للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَلَيْسَ بِشَرْطٍ فَلَوْ وَقَفَ الذِّمِّيُّ عَلَى وَلَدِهِ وَنَسْلِهِ وَجَعَلَ آخِرَهُ لِلْمَسَاكِينِ جَازَ وَيَجُوزُ الْإِعْطَاءُ لِمَسَاكِينِ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ الذِّمَّةِ وَإِنْ خَصَّصَ فُقَرَاءَ أَهْلِ الذِّمَّةِ اُعْتُبِرَ شَرْطُهُ كَالْمُعْتَزِلِيِّ إذَا خَصَّصَ أَهْلَ الِاعْتِزَالِ فَيُفَرَّقُ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوس مِنْهُمْ إلَّا إنْ خَصَّصَ صِنْفًا مِنْهُمْ فَلَوْ دَفَعَ الْقَيِّمُ إلَى غَيْرِهِمْ كَانَ ضَامِنًا وَشَرْطُ صِحَّةِ وَقْفِهِ أَنْ يَكُونَ قُرْبَةً عِنْدَنَا وَعِنْدَهُمْ فَلَوْ وَقْفٌ عَلَى بِيعَةٍ فَإِذَا خَرِبَتْ كَانَ لِلْفُقَرَاءِ لَمْ يَصِحَّ وَكَانَ مِيرَاثًا لِأَنَّهُ لَيْسَ بِقُرْبَةٍ عِنْدَنَا كَالْوَقْفِ عَلَى الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِقُرْبَةٍ عِنْدَهُمْ بِخِلَافِ مَا إذَا وَقَفَ عَلَى مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَهُمْ فَلَوْ أَنْكَرَ فَشَهِدَ عَلَيْهِ ذِمِّيَّانِ عَدْلَانِ فِي مِلَّتِهِمْ قُضِيَ عَلَيْهِ بِالْوَقْفِ.

وَفِي الْحَاوِي وَقْفُ الْمَجُوسِيِّ عَلَى بَيْتِ النَّارِ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى عَلَى الْبِيعَةِ وَالْكَنِيسَةِ بَاطِلٌ إذَا كَانَ فِي عَهْدِ الْإِسْلَامِ وَمَا كَانَ مِنْهَا فِي أَيَّامِ الْجَاهِلِيَّةِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ إذَا دَخَلَ عَهْدُ عَقْدِ الذِّمَّةِ لَا يَتَعَرَّضُ كَمَا فِي الْبَحْرِ، وَشَرِيعَةً عِنْدَ الْإِمَامِ (حَبْسُ الْعَيْنَ) وَمَنْعُ الرَّقَبَةِ الْمَمْلُوكَةِ بِالْقَوْلِ عَنْ تَصَرُّفِ الْغَيْرِ حَالَ كَوْنِهَا مُقْتَصِرَةً (عَلَى) حُكْمِ (مِلْكِ الْوَاقِفِ) فَالرَّقَبَةُ بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِهِ فِي حَيَاتِهِ وَمِلْكِ وَرَثَتِهِ فِي وَفَاتِهِ بِحَيْثُ يُبَاعُ وَيُوهَبُ إلَّا أَنَّ مَا يَأْتِي مِنْ النَّذْرِ بِالْمَنْفَعَةِ يَأْبَى عَنْهُ وَيُشْكِلُ بِالْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ حَبْسٌ عَلَى مِلْكِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْإِجْمَاعِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ تَعْرِيفٌ لِلْوَقْفِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ لَكِنْ فِيهِ مَا فِيهِ تَدَبَّرْ، وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا بِالْقَوْلِ لِأَنَّهُ لَوْ كَتَبَ صُورَةَ الْوَقْفِيَّةِ مَعَ الشَّرَائِطِ بِلَا تَلَفُّظٍ لَا يَصِيرُ وَقْفًا بِالِاتِّفَاقِ.

(وَ) حَبْسُهَا عَلَى (التَّصَدُّقِ بِالْمَنْفَعَةِ) عَلَى الْفُقَرَاءِ وَعَلَى وَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْخَيْرِ، وَلَوْ قَالَ وَصَرْفِ مَنْفَعَتِهِ إلَى وَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْخَيْرِ لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّ الْمَوْقُوفَ لَهُ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ فَقِيرًا وَالتَّصَدُّقُ لَا يَكُونُ إلَّا لَهُ تَدَبَّرْ ثُمَّ قِيلَ الْمَنْفَعَةُ مَعْدُومَةٌ وَالتَّصَدُّقُ بِالْمَعْدُومِ لَا يَصِحُّ فَلَا يَجُوزُ الْوَقْفُ أَصْلًا عِنْدَهُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ جَائِزٌ إجْمَاعًا إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ عِنْدَهُ (كَالْعَارِيَّةِ) حَتَّى يَرْجِعَ فِيهِ أَيَّ وَقْتٍ شَاءَ وَيُورَثُ عَنْهُ إذَا مَاتَ وَهُوَ الْأَصَحُّ (فَلَا يَلْزَمُ وَلَا يَزُولُ مِلْكُهُ) أَيْ مِلْكُ الْمَالِكِ الْمَجَازِيِّ عَنْ الْعَيْنِ (إلَّا أَنْ يَحْكُمَ بِهِ حَاكِمٌ) وَلَّاهُ الْإِمَامُ فَإِنَّهُ يَزُولُ مِلْكُهُ حِينَئِذٍ وَيَصِيرُ لَازِمًا فَلَمْ يَصِرْ بَعْدَهُ مِلْكًا لِأَحَدٍ، وَهَذَا إذَا ذَكَرَ الْوَاقِفُ شَرَائِطَ اللُّزُومِ وَإِلَّا لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ إلَّا إذَا حَكَمَ بِلُزُومِهِ وَطَرِيقُ الْمُرَافَعَةِ أَنْ يُرِيدَ الْوَاقِفُ الرُّجُوعَ بَعْدَمَا سَلَّمَهُ إلَى الْمُتَوَلِّي مُحْتَجًّا بِعَدَمِ اللُّزُومِ عِنْدَ الْإِمَامِ فَيَخْتَصِمَانِ إلَى الْقَاضِي فَيَقْضِي بِاللُّزُومِ عَلَى قَوْلِهِمَا فَيَلْزَمُ لِأَنَّهُ قَضَى فِي مَحَلٍّ مُجْتَهَدٍ فِيهِ وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إلَى الدَّعْوَى عِنْدَ الْبَعْضِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ الشَّهَادَةَ بِالْوَقْفِ بِدُونِ الدَّعْوَى مَقْبُولَةٌ كَمَا فِي الْمِنَحِ وَغَيْرِهِ لَكِنَّ هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>