يُحَدُّ.
وَفِي الْمِنَحِ إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ غَائِبَةً وَأَقَرَّ الرَّجُلُ أَنَّهُ زَنَى بِهَا أَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ فَإِنَّهُ يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ.
(وَمَنْ زَنَى بِأَمَةٍ فَقَتَلَهَا) أَيْ الْأَمَةَ (بِهِ) أَيْ بِفِعْلِ الزِّنَاءِ (لَزِمَهُ) أَيْ الْفَاعِلَ (الْحَدُّ، وَالْقِيمَةُ) عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ؛ لِأَنَّهُ جَنَى جِنَايَتَيْنِ فَيُوَفَّرُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا حُكْمُهَا (وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ) لَزِمَهُ (الْقِيمَةُ فَقَطْ) ؛ لِأَنَّ تَقَرُّرَ ضَمَانِ الْقِيمَةِ سَبَبٌ لِمِلْكِ الْأَمَةِ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ لَوْ زَنَى بِجَارِيَةٍ، ثُمَّ اشْتَرَاهَا أَوْ زَنَى بِهَا، ثُمَّ نَكَحَهَا أَوْ زَنَى بِجَارِيَةٍ جَنَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ الزِّنَاءِ فَدَفَعَتْ إلَى الزَّانِي بَعْدَ الزِّنَاءِ بِسَبَبِ الْجِنَايَةِ أَمَّا لَوْ فَدَاهَا الْمَوْلَى بَعْدَ الْجِنَايَةِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ اتِّفَاقًا أَوْ زَنَى بِهَا، ثُمَّ غَصَبَهَا وَضَمِنَ قِيمَتَهَا أَمَّا لَوْ غَصَبَهَا، ثُمَّ زَنَى بِهَا، ثُمَّ ضَمِنَ قِيمَتَهَا فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ قَيَّدَ بِالْجَارِيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ زَنَى بِالْحُرَّةِ فَقَتَلَهَا بِهِ يَجِبُ الْحَدُّ مَعَ الدِّيَةِ اتِّفَاقًا.
وَفِي الْحَقَائِقِ وَضْعُ هَذَا إذْ لَوْ زَنَتْ بِعَبْدٍ، ثُمَّ اشْتَرَتْهُ يُحَدَّانِ اتِّفَاقًا.
(وَالْخَلِيفَةُ) أَيْ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ الَّذِي لَيْسَ فَوْقَهُ إمَامٌ (يُؤْخَذُ بِالْمَالِ وَبِالْقِصَاصِ) إذَا أَخَذَ مَالًا أَوْ قَتَلَ بِغَيْرِ حَقٍّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ وَيَسْتَوْفِيهِ وَلِيُّ الْحَقِّ إمَّا بِتَمْكِينِهِ أَوْ بِالِاسْتِعَانَةِ بِمَنْعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْقَضَاءُ لِاسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ، وَالْأَمْوَالِ إلَّا إذَا أَنْكَرَ الْأَمْوَالَ (لَا بِالْحَدِّ) ؛ لِأَنَّ إقَامَتَهُ مُفَوَّضَةٌ إلَيْهِ فَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُقِيمَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَذَا الْقَاضِي بِخِلَافِ أَمِيرِ الْبَلْدَةِ فَإِنَّهُ يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ بِأَمْرِ الْإِمَامِ.
[بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الزِّنَاءِ وَالرُّجُوعِ عَنْهَا]
(لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِحَدٍّ) أَيْ بِمَا يُوجِبُهُ كَالزِّنَاءِ مَثَلًا (مُتَقَادِمٍ) أَيْ مُوجِبُهُ أَوْ سَبَبُهُ، وَهُوَ الزِّنَاءُ فَإِسْنَادُهُ إلَى الْحَدِّ مَجَازٌ (مِنْ غَيْرِ بُعْدٍ عَنْ الْإِمَامِ) يَعْنِي أَنَّ عَدَمَ الْقَبُولِ مَشْرُوطٌ بِقُرْبِ الْحَاكِمِ بِحَيْثُ يَقْدِرُ عَلَى أَدَائِهَا مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ وَإِلَّا تُقْبَلُ.
وَفِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ الْبُعْدُ عُذْرًا، بَلْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْ نَحْوِ مَرَضٍ أَوْ خَوْفِ طَرِيقٍ وَلَوْ فِي بُعْدِ يَوْمَيْنِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْأَعْذَارِ الَّتِي يَظْهَرُ أَنَّهَا مَانِعَةٌ مِنْ الْمُسَارَعَةِ انْتَهَى فَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لَكَانَ أَوْلَى تَأَمَّلْ، وَالْأَصْلُ أَنَّ الْحُدُودَ الْخَالِصَةَ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى تَبْطُلُ بِالتَّقَادُمِ؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ حِسْبَتَيْنِ أَدَاءُ الشَّهَادَةِ، وَالسِّتْرُ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ سَتَرَ عَلَى أَخِيهِ الْمُسْلِمِ عَوْرَةً سَتَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ عَوْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» فَالتَّأْخِيرُ إنْ كَانَ لِلسَّتْرِ فَالْإِقْدَامُ عَلَى الْأَدَاءِ بَعْدَهُ يَكُونُ عَنْ عَدَاوَةٍ وَإِلَّا صَارَ فَاسِقًا آثِمًا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ، وَالْمِنَحِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ فِي الْعِبَارَةِ تَسَاهُلًا مَشْهُورًا فَإِنَّ الَّذِي يَبْطُلُ بِالتَّقَادُمِ الشَّهَادَةُ بِأَسْبَابِهَا (إلَّا فِي) حَدِّ (الْقَذْفِ) ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى فِيهِ شَرْطٌ فَيُحْمَلُ تَأْخِيرُهُمْ عَلَى انْعِدَامِ الدَّعْوَى فَلَا يُوجِبُ تَفْسِيقَهُمْ.
(وَفِي السَّرِقَةِ يَضْمَنُ) السَّارِقُ (الْمَالَ) الْمَسْرُوقَ إذَا ثَبَتَ بِالشَّهَادَةِ وَلَا يَضُرُّهُ التَّقَادُمُ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ الْعَبْدِ لَكِنْ لَا يُحَدُّ السَّارِقُ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَلِهَذَا لَوْ شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ عَلَى السَّرِقَةِ يُقْضَى بِالْمَالِ دُونَ الْقَطْعِ وَفِي كَثِيرٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute