(وَشُرُوعُهُ فِي غَيْرِهَا) أَيْ يُفْسِدُهَا شُرُوعُ الْمُصَلِّي فِي صَلَاةٍ غَيْرِ مَا صَلَّى صُورَتُهَا صَلَّى رَكْعَةً مِنْ الظُّهْرِ مَثَلًا ثُمَّ افْتَتَحَ الْعَصْرَ أَوْ التَّطَوُّعَ فَقَدْ نَقَضَ الظُّهْرَ لِأَنَّهُ صَحَّ شُرُوعُهُ فِي غَيْرِ مَا هُوَ فِيهِ فَيَخْرُجُ عَمَّا هُوَ فِيهِ فَيَتِمُّ الثَّانِي وَلَا تُحْسَبُ مِنْهَا الرَّكْعَةُ الَّتِي صَلَّاهَا قَبْلَهَا، (لَا شُرُوعُهُ فِيهَا ثَانِيًا) أَيْ لَا يُفْسِدُهَا افْتِتَاحُ الظُّهْرِ بَعْدَمَا صَلَّى مِنْ الظُّهْرِ رَكْعَةً بَلْ يَبْقَى عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ حَتَّى يُجْزِئُ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ حَتَّى إذَا لَمْ يَقْعُدْ فِي الرَّابِعَةِ الَّتِي ثَالِثَةٌ عِنْدَهُ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ نَوَى الشُّرُوعَ فِي عَيْنِ مَا هُوَ فِيهِ إلَّا إذَا كَبَّرَ يَنْوِي إمَامَةَ النِّسَاءِ أَوْ الِاقْتِدَاءَ بِالْإِمَامِ أَوْ كَانَ مُقْتَدِيًا يَنْوِي الِانْفِرَادَ فَحِينَئِذٍ يَصِيرُ شَارِعًا فِيمَا كَبَّرَ وَيَبْطُلُ مَا مَضَى مِنْ صَلَاتِهِ لِلتَّغَايُرِ، وَلَوْ قُيِّدَ إذَا لَمْ يَتَلَفَّظْ بِلِسَانِهِ لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّهُ إنْ نَوَى بِقَلْبِهِ وَتَلَفَّظَ بِلِسَانِهِ فَسَدَتْ الْأُولَى وَصَارَ مُسْتَأْنِفًا لِلْمَنْوِيِّ ثَانِيًا مُطْلَقًا لِأَنَّ الْكَلَامَ مُفْسِدٌ.
(وَلَا إنْ نَظَرَ إلَى مَكْتُوبٍ وَفَهِمَهُ) يَعْنِي إذَا كَانَ قُدَّامَ الْمُصَلِّي شَيْءٌ مَكْتُوبٌ عَلَى الْجِدَارِ أَوْ كِتَابٌ مَنْشُورٌ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ فَنَظَرَ فِيهِ وَفَهِمَ مَعْنَاهُ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُفْسِدُ صَلَاتَهُ بِالْإِجْمَاعِ بِخِلَافِ مَا إذَا حَلَفَ لَا يَقْرَأُ كِتَابَ فُلَانٍ حَيْثُ يَحْنَثُ بِالْفَهْمِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَاكَ الْفَهْمُ أَمَّا فَسَادُ الصَّلَاةِ فَبِالْعَمَلِ الْكَثِيرِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.
(أَوْ أَكَلَ مَا بَيْنَ أَسْنَانِهِ دُونَ الْحِمِّصَةِ) لِعَدَمِ إمْكَانِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ فَيُتْبِعُ لِرِيقِهِ ضَرُورَةً وَلِهَذَا لَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ وَقِيلَ: مَا دُونَ مِلْءِ الْفَمِ حَتَّى لَوْ ابْتَلَعَ شَيْئًا بَيْنَ أَسْنَانِهِ قَدْرَ الْحِمِّصَةِ لَا تُفْسِدُ كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَكَذَا لَوْ ابْتَلَعَ عَيْنًا مِنْ السُّكَّرِ قَبْلَ الشُّرُوعِ ثُمَّ ابْتَلَعَ حَلَاوَتَهُ لَمْ تَفْسُدْ (وَتَفْسُدُ فِي قَدْرِهَا) أَيْ الْحِمِّصَةِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَا يُؤْكَلُ مِنْ الْخَارِجِ.
(وَإِنْ مَرَّ مَارٌّ فِي مَوْضِعِ سُجُودِهِ إذَا كَانَ عَلَى الْأَرْضِ أَوْ حَاذَى الْأَعْضَاءُ الْأَعْضَاءَ إذَا كَانَ عَلَى الدُّكَّانِ أَثِمَ الْمَارُّ وَلَا تَفْسُدُ) ، يَعْنِي شَرَطَ فِي كَوْنِ الْمَارِّ آثِمًا أَنْ يَمُرَّ فِي مَوْضِعِ سُجُودِهِ إذَا كَانَ الْمُصَلِّي قَائِمًا عَلَى الْأَرْضِ، أَوْ أَنْ يُحَاذِيَ جَمِيعُ أَعْضَائِهِ أَعْضَاءَ الْمُصَلِّي كُلَّهَا عِنْدَ الْبَعْضِ أَوْ أَكْثَرَهَا عِنْدَ الْآخَرِ إذَا كَانَ الْمُصَلِّي قَائِمًا عَلَى مَكَان مُرْتَفِعٍ دُونَ قَامَةٍ، حَتَّى لَوْ كَانَ الْمَكَانُ بِقَدْرِ قَامَةِ الرَّجُلِ فَلَا يَأْثَمُ، وَفِي تَفْسِيرِ مَوْضِعِ السُّجُودِ تَفْصِيلٌ، فَاعْلَمْ أَنَّ الصَّلَاةَ إنْ كَانَتْ فِي الْمَسْجِدِ الصَّغِيرِ هُوَ أَقَلُّ مِنْ سِتِّينَ ذِرَاعًا، وَقِيلَ مِنْ أَرْبَعِينَ فَالْمُرُورُ أَمَامَ الْمُصَلِّي حَيْثُ كَانَ يُوجِبُ الْإِثْمَ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ الصَّغِيرَ مَكَانٌ وَاحِدٌ فَأَمَامُ الْمُصَلِّي حَيْثُ كَانَ فِي حُكْمِ مَوْضِعِ سُجُودِهِ، وَإِنْ كَانَتْ فِي الْمَسْجِدِ الْكَبِيرِ أَوْ فِي الصَّحْرَاءِ فَعِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ إنْ مَرَّ فِي مَوْضِعِ السُّجُودِ يَأْثَمُ وَإِلَّا فَلَا، وَعِنْدَ الْبَعْضِ الْمَوْضِعُ الَّذِي يَقَعُ عَلَيْهِ النَّظَرُ إذَا كَانَ الْمُصَلِّي نَاظِرًا فِي مَوْضِعِ سُجُودِهِ فِي حُكْمِ مَوْضِعِ السُّجُودِ فَيَأْثَمُ بِالْمُرُورِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ كَمَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ، وَقِيلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute