للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(فَإِنْ كَانَ لَهُمْ) أَيْ لِلْبُغَاةِ (فِئَةٌ) أَيْ جَمَاعَةٌ يَلْحَقُونَ بِهِمْ (أُجْهِزَ) عَلَى صِيغَةِ مَبْنِيٍّ لِلْمَفْعُولِ (عَلَى جَرِيحِهِمْ) وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ إتْمَامِ الْقَتْلِ.

وَفِي الْبَحْرِ وَجَهَزَ عَلَى الْجَرِيحِ اتَّبَعَ وَجَهَزَ أَثْبَتَ قَتْلَهُ وَأَسْرَعَهُ وَتَمَّمَ عَلَيْهِ وَمَوْتٌ مُجْهَزٌ وَجَهِيزٌ سَرِيعٌ كَمَا فِي الْقَامُوسِ (وَأُتْبِعَ مُوَلِّيهِمْ) عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ لِلْقَتْلِ وَالْأَسْرِ لِأَنَّ جَرِيحَهُمْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَبْرَأَ فَيَعُودَ إلَى الْقِتَالِ وَكَذَا مَنْ وَلَّى مِنْهُمْ وَمُوَلِّيهِمْ بِالنَّصْبِ مَفْعُولٌ ثَانٍ وَهُوَ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ وَلَّى تَوْلِيَةً إذَا أَدْبَرَ كَتَوَلَّى وَلَمْ يَذْكُرْ حُكْمَ أَسِرْهُمْ.

وَفِي الِاخْتِيَارِ الْأَحْسَنِ الْحَبْسُ لِأَنَّهُ يُؤْمَنُ بِهِ شَرُّهُ مِنْ غَيْرِ قَتْلٍ وَفِي الْمَرْأَةِ الْمُقَاتِلَةِ إذَا أُخِذَتْ حُبِسَتْ وَلَا تُقْتَلُ إلَّا فِي حَالِ مُقَاتَلَتِهَا وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لَا يُجْهَزُ وَلَا يُتْبَعُ (وَإِلَّا) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِئَةٌ (فَلَا) يُجْهِزُ عَلَى جَرِيحِهِمْ وَلَا يُتْبَعُ مُوَلِّيهِمْ لِأَنَّ شَرَّهُمْ مُنْدَفِعٌ بِدُونِهِ فَلَا قَتْلَ لِكَوْنِهِمْ مُسْلِمِينَ (وَلَا تُسْبَى ذُرِّيَّتُهُمْ) وَشَيْخُهُمْ وَزَمِنُهُمْ وَأَعْمَاهُمْ لِأَنَّهُمْ لَا يَقْتُلُونَ إذَا كَانُوا مَعَ الْكُفَّارِ فَهَذَا أَوْلَى كَمَا فِي الِاخْتِيَارِ وَعَلَى هَذَا يُقْتَلُ إنْ كَانَ ذَا رَأْيٍ أَوْ مَالٍ كَمَا إذَا كَانُوا مَعَ الْكُفَّارِ (وَلَا يَقْسِمُ مَالَهُمْ بَلْ يَحْبِسُ) أَمْوَالَهُمْ (حَتَّى يَتُوبُوا فَيَرُدَّ عَلَيْهِمْ) بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَعْصِمُ النَّفْسَ وَالْمَالَ وَالْحَبْسَ كَانَ لِدَفْعِ شَرِّهِمْ.

(وَجَازَ اسْتِعْمَالُ سِلَاحِهِمْ وَخَيْلِهِمْ عِنْدَ الْحَاجَةِ) فَلَوْ كَانَ غَيْرَ مُحْتَاجٍ إلَيْهِمَا وَضَعَ السِّلَاحَ عِنْدَ سَائِرِ أَمْوَالِهِمْ وَيُبَاعُ الْخَيْلُ وَحُبِسَ ثَمَنُهُ لِاحْتِيَاجِهِ إلَى النَّفَقَةِ وَلَا يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ مَالُ مُسَلِّمٍ فَلَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ إلَّا بِرِضَاهُ وَلَنَا أَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَسَمَ السِّلَاحَ فِيمَا بَيْنَ أَصْحَابِهِ بِالْبَصْرَةِ وَكَانَتْ قِسْمَتُهُ لِلْحَاجَةِ لَا لِلتَّمْلِيكِ وَإِنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ فِي مَالِ الْعَادِلِ عِنْدَ الْحَاجَةِ فَفِي مَالِ الْبَاغِي أَوْلَى.

(وَإِنْ قَتَلَ بَاغٍ مِثْلَهُ فَظَهَرَ عَلَيْهِمْ) أَيْ عَلَى الْبُغَاةِ (لَا يَجِبُ شَيْءٌ) مِنْ الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ لِانْقِطَاعِ وِلَايَةِ الْإِمَامِ عَنْهُمْ.

وَفِي الْبَحْرِ يَصْنَعُ بِقَتْلَى أَهْلِ الْعَدْلِ مَا يَصْنَعُ بِسَائِرِ الشُّهَدَاءِ لِأَنَّهُمْ شُهَدَاءُ وَأَمَّا قَتْلَى أَهْلِ الْبَغْيِ فَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِمْ وَلَكِنَّهُمْ يُغَسَّلُونَ وَيُكَفَّنُونَ وَيُدْفَنُونَ وَهُوَ الصَّحِيحُ.

(وَإِنْ غَلَبُوا عَلَى) أَهْلِ (مِصْرٍ فَقَتَلَ بَعْضُ أَهْلِهِ) أَيْ أَهْلِ الْمِصْرِ (آخَرَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمِصْرِ (عَمْدًا قُتِلَ) الْقَاتِلُ قِصَاصًا (بِهِ) أَيْ بِقَتْلِ مِثْلِهِ (إذَا ظَهَرَ عَلَى الْمِصْرِ) إذَا لَمْ يُجْرِ عَلَى أَهْلِ الْمِصْرِ أَحْكَامَ الْبُغَاةِ وَأُزْعِجُوا قَبْلَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ تَنْقَطِعْ وِلَايَةُ الْإِمَامِ وَبَعْدَ إجْرَاءِ أَحْكَامِهِمْ تَنْقَطِعُ فَلَا يَجِبُ الْقِصَاصُ وَلَكِنْ يَسْتَحِقُّ عَذَابَ الْآخِرَةِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْفَتْحِ وَبِهَذَا ظَهَرَ لَك أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ هَذَيْنِ الْقَيْدَيْنِ، تَدَبَّرْ.

(وَإِنْ قَتَلَ عَادِلٌ مُوَرِّثَهُ الْبَاغِيَ يَرِثُهُ) أَيْ يَرِثُ الْعَادِلُ مِنْ ذَلِكَ الْبَاغِي مُطْلَقًا لِأَنَّهُ قَتْلٌ بِحَقٍّ وَفِي إشْعَارٍ بِأَنَّهُ يَحِلُّ لِلْعَادِلِ قَتْلُ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ إلَّا أَنَّهُ لَا يُبَاشِرُ قَتْلَهُ إلَّا دَفْعًا لِهَلَاكِ نَفْسِهِ وَيَحْتَالُ فِي إمْسَاكِهِ لِيَقْتُلَ غَيْرَهُ.

(وَلَوْ) كَانَ الْأَمْرُ (بِالْعَكْسِ) أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>