّا تَبَعًا لِضَرُورَةِ الِاتِّصَالِ إذْ الْأَصْلُ فِيهِ الِاتِّصَالُ وَهَذِهِ الضَّرُورَةُ لَمْ تُوجَدْ فِي اللَّيْلَةِ الْأُولَى.
(وَإِنْ نَوَى النُّهُرَ) جَمْعُ نَهَارٍ يَعْنِي إنْ نَوَى فِي نَذْرِهِ اعْتِكَافَ أَيَّامٍ (خَاصَّةٍ) أَيْ خُصَّتْ بِنِيَّةِ النَّهَارِ وَانْفَرَدَتْ مِنْ نِيَّةِ اللَّيْلِ خَاصَّةً وَانْفَرَدَا مِنْهَا وَالْجُمْلَةُ حَالٌ مِنْ النِّيَّةِ (صَحَّتْ) نِيَّتُهُ فِي الصُّورَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ نَوَى حَقِيقَةَ كَلَامِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى بِالْأَيَّامِ اللَّيَالِيَ خَاصَّةً فَإِنَّهُ لَا تَصِحُّ نِيَّتُهُ وَلَزِمَهُ اللَّيَالِي وَالنُّهُرُ؛ لِأَنَّهُ نَوَى مَا لَا يَحْتَمِلُهُ كَلَامُهُ كَمَا لَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ وَنَوَى النَّهَارَ خَاصَّةً أَوْ نَوَى اللَّيْلَ خَاصَّةً فَإِنَّهُ لَا تَصِحُّ نِيَّتُهُ؛ لِأَنَّ الشَّهْرَ اسْمٌ لِعَدَدٍ مُقَدَّرٍ مُشْتَمِلٍ عَلَى الْأَيَّامِ وَاللَّيَالِيِ فَلَا يُحْتَمَلُ مَا دُونَهُ (وَيَلْزَمُ التَّتَابُعُ وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (لَمْ يَلْتَزِمْهُ) بِخِلَافِ الصَّوْمِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ اللَّيَالِيَ قَابِلَةٌ لِلِاعْتِكَافِ غَيْرُ قَابِلَةٍ لِلصَّوْمِ فَيَلْزَمُ الِاعْتِكَافُ عَلَى التَّتَابُعِ حَتَّى يَنُصَّ عَلَى التَّفْرِيقِ وَلَا يَلْزَمُ الصَّوْمُ عَلَى التَّفْرِيقِ حَتَّى يَنُصَّ عَلَى التَّتَابُعِ.
(وَيَلْزَمُ) الِاعْتِكَافُ (بِالشُّرُوعِ) يَعْنِي إذَا شَرَعَ فِي الِاعْتِكَافِ بِنِيَّةِ النَّفْلِ فَقَطَعَهُ قَبْلَ تَمَامِ يَوْمٍ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ؛ لِأَنَّ أَقَلَّهُ يَوْمٌ عَلَى رِوَايَةٍ (إلَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ) فَلَا يَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ؛ لِأَنَّ أَقَلَّهُ سَاعَةٌ عِنْدَهُ.
[كِتَابُ الْحَجِّ]
الْوُجُوهُ الْمَذْكُورَةُ فِي تَرْتِيبِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْكُتُبِ تَقْتَضِي تَأْخِيرَ الْحَجِّ إلَى هُنَا وَوَجْهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute