بَيْن عَقْدَيْنِ صَحِيحَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، وَالْجَهَالَةُ فِي الْعَمَلِ تَرْتَفِعُ عِنْدَ الْمُبَاشَرَةِ (خِلَافًا لَهُمَا) أَيْ قَالَا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ وَاحِدٌ، وَالْأَجْرَانِ مُخْتَلِفَانِ وَلَا يَدْرِي أَيُّهُمَا يَجِبُ فَلَا يَجُوزُ وَبِهِ قَالَ زُفَرُ، وَالْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ (، وَكَذَا الْخِلَافُ) بَيْنَ الْإِمَامِ وَصَاحِبَيْهِ.
(لَوْ قَالَ: إنْ ذَهَبْتَ بِهَذِهِ الدَّابَّةِ) الْبَاءُ لِلتَّعْدِيَةِ (إلَى الْحِيرَةِ فَبِدِرْهَمٍ، وَإِنْ جَاوَزْتَهَا) أَيْ الْحِيرَةَ مُنْتَهِيًا (إلَى الْقَادِسِيَّةِ فَبِدِرْهَمَيْنِ أَوْ قَالَ: إنْ حَمَلْتِ عَلَيْهَا إلَى الْحِيرَةِ كُرَّ شَعِيرٍ فَبِدِرْهَمٍ، وَإِنْ حَمَلْت كُرَّ بُرٍّ فَبِدِرْهَمَيْنِ) فَالْعَقْدُ جَائِزٌ فِيهَا عِنْدَ الْإِمَامِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ خُيِّرَ بَيْنَ عَقْدَيْنِ صَحِيحَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْخِيَاطَةِ الرُّومِيَّةِ، وَالْفَارِسِيَّةِ، وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ وَبِهِ قَالَ زُفَرُ، وَالْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ أَحَدُ الشَّيْئَيْنِ، وَكَذَا الْأَجْرُ وَهُوَ مَجْهُولٌ، وَالْجَهَالَةُ تُوجِبُ الْفَسَادَ.
(وَلَا) يَجُوزُ أَنْ (يُسَافِرَ) الْمُسْتَأْجِرُ (بِعَبْدٍ اسْتَأْجَرَهُ لِلْخِدْمَةِ بِلَا اشْتِرَاطِهِ) أَيْ بِلَا اشْتِرَاطِ السَّفَرِ؛ لِأَنَّ فِي خِدْمَةِ السَّفَرِ زِيَادَةَ مَشَقَّةٍ فَلَا يَنْتَظِمُهَا الْإِطْلَاقُ وَعَلَيْهِ عُرْفُ النَّاسِ فَانْصَرَفَ إلَى الْحَضَرِ بِخِلَافِ الْعَبْدِ الْمُوصَى بِخِدْمَةٍ حَيْثُ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْحَضَرِ؛ لِأَنَّ مُؤْنَتَهُ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُوجَدْ الْعُرْفُ فِي حَقِّهِ إلَّا إذَا شَرَطَ ذَلِكَ أَوْ كَانَ وَقْتَ الْإِجَارَةِ مُتَهَيِّئًا لِلسَّفَرِ وَعُرِفَ بِذَلِكَ فَيَجُوزُ، وَلَوْ سَافَرَ الْمُسْتَأْجِرُ بِالْعَبْدِ الْمُتَأَجَّرِ ضَمِنَ قِيمَتَهُ لِمَالِكِهِ إذَا هَلَكَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ غَاصِبًا وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ، وَإِنْ سَلِمَ؛ لِأَنَّ الْأَجْرَ، وَالضَّمَانَ لَا يَجْتَمِعَانِ.
(وَلَوْ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا مَحْجُورًا فَعَمِلَ) الْعَبْدُ (وَأَخَذَ الْأَجْرَ لَا يَسْتَرِدُّهُ مِنْهُ) أَيْ لَا يَسْتَرِدُّ الْمُسْتَأْجِرُ مَا دَفَعَهُ إلَيْهِ لِعَمَلِهِ مِنْ الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْإِجَارَةَ بَعْدَ الْفَرَاغِ صَحِيحَةٌ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّ الْفَسَادَ لِرِعَايَةِ حَقِّ الْمَوْلَى فَبَعْدَ الْفَرَاغِ رِعَايَةُ حَقِّهِ فِي الصِّحَّةِ وَوُجُوبِ الْأَجْرِ لَهُ، وَالْقِيَاسُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ لِانْعِدَامِ إذْنِ الْمَوْلَى وَقِيَامِ الْحَجْرِ وَهُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ.
وَفِي شَرْحِ الْكَنْزِ لِلْعَيْنِيِّ، وَعَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ، وَكَذَا الْحُكْمُ فِي الصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ إذَا آجَرَ نَفْسَهُ فَالْأَجْرُ لَهُ، وَلَوْ أَعْتَقَهُ الْمَوْلَى فِي نِصْفِ الْمُدَّةِ نَفَذَتْ الْإِجَارَةُ وَلَا خِيَارَ لِلْعَبْدِ فَأَجْرُ مَا مَضَى لِلسَّيِّدِ وَأَجْرُ مَا يُسْتَقْبَلُ لِلْعَبْدِ، وَإِنْ آجَرَهُ الْمَوْلَى ثُمَّ أَعْتَقَهُ فِي نِصْفِ الْمُدَّةِ فَلِلْعَبْدِ الْخِيَارُ، فَإِنْ فَسَخَ الْإِجَارَةَ فَأَجْرُ مَا مَضَى لِلْمَوْلَى، وَإِنْ أَجَازَ فَأَجْرُ مَا يُسْتَقْبَلُ لِلْعَبْدِ، وَالْقَبْضُ لِلْمَوْلَى، وَإِذَا هَلَكَ الْعَبْدُ الْمَحْجُورُ فِي حَالَةِ الِاسْتِعْمَالِ تَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْأُجْرَةُ.
(وَلَوْ آجَرَ الْعَبْدُ الْمَغْصُوبُ نَفْسَهُ) لِآخَرَ (فَأَكَلَ غَاصِبُهُ) أَيْ الْعَبْدِ (أَجْرَهُ لَا يَضْمَنُهُ) أَيْ لَا يَضْمَنُ الْغَاصِبُ مَا أَخَذَ مِنْ الْأَجْرِ مِنْ يَدِ الْعَبْدِ فَأَتْلَفَهُ عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ إنَّمَا يَجِبُ بِإِتْلَافِ مَالٍ مُحْرَزٍ؛ لِأَنَّ التَّقَوُّمَ بِهِ وَهَذَا غَيْرُ مُحْرَزٍ فِي حَقِّ الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يُحْرِزُ نَفْسَهُ فَكَيْفَ يُحْرِزُ مَا فِي يَدِهِ كَمَا لَوْ آجَرَهُ الْغَاصِبُ فَأَخَذَ أَجْرَهُ فَأَتْلَفَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بِالِاتِّفَاقِ قَبْلَ رَدِّهِ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَوْ تَصَدُّقِهِ وَهُوَ أَوْلَى لِتَطَرُّقِ خَبَثٍ فِيهِ (خِلَافًا لَهُمَا) أَيْ قَالَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute