للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوهُ، فَإِنْ عَادَ فَاقْطَعُوهُ، فَإِنْ عَادَ فَاقْطَعُوهُ، فَإِنْ عَادَ فَاقْطَعُوهُ» وَلَنَا الْإِجْمَاعُ؛ لِأَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ أَنِّي لَأَسْتَحْيِي أَنْ لَا أَدَعَ لَهُ يَدًا يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلًا يَمْشِي عَلَيْهَا وَبِهَذَا حَاجَّ بَقِيَّةَ الصَّحَابَةِ فَحَجَّهُمْ أَيْ غَلَبَهُمْ فَانْعَقَدَ إجْمَاعًا وَلَمْ يَحْتَجَّ عَلَيْهِ أَحَدٌ بِهَذَا الْحَدِيثِ فَبَانَ أَنَّهُ لَا أَصْلَ لَهُ إذْ لَوْ ثَبَتَ لَبَلَغَهُمْ، وَلَوْ بَلَغَهُمْ لَاحْتَجُّوا بِهِ، أَوْ يُحْمَلُ عَلَى السِّيَاسَةِ، أَوْ النَّسْخِ.

(وَطَلَبُ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ شَرْطُ الْقَطْعِ) ؛ لِأَنَّ الْخُصُومَةَ شَرْطٌ لِظُهُورِهَا حَتَّى لَا يُقْطَعَ، وَهُوَ غَائِبٌ، وَكَذَا إذَا غَابَ عِنْدَ الْقَطْعِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَهَبَهُ الْمَسْرُوقَ هَذَا إذَا اخْتَارَ الْمَالِكُ الْقَطْعَ، وَإِنْ قَالَ أَنَا أَضْمَنُهُ لَمْ يُقْطَعْ عِنْدَنَا كَمَا فِي الشَّرْحِ الْمَجْمَعِ (، وَلَوْ) كَانَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ (مُودَعًا، أَوْ غَاصِبًا، أَوْ صَاحِبَ الرِّبَا أَوْ مُسْتَعِيرًا، أَوْ مُسْتَأْجِرًا، أَوْ مُشَارِبًا، أَوْ مُسْتَبْضِعًا، أَوْ قَابِضًا عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ) أَيْ: بِعَقْدٍ فَاسِدٍ (أَوْ مُرْتَهِنًا) وَكُلُّ مَنْ لَهُ يَدٌ حَافِظَةٌ سِوَى الْمَالِكِ كَالْأَبِ، وَالْوَصِيِّ، وَالْوَكِيلِ وَمُتَوَلِّي الْوَقْفِ؛ لِأَنَّ وِلَايَةَ الِاسْتِرْدَادِ لَهُمْ.

وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ لَا يُقْطَعُ بِخُصُومَةِ هَؤُلَاءِ مَا لَمْ يَحْضُرْ الْمَالِكُ؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْهُمْ الْحِفْظُ دُونَ الْخُصُومَةِ (وَيُقْطَعُ) أَيْضًا (بِطَلَبِ الْمَالِكِ أَيْضًا فِي السَّرِقَةِ مِنْ هَؤُلَاءِ) ، أَوْ الْمُودَعُ، أَوْ الْغَاصِبُ إلَى آخِرِهِ إلَّا أَنَّ الرَّاهِنَ إنَّمَا يُقْطَعُ بِخُصُومَتِهِ حَالَ قِيَامِ الرَّاهِنِ قَبْلَ قَضَاءِ الدَّيْنِ أَوْ بَعْدَهُ كَمَا فِي الزَّاهِدِيِّ.

وَفِي الْفَتْحِ، وَالصَّحِيحِ مِنْ نُسَخِ الْهِدَايَةِ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْمُطَالَبَةِ بِالْعَيْنِ بِدُونِ الْقَضَاءِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ فِي رَدِّهَا تَأَمَّلْ.

(لَا) يُقْطَعُ (بِطَلَبِ السَّارِقِ، أَوْ الْمَالِكِ لَوْ سَرَقْت مِنْ السَّارِقِ بَعْدَ الْقَطْعِ) يَعْنِي إذَا سَرَقَ رَجُلٌ شَيْئًا فَقُطِعَ بِهِ وَبَقِيَ الْمَسْرُوقُ فِي يَدِهِ وَسَرَقَهُ مِنْ السَّارِقِ سَارِقٌ آخَرُ لَا يُقْطَعُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْمَالَ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ فِي حَقِّ السَّارِقِ حَتَّى لَا يَجِبَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ بِالْهَلَاكِ وَلَمْ يَنْعَقِدْ مُوجِبُهُ لِلْقَطْعِ إذْ الرَّدُّ وَاجِبٌ عَلَيْهِ وَلِلْأَوَّلِ وِلَايَةُ الْخُصُومَةِ فِي الِاسْتِرْدَادِ لِحَاجَتِهِ، وَالْوَجْهُ أَنَّهُ إذَا ظَهَرَ هَذَا الْحَالُ لِلْقَاضِي لَا يَرُدُّهُ إلَى الْأَوَّلِ وَلَا إلَى الثَّانِي إذَا رَدَّهُ لِظُهُورِ خِيَانَةِ كُلٍّ مِنْهُمْ، بَلْ يَرُدُّهُ مِنْ يَدِ الثَّانِي إلَى الْمَالِكِ إنْ كَانَ حَاضِرًا وَإِلَّا حَفِظَهُ كَمَا يَحْفَظُ أَمْوَالَ الْغُيَّبِ كَمَا فِي الْفَتْحِ (بِخِلَافِ مَا لَوْ سُرِقَتْ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ السَّارِقِ الْأَوَّلِ (قَبْلَ الْقَطْعِ، أَوْ بَعْدَ دَرْءِ الْحَدِّ بِشُبْهَةٍ) فَإِنَّهُ يُقْطَعُ بِخُصُومَةِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ سُقُوطَ التَّقَوُّمِ ضَرُورَةُ الْقَطْعِ وَلَمْ يُوجَدْ فَصَارَ كَالْغَاصِبِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَأَطْلَقَ الْكَرْخِيُّ وَالطَّحَاوِيُّ عَدَمَ قَطْعِ السَّارِقِ مِنْ السَّارِقِ لَكِنَّ الْحَقَّ مَا فِي الْهِدَايَةِ كَمَا فِي الْبَحْرِ.

(وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ أَحَدٌ لَا يُقْطَعُ) لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ طَلَبَ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ شَرْطٌ (وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (أَقَرَّ هُوَ بِهَا) أَيْ: بِالسَّرِقَةِ (وَلَا بُدَّ مِنْ حُضُورِهِ) أَيْ: حُضُورِ الطَّالِبِ (عِنْدَ الْإِقْرَارِ، وَالشَّهَادَةِ، وَالْقَطْعِ) احْتِرَازٌ عَنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>