وَإِلَّا فَلَا سَائِبَةَ فِي الْإِسْلَامِ فَكَيْفَ يَصِحُّ قَوْلُهُمْ أَنْبَتَ فِي مِلْكِهِ؟ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ كَوْنَهَا كَذَلِكَ إنَّمَا هُوَ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ أَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا فَهِيَ مَمْلُوكَةٌ وَقَوْلُهُمَا رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ (إلَّا مَا جَفَّ) فَإِنَّهُ حَطَبٌ يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ (وَالتَّصَدُّقُ مُتَعَيَّنٌ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ) أَيْ فِي ذَبْحِ صَيْدِ الْحَرَمِ وَحَلْبِهِ وَقَطْعِ حَشِيشِهِ وَشَجَرِهِ (وَلَا يُجْزِئُ الصَّوْمُ) لَكِنْ يَجُوزُ الطَّعَامُ وَالْهَدْيُ (وَحَرُمَ رَعْيُ حَشِيشِهِ) عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ؛ لِأَنَّهُ كَالْقَطْعِ وَعِنْدَهُ لَا بَأْسَ بِهِ لِضَرُورَةِ الزَّائِرِينَ (وَقَطْعُهُ إلَّا الْإِذْخِرَ) وَقَدْ اسْتَثْنَاهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِالْتِمَاسِ الْعَبَّاسِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - (وَكُلُّ مَا عَلَى الْمُفْرِدِ بِهِ دَمٌ) بِسَبَبِ جِنَايَتِهِ عَلَى إحْرَامِهِ (فَعَلَى الْقَارِنِ بِهِ دَمَانِ) لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ لِهَتْكِ حُرْمَةِ إحْرَامَيْنِ وَفِيهِ خِلَافُ الشَّافِعِيِّ هَذَا إذَا كَانَ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَأَمَّا بَعْدَهُ فَفِي غَيْرِ الْجِمَاعِ دَمٌ كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَقَيَّدْنَا بِسَبَبِ جِنَايَتِهِ عَلَى إحْرَامِهِ يَعْنِي بِفِعْلِ شَيْءٍ مِنْ مَحْظُورَاتِهِ لَا مُطْلَقًا لِيَسْتَقِيمَ كُلِّيًّا فَإِنَّ الْمُفْرِدَ إذَا تَرَكَ وَاجِبًا مِنْ وَاجِبَاتِ الْحَجِّ لَزِمَهُ دَمٌ وَإِذَا تَرَكَهُ الْقَارِنُ لَا يَتَعَدَّدُ الدَّمُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ جِنَايَةً عَلَى الْإِحْرَامِ (إلَّا أَنْ يُجَاوِزَ الْمِيقَاتَ غَيْرَ مُحْرِمٍ) بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَحِينَئِذٍ عَلَيْهِ دَمٌ لِتَرْكِ حَقِّ الْوَقْتِ وَقَالَ زُفَرُ يَجِبُ فِيهِ دَمَانِ.
(وَإِنْ قَتَلَ مُحْرِمَانِ صَيْدًا فَعَلَى كُلِّ) وَاحِدٍ (مِنْهُمَا جَزَاءٌ كَامِلٌ) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِي قَوْلٍ.
(وَإِنْ قَتَلَ حَلَالَانِ صَيْدَ الْحَرَمِ فَعَلَيْهِمَا جَزَاءٌ وَاحِدٌ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ جَزَاءَ الْفِعْلِ وَهُوَ مُتَعَدِّدٌ وَهَذَا جَزَاءُ الْمَحَلِّ وَهُوَ وَاحِدٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقْسَمَ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ إذَا قَتَلَهُ جَمَاعَةٌ وَلَوْ قَتَلَ حَلَالٌ وَمُحْرِمٌ فَعَلَى الْمُحْرِمِ جَمِيعُ الْقِيمَةِ وَعَلَى الْحَلَالِ نِصْفُهَا وَلَوْ قَتَلَهُ حَلَالٌ وَمُفْرِدٌ وَقَارِنٌ فَعَلَى الْحَلَالِ ثُلُثُ الْجَزَاءِ وَعَلَى الْمُفْرِدِ جَزَاءٌ وَعَلَى الْقَارِنِ جَزَاءَانِ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ (وَيَبْطُلُ بَيْعُ الْمُحْرِمِ الصَّيْدَ وَشِرَاؤُهُ) فَلَوْ قَبَضَ فَعَطِبَ فِي يَدِهِ فَعَلَيْهِ وَعَلَى الْبَائِعِ الْجَزَاءُ؛ لِأَنَّ بَيْعَهُ حَيًّا تَعَرُّضٌ لِلصَّيْدِ بِفَوَاتِ الْأَمْنِ وَبَيْعَهُ بَعْدَمَا قَتَلَهُ بَيْعُ مَيْتَةٍ.
وَفِي مَبْسُوطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ يَفْسُدُ بَيْعُهُ.
(وَمَنْ أَخْرَجَ ظَبْيَةَ الْحَرَمِ) حَلَالًا لَوْ مُحْرِمًا (فَوَلَدَتْ وَمَاتَا) أَيْ الظَّبْيَةُ وَالْوَلَدُ (ضَمِنَهُمَا) ؛ لِأَنَّهُ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُ إلَى مَأْمَنِهِ وَهَذِهِ صِفَةٌ شَرْعِيَّةٌ فَتَسْرِي إلَى الْوَلَدِ.
(وَإِنْ أَدَّى جَزَاءَهَا ثُمَّ وَلَدَتْ لَا يَضْمَنُ الْوَلَدَ) وَكَذَا كُلُّ زِيَادَةٍ مِنْ سِمَنٍ أَوْ شَعْرٍ إنْ كَانَ قَبْلَ التَّكْفِيرِ يَضْمَنُ الزِّيَادَةَ وَالْأَصْلَ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ التَّكْفِيرِ لَا وَلَوْ ذَبَحَ الْأُمَّ وَالْوَلَدَ يَحِلُّ وَيُكْرَهُ كَمَا فِي التَّبْيِينِ.
[بَابُ مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ بِلَا إحْرَامٍ]
(بَابُ مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ بِلَا إحْرَامٍ) (مَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ) قَاصِدًا دُخُولَ مَكَّةَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْصِدْ بَلْ أَرَادَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute