كَمَا فِي الْبَحْرِ (فَإِنْ كَسَدَتْ) أَيْ اشْتَرَى بِهَا شَيْئًا فَكَسَدَتْ قَبْلَ التَّسْلِيمِ (فَالْخِلَافُ كَمَا فِي كَسَادِ الْمَغْشُوشِ) يَعْنِي يَبْطُلُ الْبَيْعُ عِنْدَ الْإِمَامِ خِلَافًا لَهُمَا هَكَذَا ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ الْخِلَافَ.
وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ وَشَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَالْأَسْرَارِ الْبُطْلَانُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ خِلَافٍ سِوَى خِلَافِ زُفَرَ كَمَا فِي أَكْثَرِ شُرُوحِ الْهِدَايَةِ، لَكِنْ فِي الْفَتْحِ جَوَابٌ فَحَاصِلُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَسَادِ الْمَغْشُوشَةِ وَكَسَادِ الْفُلُوسِ، إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا سِلْعَةٌ بِحَسَبِ الْأَصْلِ ثَمَنٌ بِالِاصْطِلَاحِ، فَإِنَّ غَالِبَةَ الْغِشِّ الْحُكْمُ فِيهَا لِلْغَالِبِ وَهُوَ النُّحَاسُ مَثَلًا فَلَوْ لَمْ يَنُصَّ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْفُلُوسِ وَجَبَ الْحُكْمُ بِهِ.
(وَلَوْ اسْتَقْرَضَهَا) أَيْ الْفُلُوسَ (فَكَسَدَتْ يَرُدُّ مِثْلَهَا) أَيْ إذَا كَانَتْ هَالِكَةً عِنْدَ الْإِمَامِ، وَإِذَا كَانَتْ قَائِمَةً فَيَرُدُّ عَيْنَهَا بِالْإِجْمَاعِ، لِأَنَّ الْمَرْدُودَ فِي الْقَرْضِ جُعِلَ عَيْنَ الْمَقْبُوضِ حُكْمًا، وَإِلَّا يَلْزَمُ مُبَادَلَةُ جِنْسٍ بِجِنْسٍ نَسِيئَةً، وَإِنَّهُ حَرَامٌ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الرَّوَاجُ (وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ قِيمَتَهَا) أَيْ قِيمَةَ الْفُلُوسِ (يَوْمَ الْقَرْضِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَوْمَ الْكَسَادِ) وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ أَيْسَرُ لِلْفَتْوَى لِأَنَّ يَوْمَ الْقَبْضِ يُعْلَمُ بِلَا كُلْفَةٍ، وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ أَنْظَرُ فِي حَقِّ الْمُسْتَقْرِضِ لِأَنَّ قِيمَتَهَا يَوْمَ الِانْقِطَاعِ أَقَلُّ، وَكَذَا فِي حَقِّ الْمُقْرِضِ بِالنَّظَرِ إلَى قَوْلِ الْإِمَامِ لَا إلَى الْمُفْتِي لِأَنَّ يَوْمَ الْكَسَادِ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِحَرَجٍ (وَلَا يَجُوزُ الْبَيْعُ بِغَيْرِ النَّافِقَةِ مَا لَمْ تُعَيَّنْ) لِأَنَّهَا سِلْعَةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِهَا.
(وَمَنْ اشْتَرَى بِنِصْفِ دِرْهَمٍ فُلُوسٍ أَوْ دَانِقٍ) بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِهَا سُدُسُ الدِّرْهَمِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَطْفًا عَلَى دِرْهَمٍ أَوْ عَلَى نِصْفِ وَهُوَ الظَّاهِرُ (فُلُوسٍ أَوْ قِيرَاطٍ) وَهُوَ نِصْفُ الدَّانِقِ (فُلُوسٍ جَازَ الْبَيْعُ) عِنْدَنَا وَكَذَا بِثُلُثِ دِرْهَمٍ أَوْ رُبُعِهِ (وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُشْتَرِي (مَا يُبَاعُ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ أَوْ دَانِقٍ أَوْ قِيرَاطٍ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْفُلُوسِ فَقَوْلُهُ مِنْ الْفُلُوسِ بَيَانٌ لِمَا يُبَاعُ؛ لِأَنَّ التَّبَايُعَ بِهَذَا الطَّرِيقِ مُتَعَارَفٌ فِي الْقَلِيلِ مَعْلُومٌ بَيْنَ النَّاسِ لَا تَفَاوُتَ فِيهِ فَلَا يُؤَدِّي إلَى النِّزَاعِ وَاقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى مَا دُونَ الدِّرْهَمِ لِأَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى بِدِرْهَمٍ فُلُوسٍ أَوْ بِدِرْهَمَيْنِ فُلُوسٍ لَا يَجُوزُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ لِعَدَمِ الْعُرْفِ وَجَوَّزَهُ أَبُو يُوسُفَ لِلْعُرْفِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي الْكَافِي.
(وَلَوْ دَفَعَ إلَى صَيْرَفِيٍّ) وَهُوَ مَنْ يُمَيِّزُ الْجَوْدَةَ مِنْ الرَّدَاءَةِ (دِرْهَمًا وَقَالَ: أَعْطِنِي بِنِصْفِهِ فُلُوسًا وَبِنِصْفِهِ نِصْفًا) أَيْ مَا ضُرِبَ مِنْ الْفِضَّةِ مَا يُسَاوِي وَزْنَ نِصْفِ دِرْهَمٍ (إلَّا حَبَّةً فَسَدَ الْبَيْعُ فِي الْكُلِّ) عِنْدَ الْإِمَامِ لِأَنَّ الْفَسَادَ قَوِيٌّ فِي الْبَعْضِ وَهُوَ قَوْلُهُ نِصْفَ دِرْهَمٍ إلَّا حَبَّةً لِتَحَقُّقِ الرِّبَا لِأَنَّهُ بَاعَ الْفِضَّةَ بِالْفِضَّةِ مُتَفَاضِلًا وَزْنَ الْحَبَّةِ فَيَسْرِي إلَى الْبَعْضِ الْآخَرِ وَهُوَ الْفُلُوسُ لِاتِّحَادِ الصَّفْقَةِ (وَعِنْدَهُمَا صَحَّ) الْبَيْعُ (فِي الْفُلُوسِ) وَبَطَلَ فِيمَا يُقَابِلُ الْفِضَّةَ، وَأَصْلُ الْخِلَافِ أَنَّ الْعَقْدَ يَتَكَرَّرُ عِنْدَهُ بِتَكْرَارِ اللَّفْظِ وَعِنْدَهُمَا بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ، حَتَّى لَوْ قَالَ: أَعْطِنِي بِنِصْفِهِ فُلُوسًا وَأَعْطِنِي بِنِصْفِهِ نِصْفًا إلَّا حَبَّةً جَازَ الْبَيْعُ فِي الْفُلُوسِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute