هَذَا بِقَوْلِهِ: أَكْثَرُ مُدَّةِ النِّفَاسِ أَرْبَعُونَ يَوْمًا إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ مَا تَرَاهُ عَقِيبَ الثَّانِي إنْ كَانَ قَبْلَ الْأَرْبَعِينَ فَهُوَ نِفَاسُ الْأَوَّلِ لِتَمَامِهَا، وَاسْتِحَاضَةٌ بَعْدَ تَمَامِهَا.
وَفِي الْمُحِيطِ فَإِنْ وَلَدَتْ ثَلَاثَةَ أَوْلَادٍ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي أَقَلُّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَبَيْنَ الثَّانِي وَالثَّالِثِ كَذَلِكَ، وَلَكِنْ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ أَكْثَرُ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُجْعَلُ كَحَمْلٍ وَاحِدٍ (خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ) وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ؛ لِأَنَّ نِفَاسَهَا مِنْ الثَّانِي لِانْسِدَادِ فَمِ الرَّحِمِ بِالثَّانِي فَلَا يَكُونُ مَا تَرَاهُ عَقِيبَ الْأَوَّلِ مِنْ الرَّحِمِ بَلْ هُوَ اسْتِحَاضَةٌ (وَانْقِضَاءُ الْعِدَّةِ مِنْ) الْوَلَدِ (الْأَخِيرِ إجْمَاعًا) ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِفَرَاغِ الرَّحِمِ، وَلَا فَرَاغَ مَعَ بَقَاءِ الْوَلَدِ.
(وَالسِّقْطُ) مُثَلَّثَةٌ اسْمٌ لِلْوَلَدِ السَّاقِطِ قَبْلَ تَمَامِهِ (إنْ ظَهَرَ بَعْضُ خَلْقِهِ) كَشَعْرٍ وَأَنْفٍ وَيَدٍ وَرِجْلٍ (فَهُوَ وَلَدٌ تَصِيرُ بِهِ أُمُّهُ نُفَسَاءَ وَالْأَمَةُ أُمُّ وَلَدٍ) إنْ ادَّعَاهُ السَّيِّدُ.
(وَيَقَعُ) بِهِ (الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ بِالْوِلَادَةِ) بِأَنْ قَالَ: إنْ وَلَدْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ.
(وَتَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ) ؛ لِأَنَّهُ وَلَدٌ لَكِنَّهُ نَاقِصُ الْخِلْقَةِ، وَنُقْصَانُ الْخِلْقَةِ لَا يَمْنَعُ أَحْكَامَ الْوِلَادَةِ، وَفِي قَوْلِ صَاحِبِ التَّبْيِينِ وَلَا يَسْتَبِينُ خَلْقُهُ إلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا نُظِرَ فَلْيُتَأَمَّلْ.
[دَمُ الِاسْتِحَاضَةِ]
(وَدَمُ الِاسْتِحَاضَةِ كَرُعَافٍ دَائِمٍ لَا يَمْنَعُ صَلَاةً وَلَا صَوْمًا وَلَا وَطْءً) وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَمْ تُذْكَرْ فِي مَوْضِعِهَا، وَالْمُنَاسِبُ أَنْ تُذْكَرَ فِي فَصْلِ الْمُسْتَحَاضَةِ تَدَبَّرْ.
[فَصْلٌ الْمُسْتَحَاضَةُ وَمَنْ بِهِ سَلَسُ بَوْلٍ]
فَصْلٌ
(الْمُسْتَحَاضَةُ وَمَنْ بِهِ سَلَسُ بَوْلٍ أَوْ) مَنْ بِهِ (اسْتِطْلَاقُ بَطْنٍ أَوْ انْفِلَاتُ رِيحٍ أَوْ رُعَافٌ دَائِمٌ أَوْ جُرْحٌ لَا يَرْقَأُ) الِاسْتِحَاضَةُ فِي اللُّغَةِ اسْتِمْرَارُ الدَّمِ بِالْمَرْأَةِ بَعْدَ أَيَّامِهَا وَسَلَسُ الْبَوْلِ اسْتِرْسَالُهُ وَعَدَمُ اسْتِمْسَاكِهِ وَاسْتِطْلَاقُ الْبَطْنِ جَرَيَانُهُ وَانْفِلَاتُ الرِّيحِ أَنْ لَا يَسْتَطِيعَ جَمْعَ مَقْعَدِهِ كُلَّ الْجَمْعِ وَالْجُرْحُ الَّذِي لَا يَرْقَأُ وَهُوَ الَّذِي يَسْكُنُ دَمُهُ (يَتَوَضَّئُونَ لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ، وَيُصَلُّونَ بِهِ فِي الْوَقْتِ مَا شَاءُوا مِنْ فَرْضٍ وَنَفْلٍ) مَا دَامَ الْوَقْتُ بَاقِيًا، وَالْمُرَادُ بِالنَّفْلِ مَا زَادَ عَلَى الْفَرْضِ فَيَشْمَلُ الْوَاجِبَ وَالنَّذْرَ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَتَوَضَّئُونَ لِكُلِّ صَلَاةِ فَرْضٍ وَيُصَلُّونَ بِهِ مِنْ النَّوَافِلِ مَا شَاءُوا تَبَعًا لِذَلِكَ الْفَرْضِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْمُسْتَحَاضَةُ تَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ» أَطْلَقَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصَّلَاةَ وَالْمُطْلَقُ يَنْصَرِفُ إلَى الْكَامِلِ، وَالْكَامِلُ هِيَ الْمَكْتُوبَةُ وَلَنَا أَنَّ اللَّامَ فِي لِكُلِّ صَلَاةٍ تُسْتَعَارُ لِلْوَقْتِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: ٧٨] وَإِلَّا لَزِمَ الْوُضُوءُ لِقَضَاءِ كُلِّ صَلَاةٍ لَوْ كَانَتْ عَلَيْهَا صَلَوَاتٌ، وَهَذَا حَرَجٌ وَهُوَ مَدْفُوعٌ عَلَى أَنَّ الْحُفَّاظَ اتَّفَقُوا عَلَى ضَعْفِ مُتَمَسَّكِهِ عَلَى مَا حَكَاهُ النَّوَوِيُّ فِي الْمَذْهَبِ (وَيَبْطُلُ) الْوُضُوءُ (بِخُرُوجِهِ) أَيْ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ (فَقَطْ) هَذَا إذَا كَانَ الْعُذْرُ مَوْجُودًا وَقْتَ الْوُضُوءِ أَوْ بَعْدَهُ أَمَّا لَوْ وُجِدَ قَبْلَهُ ثُمَّ انْقَطَعَ وَاسْتَمَرَّ الِانْقِطَاعُ إلَى أَنْ خَرَجَ الْوَقْتُ فَلَا يَبْطُلُ وُضُوءُهُ، وَلِهَذَا جَازَ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ لِلْمُسْتَحَاضَةِ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ إذَا لَمْ يَكُنْ الدَّمُ سَائِلًا وَقْتَ الْوُضُوءِ وَاللُّبْسِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute