فَإِنْ قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ وِلَايَةُ الْحَجْرِ؛ لِأَنَّ السَّاقِطَ لَا يَعُودُ قُلْت بَقَاءُ وِلَايَةِ الْحَجْرِ بِاعْتِبَارِ بَقَاءِ الرِّقِّ فَكَانَ فِي الْحَجْرِ امْتِنَاعٌ عَنْ الْإِسْقَاطِ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ إلَّا أَنَّ السَّاقِطَ لَا يَعُودُ وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ تَعَلُّقَ الْإِذْنِ بِالشَّرْطِ جَائِزٌ كَإِضَافَتِهِ إلَى الْمُسْتَقْبَلِ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ (وَلَا يَتَخَصَّصُ) بِنَوْعٍ مِنْ التِّجَارَةِ (فَإِذَا أُذِنَ فِي نَوْعٍ مِنْ التِّجَارَةِ كَانَ مَأْذُونًا فِي سَائِرِ الْأَنْوَاعِ) حَتَّى لَوْ أُذِنَ بِشِرَاءِ الْخَزِّ وَنُهِيَ عَنْ شِرَاءِ الْبَزِّ كَانَ إذْنًا بِشِرَاءِ الْبَزِّ وَغَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْعَبْدُ مُهْتَدِيًا إلَى التَّصَرُّفِ فِي غَيْرِ الْخَزِّ وَالسَّيِّدُ عَالِمٌ بِهِ فَإِنْ قُلْت إنَّهُ أَزَالَ الْحَجْرَ فِي حَقِّ تَصَرُّفٍ خَاصٍّ قُلْت نَعَمْ إلَّا أَنَّهُ يُوجِبُ الرِّضَى بِتَعْطِيلِ مَنَافِعِهِ مُطْلَقًا وَالتَّخْصِيصُ لَغْوٌ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ.
وَقَالَ زُفَرُ الْإِذْنُ عِبَارَةٌ عَنْ تَوْكِيلٍ وَإِبَانَةٍ فَيَتَقَيَّدُ بِمَا قَيَّدَ بِهِ الْمَوْلَى وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ.
(وَيَثْبُتُ) الْإِذْنُ (صَرِيحًا) كَمَا إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ أَذِنْت لَك بِالتِّجَارَةَ (وَدَلَالَةً بِأَنْ رَأَى عَبْدَهُ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي فَسَكَتَ) وَلَمْ يَمْنَعْهُ مِنْهُ فَسُكُوتُهُ إذْنٌ لَهُ فِي التِّجَارَةِ بِخِلَافِ سُكُوتِ الْقَاضِي فَإِنَّهُ لَيْسَ بِإِذْنٍ لَكِنْ لَا يَكُونُ مَأْذُونًا فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ؛ لِأَنَّهُ وَسِيلَةُ الْإِذْنِ وَوَسِيلَةُ الشَّيْءِ خَارِجٌ عَنْ ذَلِكَ الشَّيْءِ (سَوَاءٌ كَانَ الْبَيْعُ لِلْمَوْلَى أَوْ لِغَيْرِهِ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ) بَيْعًا (صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا) .
وَفِي التَّبْيِينِ هَكَذَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَغَيْرُهُ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوَاهُ إذَا رَأَى عَبْدَهُ يَبِيعُ عَيْنًا مِنْ أَعْيَانِ الْمَالِكِ فَسَكَتَ لَمْ يَكُنْ إذْنًا لَهُ وَكَذَا الْمُرْتَهِنُ إذَا رَأَى الرَّاهِنَ يَبِيعُ الرَّهْنَ فَسَكَتَ لَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ انْتَهَى لَكِنْ يُمْكِنْ التَّوْفِيقُ بَيْنَ كَلَامِ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَقَاضِي خَانْ بِأَنْ يُقَالَ إنَّ مُرَادَ قَاضِي خَانْ بِقَوْلِهِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إذْنًا لَهُ هُوَ أَنَّ سُكُوتَ الْمَالِكِ فِيمَا إذَا رَأَى عَبْدَهُ يَبِيعُ عَيْنًا مِنْ أَعْيَانِ مَالِ الْمَوْلَى لَا يَصِيرُ إذْنًا فِي حَقِّ ذَلِكَ التَّصَرُّفِ الَّذِي صَادَفَهُ السُّكُوتُ لَا فِي حَقِّ سَائِرِ تَصَرُّفَاتِ ذَلِكَ الْعَبْدِ فِي بَابِ التِّجَارَةِ مُطْلَقًا وَيَرْشُدُ إلَيْهِ قَوْلُهُ وَكَذَا الْمُرْتَهِنُ إلَى آخِرِهِ فَإِنَّ الْمُرَادَ هُنَاكَ عَدَمُ صِحَّةِ التَّصَرُّفِ الَّذِي صَادَفَهُ السُّكُوتُ لَا مَحَالَةَ وَكَذَا يُؤَيِّدُهُ مَا قَالَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ فِي هَذَا الْمَحَلِّ نَقْلًا عَنْ الذَّخِيرَةِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ مَأْذُونًا فِيمَا يُسْتَقْبَلُ فَيَصِحُّ تَصَرُّفَاتُهُ فِيهِ لَا فِيمَا يَبِيعُ مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْإِذْنِ الصَّرِيحِ بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَى مِنْ مَالِهِ فَعَلَى هَذَا أَنَّ مَا فِي الدُّرَرِ فِي هَذَا الْمَحَلِّ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ تَتَبَّعْ وَعِنْدَ زُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ لَا يَثْبُتُ الْإِذْنُ بِسُكُوتِ الْمَوْلَى عِنْدَمَا يَرَاهُ يَبِيعُ أَوْ يَشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ الرِّضَى وَالسَّخَطَ فَلَا يَثْبُتُ بِالشَّكِّ وَلَنَا أَنَّ الْعَادَةَ قَدْ جَرَتْ بِذَلِكَ لِأَجْلِ دَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ النَّاسِ.
(وَلِلْمَأْذُونِ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ (إذْنًا عَامًا لَا بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ أَوْ) شِرَاءِ (طَعَامِ الْأَكْلِ أَوْ) شِرَاءِ (ثِيَابِ الْكِسْوَةِ) يَعْنِي لِلْعَبْدِ الَّذِي قَالَ لَهُ مَوْلَاهُ قَدْ أَذِنْت لَك فِي التِّجَارَةِ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ أَوْ بِشِرَاءِ طَعَامِ الْأَكْلِ أَوْ ثِيَابِ الْكِسْوَةِ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ أَيْضًا بِنَوْعٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute