إلَى أَصْلِهَا وَلَمْ تَبْقَ ثَمَنًا فَيَبْطُلُ الْبَيْعُ لِبَقَائِهِ بِلَا ثَمَنٍ، وَيَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي رَدُّ الْمَبِيعِ - إنْ كَانَ قَائِمًا - وَمِثْلِهِ أَوْ قِيمَتِهِ إنْ كَانَ هَالِكًا (وَقَالَا لَا يَبْطُلُ) الْبَيْعُ لِأَنَّ الثَّمَنَ تَعَلَّقَ بِالذِّمَّةِ، وَالْكَسَادُ عَرَضٌ عَلَى الْأَعْيَانِ دُونَ الذِّمَّةِ وَلَمَّا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ لِكَسَادِهِ تَجِبُ قِيمَتُهُ وَعَنْ هَذَا قَالَ (وَتَجِبُ قِيمَتُهُ) أَيْ قِيمَةُ الَّذِي غَلَبَ غِشُّهُ (يَوْمَ الْبَيْعِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ) لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ بِالْبَيْعِ فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ كَالْمَغْصُوبِ.
وَفِي الذَّخِيرَةِ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ (وَ) قِيمَتُهُ (آخِرَ مَا تُعُومِلَ بِهِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ) أَيْ قِيمَتُهُ يَوْمَ تَرَكَ النَّاسُ الْمُعَامَلَةَ لِأَنَّ التَّحَوُّلَ مِنْ رَدِّ الْمُسَمَّى إلَى قِيمَتِهِ إنَّمَا صَارَ بِالِانْقِطَاعِ فَيُعْتَبَرُ يَوْمُهُ.
وَحَدُّ الْكَسَادِ أَنْ تُتْرَكَ الْمُعَامَلَةُ بِهَا فِي جَمِيعِ الْبِلَادِ، وَإِنْ كَانَتْ يَرُوجُ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ لَا يَبْطُلُ لَكِنَّهُ يَتَعَيَّبُ فَيَتَخَيَّرُ الْبَائِعُ وَحَدُّ الِانْقِطَاعِ أَنْ لَا يُوجَدَ فِي السُّوقِ، وَإِنْ وُجِدَ فِي يَدِ الصَّيَارِفَةِ أَوْ فِي الْبُيُوتِ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَلَمْ يُذْكَرْ فِيمَا نَقَصَتْ قِيمَتُهَا قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ غَلَبَ.
وَفِي التَّنْوِيرِ وَلَوْ نَقَصَتْ قِيمَتُهَا قَبْلَ الْقَبْضِ فَالْبَيْعُ عَلَى حَالِهِ بِالْإِجْمَاعِ وَلَا يَتَخَيَّرُ الْبَائِعُ وَعَكْسُهُ لَوْ غَلَتْ قِيمَتُهَا وَازْدَادَتْ فَكَذَلِكَ الْبَيْعُ عَلَى حَالِهِ وَلَا يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي، وَيُطَالَبُ بِنَقْدِ ذَلِكَ الْعِيَارِ الَّذِي كَانَ وَقْتَ الْبَيْعِ.
(وَمَا لَا يَرُوجُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الَّذِي غَلَبَ غِشُّهُ كَالرَّصَاصَةِ وَالسَّتُّوقَةِ (يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ) لِزَوَالِ الْمُقْتَضِي لِلثَّمَنِيَّةِ وَهُوَ الِاصْطِلَاحُ وَيَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَذْكُرَ عَقِيبَ قَوْلِهِ وَلَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ لِكَوْنِهِ ثَمَنًا كَمَا وَقَعَ فِي سَائِرِ الْكُتُبِ. تَتَبَّعْ.
(وَالْمُتَسَاوِي الْغِشُّ كَمَغْلُوبِهِ فِي التَّبَايُعِ وَالِاسْتِقْرَاضِ) فَلَا يَجُوزُ الْبَيْعُ بِهِ وَلَا إقْرَاضُهُ إلَّا بِالْوَزْنِ بِمَنْزِلَةِ الدَّرَاهِمِ الرَّدِيئَةِ، وَلَا يَنْتَقِضُ الْعَقْدُ لِأَنَّ الْخَالِصَ فِيهِ مَوْجُودٌ حَقِيقَةً، وَلَمْ يَصِرْ مَغْلُوبًا فَيَجِبُ الِاعْتِبَارُ بِالْوَزْنِ شَرْعًا، وَإِذَا أُشِيرَ إلَيْهِ فِي الْمُبَايَعَةِ كَانَ بَيَانًا لِقَدْرِهِ وَوَصْفِهِ وَلَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ بِهَلَاكِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَيُعْطِيهِ مِثْلَهُ لِكَوْنِهِ ثَمَنًا لَمْ يَتَعَيَّنْ كَمَا فِي الْبَحْرِ.
(وَكَذَا فِي الصَّرْفِ) يَعْنِي: الْمُتَسَاوِي الْغِشُّ كَمَغْلُوبِهِ فِي الصَّرْفِ أَيْضًا حَتَّى لَا يَجُوزَ بَيْعُهُ بِجِنْسِهِ مُتَفَاضِلًا (وَقِيلَ كَغَالِبِهِ) أَيْ كَغَالِبِ الْغِشِّ حَتَّى يَجُوزَ بَيْعُهُ بِجِنْسِهِ مُتَفَاضِلًا وَلَوْ بَاعَهُ بِالْفِضَّةِ الْخَالِصَةِ لَمْ يَجُزْ حَتَّى يَكُونَ الْخَالِصُ أَكْثَرَ مِمَّا فِيهِ الْفِضَّةُ لِأَنَّهُ لَا غَلَبَةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ فَيَجِبُ اعْتِبَارُهُمَا (وَيَجُوزُ الْبَيْعُ بِالْفُلُوسِ النَّافِقَةِ وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (لَمْ تَتَعَيَّنْ) لِأَنَّهَا أَحْوَالٌ مَعْلُومَةٌ وَصَارَتْ أَثْمَانًا بِالِاصْطِلَاحِ فَجَازَ بِهَا الْبَيْعُ فَوَجَبَتْ فِي الذِّمَّةِ كَالنَّقْدَيْنِ وَلَا تَتَعَيَّنُ وَإِنْ عَيَّنَهَا كَالنَّقْدِ، إلَّا إذَا قَالَ: أَرَدْنَا تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِعَيْنِهَا فَحِينَئِذٍ يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِعَيْنِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ فَلْسًا بِفَلْسَيْنِ بِأَعْيَانِهِمَا حَيْثُ يَتَعَيَّنُ مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَعَيَّنْ لَفَسَدَ الْبَيْعُ وَهَذَا عَلَى قَوْلِهِمَا، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ لَا يَتَعَيَّنُ وَإِنْ صَرَّحَاهُ، وَأَصْلُهُ أَنَّ اصْطِلَاحَ الْعَامَّةِ لَا يَبْطُلُ بِاصْطِلَاحِهِمَا عَلَى خِلَافِهِ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا يَبْطُلُ فِي حَقِّهِمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute