وَبَطَلَ فِيمَا بَقِيَ عِنْدَهُمَا كَمَا فِي الْبَحْرِ.
وَعَنْ هَذَا قَالَ (وَلَوْ كَرَّرَ أَعْطِنِي صَحَّ فِي الْفُلُوسِ اتِّفَاقًا) لِأَنَّهُ لَمَّا كَرَّرَ صَارَ عَقْدَيْنِ، وَفِي الثَّانِي رِبًا، وَفَسَادُ أَحَدِ الْبَيْعَيْنِ لَا يُوجِبُ فَسَادَ الْآخَرِ.
وَفِي الْمِنَحِ قَالَ أَبُو النَّصْرِ الْأَقْطَعُ: هَذَا غَلَطٌ مِنْ النَّاسِخِ لِأَنَّ الْعَقْدَ فِيهِ فَاسِدٌ عِنْدَ الْإِمَامِ وَعِنْدَهُمَا جَائِزٌ فِي الْفُلُوسِ، فَاسِدٌ فِي قَدْرِ النِّصْفِ الْآخَرِ عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي الصَّفْقَةِ الْوَاحِدَةِ إذَا تَضَمَّنَتْ الصَّحِيحَ وَالْفَاسِدَ.
وَفِي الْفَتْحِ اعْتِرَاضٌ وَجَوَابٌ. فَلْيُطَالَعْ.
(وَلَوْ قَالَ أَعْطِنِي بِهِ) أَيْ بِالدِّرْهَمِ (نِصْفَ دِرْهَمٍ فُلُوسٍ) قَالَ الْمَوْلَى سَعْدِيٌّ: قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ يَجُوزُ فِي فُلُوسٍ الْجَرُّ صِفَةً لِدِرْهَمٍ، وَالنَّصْبُ صِفَةً لِنِصْفِ، وَيَجُوزُ عَلَى رِوَايَةِ الْجَرِّ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِلنِّصْفِ، وَالْجَرُّ عَلَى الْجِوَارِ (وَنِصْفًا إلَّا حَبَّةً صَحَّ فِي الْكُلِّ وَالنِّصْفِ) وَالْأَوْلَى بِالْفَاءِ التَّفْرِيعِيَّةِ (إلَّا حَبَّةً بِمِثْلِهِ وَالْفُلُوسُ بِالْبَاقِي) لِأَنَّهُ ذَكَرَ الْمُثَمَّنَ وَلَمْ يَقْسِمْهُ عَلَى أَجْزَاءِ الثَّمَنِ فَيَكُونُ النِّصْفُ إلَّا حَبَّةً فِي مُقَابَلَةِ مِثْلِهِ وَمَا بَقِيَ مِنْ نِصْفٍ وَحَبَّةٍ فِي مُقَابَلَةِ الْفُلُوسِ.
وَفِي التَّنْوِيرِ: وَالْأَمْوَالُ ثَلَاثَةٌ ثَمَنٌ بِكُلِّ حَالٍ وَهُوَ النَّقْدَانِ صَحِبَتْهُ الْبَاءُ أَوْ لَا قُوبِلَ بِجِنْسِهِ أَوْ لَا وَمَبِيعٌ بِكُلِّ حَالٍ كَالثِّيَابِ وَالدَّوَابِّ وَثَمَنٌ مِنْ وَجْهٍ مَبِيعٌ مِنْ وَجْهٍ كَالْمِثْلِيَّاتِ فَإِنْ اتَّصَلَ بِهَا الْبَاءُ فَثَمَنٌ، وَإِلَّا فَمَبِيعٌ وَأَمَّا الْفُلُوسُ فَإِنْ كَانَتْ رَائِجَةً أُلْحِقَتْ بِالثَّمَنِ، وَإِلَّا فَبِالسِّلْعَةِ، وَمِنْ حُكْمِ الثَّمَنِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ وُجُودِهِ فِي مِلْكِ الْعَاقِدِ عِنْدَ الْعَقْدِ، وَعَدَمُ بُطْلَانِ الْعَقْدِ بِهَلَاكِ الثَّمَنِ، وَيَصِحُّ الِاسْتِبْدَالُ بِهِ فِي غَيْرِ الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ، وَحُكْمُ الْمَبِيعِ خِلَافُ الثَّمَنِ فِي الْكُلِّ فَيُشْتَرَطُ وُجُودُ الْمَبِيعِ فِي مِلْكِهِ.
[كِتَاب الْكِفَالَة]
ِ عَقَّبَ الْبُيُوعَ بِذِكْرِ الْكَفَالَةِ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا فِي الْبِيَاعَاتِ غَالِبًا، وَلِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ بِأَمْرٍ كَانَ فِيهَا مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ انْتِهَاءً فَنَاسَبَ ذِكْرُهَا عَقِيبَ الْبُيُوعِ الَّتِي هِيَ مُعَاوَضَةٌ، وَ (هِيَ) فِي اللُّغَةِ الضَّمُّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا} [آل عمران: ٣٧] أَيْ ضَمَّهَا إلَى نَفْسِهِ، وَقُرِئَ بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ وَنَصْبِ زَكَرِيَّا أَيْ جَعَلَهُ كَافِلًا لَهَا وَضَامِنًا لِمَصَالِحِهَا.
وَفِي الشَّرْعِ (ضَمُّ ذِمَّةٍ) أَيْ ذِمَّةِ الْكَفِيلِ (إلَى ذِمَّةٍ) أَيْ إلَى ذِمَّةِ الْأَصِيلِ (فِي الْمُطَالَبَةِ) ، وَفِي الْمِنَحِ: وَأَصْلُهُ أَنَّ الْكَفِيلَ وَالْمَكْفُولَ عَنْهُ صَارَا مَطْلُوبَيْنِ لِلْمَكْفُولِ لَهُ، سَوَاءٌ كَانَ الْمَطْلُوبُ مِنْ أَحَدِهِمَا هُوَ الْمَطْلُوبَ مِنْ الْآخَرِ كَمَا فِي الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ أَوْ لَا كَمَا فِي الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ فَإِنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْ الْأَصِيلِ الْمَالُ وَمِنْ الْكَفِيلِ إحْضَارُ النَّفْسِ، وَلَفْظُ الْمُطَالَبَةِ بِإِطْلَاقِهِ يَنْتَظِمُهُمَا هَذَا عَلَى رَأْيِ بَعْضِهِمْ، وَجَزَمَ الْمَوْلَى مِسْكِينٌ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ بِأَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْهُمَا وَاحِدٌ وَهُوَ تَسْلِيمُ النَّفْسِ فَإِنَّ الْمَطْلُوبَ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ النَّفْسِ، وَالْكَفِيلُ قَدْ الْتَزَمَهُ، إذَا عَلِمْتَ هَذَا ظَهَرَ لَك أَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ إلَى قَوْلِ صَاحِبِ الدُّرَرِ فِي مُطَالَبَةِ النَّفْسِ أَوْ الْمَالِ أَوْ التَّسْلِيمِ لِأَنَّ الْمُطَالَبَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute